أعرب معهد باريس الفرانكفوني للحريات، الأحد، عن "قلقه البالغ" من الانتهاكات التي تعرض لها عمال من جنسيات مختلفة من طرف السلطات السعودية، بعد حراك احتجاجي نظموه، الأربعاء الماضي، للمطالبة بصرف رواتبهم المتأخرة منذ أكثر من نصف عام.
وأوضح المعهد الحقوقي، في بيان اطلعت عليه "عربي21"، أن ما جرى بحق عمال إحدى شركات المقاولات في منطقة الظهران (شرق السعودية)، حلقة في مسلسل طويل عن الانتهاكات المتواصلة لحقوق العمال في المملكة، والتعسف باستخدام القوة ضدّهم لدى محاولتهم الاحتجاج على سوء أوضاعهم، بدلا من إنصافهم.
وأشار المعهد إلى أنه تلقى شهادات من عمال أفادوا بأنهم تجمهروا، أمام مقر شركة (إزميل) للمقاولات في مدينة الظهران، يوم الأربعاء الماضي، اعتراضاً على تأخر صرف رواتب منذ ستة إلى ثمانية أشهر متتالية.
وبحسب إحدى تلك الشهادات، فقد دفعت السلطات السعودية بقوات أمنية خاصة طوّقت محيط العمال المتظاهرين، وباشرت بالاعتداء عليهم بالضرب المبرح وتوجيه الشتائم والإهانات لهم، قبل اعتقال أغلبهم.
ولفت معهد باريس إلى أن أحد العمال سبق هو وزملاؤه أن توجّهوا لوزارة العمل السعودية بشكاوى حول معاناتهم من تأخير صرف الرواتب وسوء المعاملة وتردّي ظروف العمل، "غير أنهم تلقّوا تهديدات لسحب الشكاوى دون أي اتخاذ أي إجراء لمتابعة قضيتهم".
وبحسب هؤلاء العمال، يضيف البيان، فإن الشركة المذكورة "تمتلك علاقات نافذة مع السلطات السعودية، وإن صحت تلك التقديرات، فإن ذلك يحمّل السلطات في الرياض مزيدا من المسؤولية القانونية والأخلاقية والإنسانية".
اقرأ أيضا: إندبندنت: أزمات السعودية والإمارات تقلق المستثمرين والعمالة
وأكد المعهد أن "الحادثة المذكورة من قمع واعتقال وإهانة عمال لمجرد مطالبتهم بصرف رواتبهم المتأخرة، ليست منعزلة عن سلسلة حوادث مشابه تعرّض فيها عمّال وافدون في السعودية للقتل والاعتداء والاعتقال التعسفي خلال الأعوام الأخيرة، حتى بات الأمر ظاهرة متفشية في المملكة، بسبب فشل أنظمتها في حماية حقوق العمال، وانعدام المساءلة لمرتكبي هذه الانتهاكات"، وفق تعبيره.
ودعا معهد باريس، السلطات السعودية إلى القيام بإصلاحات شاملة وجذرية في القطاع العمالي؛ "بما يكفل صون كامل حقوق العمالة الوافدة، وتوفير مقومات الحياة الكريمة لأفرادها، والسعي لحفظ الحقوق الأساسية في العمل".
كما دعا المعهد، منظمة العمل الدولية إلى فتح تحقيق فوري في الحادثة واتخاذ تدابير ضد انتهاكات حقوق العمال في السعودية؛ عبر إيفاد لجنة للإشراف على أوضاعهم والتحقيق فيها، إلى جانب وضع حد لما يتعرضون له من انتهاكات واسعة تتمثّل في الأجور المتدنية وتأخير صرفها، فضلا عن مصادرة حقوقهم الأساسية بموجب نظام الكفالة المعمول به في المملكة؛ كالحق في التنقل والسفر.
وتشهد السعودية منذ أكثر من عامين، إضرابات واحتجاجات متكررة من قبل العمال بسبب تأخر رواتبهم لأشهر طويلة، لاسيما العاملين في قطاع المقاولات.
وعلى مدى عقود، لعبت العمالة الأجنبية دورا حيويا في اقتصاد السعودية؛ إذ يمثّل تعدادهم نحو ثلث عدد سكان المملكة البالغ 33 مليون نسمة، يرفدون القطاع الخاص بأكثر من 80 في المئة من العمالة المطلوبة لتشغيله.
اقرأ أيضا: إماراتي احتجز عماله الهنود في قفص حيوانات يبرر فعلته (شاهد)
إيقاف مسؤول يمني عن العمل لهذا السبب.. ما علاقة السعودية؟
رايتس ووتش: قتل خاشقجي كشف تصرفات غير قانونية للرياض
وكالة كندية تعيّن حراسة للفتاة السعودية رهف