ألقى البابا فرنسيس الإثنين خطابا في مؤتمر ديني في ثاني أيام زيارته التاريخية إلى الإمارات، دعا فيه إلى وقف الحروب والتمييز على أساس ديني في الشرق الأوسط.
من جهته، دعا شيخ الجامع الأزهر أحمد الطيب يوم الاثنين المسلمين في الشرق الأوسط إلى "احتضان" الطوائف المسيحية في دولهم.
وقال مخاطبا المسلمين في كلمة بثها التلفزيون خلال مراسم في العاصمة الإماراتية أبوظبي شارك فيها البابا فرنسيس: "استمروا في احتضان إخوانكم من المواطنين المسيحيين في كل مكان.. فهم شركاؤنا في الوطن".
ثم وجه حديثه للمسيحيين قائلا: "أنتم جزء من هذه الأمة وأنتم مواطنون ولستم أقلية وأرجوكم أن تتخلصوا من ثقافة مصطلح الأقلية الكريه، فأنتم مواطنون كاملو الحقوق والمسؤوليات".
ودعا شيخ الأزهر كذلك المسلمين في الغرب إلى الاندماج في دولهم المضيفة واحترام القوانين المحلية.
وتعول مصر على علماء الأزهر في حربها ضد الإسلاميين المتشددين. واستضاف الأزهر البابا فرنسيس عام 2017 لتحسين العلاقات بين الكاثوليك والمسلمين.
في ما يأتي النص الحرفي للمقتطفات الرئيسية من خطاب البابا في "مؤتمر الأخوّة الإنسانية" في العاصمة الإماراتية أبوظبي:
رفض العنف
"يجب أن تُدان، وبدون تردّد، جميع أشكالِّ العنف، لأنّ استعمال اسم الله لتبرير الكراهية والبطش ضدّ الأخ، إنما هو تدنيسٌ خطيرٌ لاسمه. فلا وجود لعنفٍ يمكن تبريره دينيًّا.
لذلك أرغب في التعبير عن تقديري لالتزام هذا البلد (الإمارات) في الموافقة على حريّة العبادة وضمانها، مواجهًا التطرّف والكراهية. بهذه الطريقة، فيما تُعزَّز الحريّة الأساسيّة للمرء بإعلان إيمانه الشخصي، والتي هي ضرورة جوهريّة كي يحقّق الإنسان ذاته، يتمُّ السهر أيضًا حتى لا يتمَّ استغلال الديانة، وتتعرّض لخطر نكران ذاتها بقبولها للعنف والإرهاب".
الحرية الدينية
"إن كنّا نؤمن بوجود العائلة البشريّة، فيجب بالتالي المحافظة عليها، كعائلة. وكما في كلّ عائلة، ذلك يكون أوّلًا من خلال حوار، يوميّ وحقيقي. هذا الأمر يستلزم هويّة شخصيّة لا يجب التخلّي عنها لإرضاء الآخر. ولكنّه يتطلّب في الوقت عينه شجاعة الاختلاف التي تتضمّن الاعتراف الكامل بالآخر وبحريّته، وما ينتج عنه من التزام ببذل الذات كي يتمّ التأكيد على حقوقه الأساسيّة، في كلِّ مكان، ومن قِبَل الجميع. لأننا بدون حريّة لا نكون بعد أبناء العائلة البشريّة وإنما عبيد.
من بين الحرّيات، أرغب في تسليط الضوء على الحريّة الدينيّة. فهي لا تقتصر على حريّة العبادة، بل ترى في الآخر أخًا بالفعل، وابنا لبشريّتي نفسها، ابنا يتركه الله حرًّا، ولا يمكن بالتالي لأيّة مؤسّسة بشريّة أن تجبره حتى باسم الله".
الجسور بين الشعوب
"ليس هناك من بديل آخر: إمّا نبني المستقبل معًا وإلّا فلن يكون هناك مستقبل. لا يمكن للأديان، بشكل خاص، أن تتخلّى عن الواجب الملحّ في بناء جسور بين الشعوب والثقافات".
العدالة
"العدالة تكون مزيفةً إنْ لم تكُن كونيّة. فالعدالة الموجهّة فقط إلى أفراد العائلة، وأبناء الوطن، ومؤمني الديانة نفسها، هي عدالةٌ عرجاء، إنها ظلم مقنّع".
المساواة في الحقوق
"أتمنّى أن تبصر النور، ليس هنا فقط بل في كلّ منطقة الشرق الأوسط الحبيبة والحيويّة، فرصٌ ملموسة للقاء: مجتمعاتٌ يتمتّع فيها أشخاصٌ ينتمون إلى ديانات مختلفة بحقّ المواطنة نفسه".
السلام
"في هذه المرحلة التاريخية الدقيقة، يقع على عاتق الديانات، ربّما أكثر من أيّ وقت مضى، واجب لا يمكن إرجاؤه بعد اليوم: الإسهام بشكل فاعل في تجريد قلب الإنسان من السلاح. إن سباق التسلّح، وتمديد مناطق النفوذ، والسياسات العدائيّة، على حساب الآخرين، لن تؤدّي أبدًا إلى الاستقرار. الحرب لا تولّد سوى البؤس، والأسلحةُ لا تولّد سوى الموت.
إن الأخوّة البشريّة تتطلّب منّا، كممثّلي الأديان، واجبَ حظر كلّ تلميح إلى الموافقة على كلمة +حرب+. دعونا نعيد هذه الكلمة إلى قسوتها البائسة. فأمام أعيننا نجد نتائجها المشؤومة. أفكّر بنوع خاص باليمن، وسوريا والعراق وليبيا. لنلتزم معًا، كأخوة في العائلة البشريّة الواحدة التي شاءها الله، ضدّ منطق القوّة المسلحة، ضدّ تقييم العلاقات بوزنها الاقتصادي، ضدّ التسلّح على الحدود وبناء الجدران وخنق أصوات الفقراء".