يترقب الفلسطينيون عن كثب استراتيجية رئيس الأركان الجديد للجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، في التعامل مع ملفات الواقع الفلسطيني في قطاع غزة، الذي ما تزال فرص اندلاع مواجهة عسكرية مع حركة حماس قائمة، في ظل استمرار مسيرات العودة، ورفض حكومة الاحتلال السماح بدخول الأموال القطرية لدفع رواتب الموظفين.
في حين تشهد الضفة الغربية بين الفينة والأخرى حالة من عدم الاستقرار
بعد تصاعد عمليات المقاومة ضد قوات الجيش والمستوطنين خلال الأشهر القليلة
الماضية، وهو ما قد يضع الجيش أمام اختبار استنزاف قواته في جبهة تمتعت بالاستقرار
لسنوات طويلة، بفضل التنسيق الأمني بين الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية التابعة
للسلطة الفلسطينية.
تحديات أساسية
إلى ذلك، أشار اللواء المتقاعد والخبير العسكري من رام الله، واصف
عريقات، إلى أن الظروف التي استلم بها كوخافي منصبه كقائد أول للجيش تفرض عليه تحديا
في التعامل مع الواقع الفلسطيني ضمن ثلاثة محاور أساسية.
"أولها إدارة ملف قطاع غزة سياسيا واستخباريا بعيدا عن خيار المواجهة
العسكرية المباشرة، لأن المقاومة الفلسطينية رفعت من جهوزيتها بما يمكنها من إدارة
أي حرب مع إسرائيل تكون نتائجها لصالحها، أو حرمان إسرائيل من تحقيق صورة انتصار
كاملة، وخير دليل على ذلك صور استهداف حافلة الجيش شمال شرق القطاع بصاروخ
الكورنيت، بالإضافة لتمكن المقاومة من تفكيك خيوط العملية الاستخبارية في خانيونس، وحصولها على كنز أمني كبير".
وتابع عريقات في حديث لـ"عربي21" أن المحور الثاني، فيتمثل في "زيادة النشاط الاستخباري
العملياتي في الضفة الغربية، خصوصا بعد تمكن رجال المقاومة من خوض حرب استنزاف
استغرقت في معظمها عدة أسابيع للوصول لمنفذي هذه العمليات".
ثالثا، "يفرض هذا الواقع تحديا أمام كوخافي لتحقيق صورة انتصار
أمام الجيش والشارع الإسرائيلي على حد سواء، خصوصا بعد أن تعالت أصوات من ساسة
وإعلاميين إسرائيليين يتهمون رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بالخوف من حركة حماس،
وهو ما قد يضع الساحة الفلسطينية أمام سيناريو تنفيذ عملية خاطفة قد تتمثل بتنفيذ
عملية اغتيال لشخصية بارزة في الجهاز العسكري لحماس في الداخل أو الخارج قبيل
الانتخابات البرلمانية القادمة".
جاء تعيين كوخافي (54 عاما) رئيسا للأركان 22 في تاريخ إسرائيل بناء على توصية من وزير الدفاع المستقيل أفيغدور ليبرمان، في حين كانت رغبة نتنياهو تقليد الجنرال أيال زمير قائد المنطقة الجنوبية ليصبح رئيسا للأركان خلفا لسلفه غادي آيزنكوت.
وانخرط كوخافي في الخدمة العسكرية منذ العام 1982، وبدأ مشوراه في
لواء المظليين، وأثناء انتفاضة الأقصى نهاية العام 2000، نشط كوخافي في مجال
استهداف الفصائل الفلسطينية في مخيمات اللاجئين بالضفة الغربية، وتولى احتلال بيت
لحم وحصار كنيسة المهد، وترأس لواء المظليين إبان عملية "الدرع الواقي"
عام 2002 في الضفة، وعرف بارتكابه للكثير من المجازر ضد الفلسطينيين.
تضخيم جبهة غزة
من جانبه، أشار المختص في الشؤون الإسرائيلية، مؤمن مقداد، إلى أن
"الاختبار الأول لكوخافي جاء بعد اجتماعه الأول مع قادة المنطقة الجنوبية في
الجيش، وحاول من خلال هذا الاجتماع أن يُظهر أن جبهة غزة تمثل أولوية
بالنسبة له، وهذا ما يمكن ملاحظته في تضخيم الإعلام الإسرائيلي والمراسلين
العسكريين من أحداث جمعة مسيرات العودة قبل يومين، وإظهار أن المتظاهرين حاولوا
إيذاء الجيش من خلال ادعائهم بإلقاء المتظاهرين لعدد من القنابل والعبوات على قوات
الجيش المنتشرة على الحدود".
وأضاف مقداد لـ"عربي21": "يحاول كوخافي الذي لا يحظى
بثقة كاملة من نتنياهو باعتباره المسؤول المباشر عنه كونه وزير للدفاع، أن يظهر
اهتمامه وحرصه على إبعاد أي شكوك حول قدرة الحكومة في التعامل مع أي ملفات قد تضر
بصورتها أمام منافسيها إلى حين إجراء الانتخابات البرلمانية القادمة، والتي من
المتوقع أن يبقى نتنياهو الأوفر حظا مقارنة بمنافسيه".
ضربة استباقية
في حين أشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح، عبد الستار
قاسم، إلى أن "المؤسسة العسكرية في إسرائيل تخضع دائما لسياسة الحكومة، وبذلك فمن
المبكر الحديث عن سياسة واضحة لقائد الأركان الجديد أفيف كوخافي في التعامل مع
ملفات الواقع الفلسطيني، إلى حين إجراء الانتخابات البرلمانية في نيسان/ أبريل
القادم".
وأستدرك المحلل السياسي في حديثه لـ"عربي21": "هذا
لا يمنع فرضية إقدام رئيس الحكومة إلى توجيه ضربة عسكرية، سواء في الجبهة الشمالية
لحزب الله أو الجنوبية ضد حركة حماس، بما يساهم في رفع رصيده الانتخابي، وتحميل أي
فشل قد يحدث إلى قائد الأركان الجديد".
وتوقع قاسم "ألّا تختلف سياسية كوخافي عن سلفه آيزنكوت، التي
تتمثل في إبقاء حالة الاستقرار والهدوء في غزة دون الانجرار إلى مواجهة عسكرية
مفتوحة، ودعم السلطة الفلسطينية في إبقائها قادرة على ضبط حالة الأمن والهدوء عبر
نشاط التنسيق الأمني، لمنع حماس من السيطرة على الضفة".
اقرأ أيضا: معاريف: غزة ستكون التحدي الأكبر لكوخافي.. بهدف منع الحرب