طرح الاتفاق بين وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الليبية ونظيرتها في الحكومة الموازية في شرق البلاد على توحيد جهودهما وأجهزتهما من أجل تحقيق الأمن، عدة تساؤلات عن دلالة هذا التقارب في هذا التوقيت، وما إذا كانت هذه الخطوة لها علاقة باللواء الليبي، خليفة حفتر الذي يعتبر احد المعرقلين لهذا التقارب.
وطرح وزيرا الداخلية في حكومتي الوفاق والمؤقتة فتحي باشاغا وإبراهيم بوشناف ما أسموها "مبادرة" لتوحيد الجهود الأمنية بهدف فرض الأمن في كامل التراب الليبي، وتوحيد صفوف رجال الأمن في وزارة الداخلية في الغرب والشرق.
لا للتدخل في السياسة
من جهته، أكد مدير مكتب الإعلام الأمني بالوزارة الموازية في الشرق، طارق الخراز أن "مدير أمن طرابلس العميد سالم السائح سيتولى رئاسة لجنة توحيد الجهود الأمنية بعد الاتفاق على ذلك خلال اجتماع عقده في مدينة بنغازي مع مدير أمن المدينة العميد عادل العرفي".
اقرأ أيضا: عشرات القتلى والجرحى بهجوم شنه "تشاديون" جنوب ليبيا
وأشار إلى أن "المبادرة أتت بسبب الوضع الأمني في البلاد الذي حتم توحد صفوف وزارة الداخلية بعيدا عن الفرقاء السياسيين" مؤكدا أن "الاجتماع شهد التوافق على ربط منظومة الجنايات وتعميمها على مستوى الدولة والتعاون بشكل مباشر بين الطرفين بعيدا عن المشاكل السياسية".
وأثار هذا التقارب المفاجئ عدة استفسارات حول: مدى نجاح هذه المبادرة واقعيا؟ ودلالة تأكيد الوزارتين على ابتعادهما التام عن الخلافات السياسية، فهل خرجت الحكومة الموازية من تحت عباءة الجنرال المتقاعد خليفة حفتر؟
ضعف "حفتر"
وأكد وزير التخطيط الليبي السابق، عيسى التويجر أن هذا التقارب بين شقين في جسد واحد هو أمر طبيعي وتباعدهما فرض بالقوة بسبب تدخل أطراف خارجية تمثلها أطراف ليبية داخلية عميلة، ووحدة ليبيا أمر حتمي وسيفرض نفسه عاجلا أو آجلا.
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21" أن "هذا التقارب بين جهازي الشرطة في الشرق والغرب جاء نتيجة لضعف الأطراف التي تتخذ من بث الفرقة وسيلة لبقائها واستمرارها، في إشارة إلى "حفتر".
خطوة إيجابية
لكن المحلل السياسي الليبي، إسماعيل المحيشي أشار إلى أن "أي اجتماع أو نقاش بين أي مؤسسة من مؤسسات حكومة الغرب والشرق يعتبر خطوة إيجابية، لكن يبقى من يصدر القرارات ومن يستجيب لهذا القرار فلن تجد إجابة لذلك".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "جزءا من الصراع في ليبيا هو صراع دولي، وأن الحل الحقيقي يبقى في توحيد السلطة التنفيذية في حكومة مدنية واحدة وكل المؤسسات الأمنية والعسكرية تخضع لهذه الحكومة وتلتزم بقراراتها".
في حين، أكد الناشط المقرب من القيادة العامة في الشرق الليبي، فتح الله غيضان أن الأمر ليس له أي علاقة بـ"المشير حفتر"، وأن الاجتماع جاء لترتيب المبادرة الوطنية لتوحيد الجهود الأمنية بين الوزيرين.
ولفت لـ"عربي21" إلى أن "الهدف توحيد منظومة العمل وربط منظومة الجنايات على مستوى ليبيا وتأكيدهم على الابتعاد عن الصراع السياسي من أجل العمل الهادف وفقط".
"نجاح محدود"
ورأى الصحفي الليبي، عبد الله الكبير أن "الآمال كبيرة في تكوين أسس صلبة للعمل الأمني المشترك بين سلطات الشرق والغرب، ولعل التواصل المعلن بينهما يكسر حواجز كثيرة ويمهد لتحقيق تنسيق مشترك يسهم في مواجهة التحديات العديدة".
واستدرك قائلا: "لكن الصراع السياسي سيلقي بظلاله على أي تقارب، لذلك أتوقع نجاحا محدودا ومستوى متوسط من العمل الأمني المشترك بين وزارتي الداخلية بالحكومتين"، كما صرح لـ"عربي21".
وقال الناشط الليبي، أحمد سعد التواتي لـ"عربي21": "نتمنى أن تنجح المبادرة لكن واقع التطبيق مختلف بين الطرفين، فالأمن في الشرق يسير وفق المنظومة القديمة بعقلية ما قبل الثورة، بينما في الغرب لا تزال عقلية الثورة مسيطرة على من يسير الأمن هناك وهذا سينتج نوع من التضاد في الأولويات ونوعية الجرائم وأنواع التهم".
تهديدات محتملة
وأشار المحلل السياسي الليبي من الجنوب، السنوسي إسماعيل الشريف إلى أنه "ليس أمام الشرطة الليبية إلا أن تتوحد من أجل تنسيق جهودها لمواجهة العديد من التهديدات المحتملة القادمة من قبل تنظيمات إرهابية أو عصابات الجريمة المنظمة".
"نفط ليبيا" تتوقع زيادة إيرادات بنسبة 76 بالمائة عن 2017
وأكد في تصريح لـ"عربي21" أن "تبعية الشرطة في الشرق لحفتر ربما تقف عائقا أمام محاولات حكومة الوفاق لتوحيد الأجهزة الأمنية لوزارة الداخلية، خاصة بعد التجربة الفاشلة السابقة للحكومة عندما عينت فرج قعيم وكيلا للوزارة بدون استشارة حفتر مما دفع الأخير بشن عملية عسكرية ضد قعيم وسجنه".
وقال رئيس اتحاد مؤسسات المجتمع المدني بالجنوب الليبي، فرحات غريبي إن "توحيد جميع الوزارات في ليبيا سهل لو حصلت بعض التنازلات وتغيير لغة الخطاب، ومن الأهمية توحيد الجهات الأمنية لغرض القضاء على التطرف والإرهاب".
وأعرب لـ"عربي21" عن اعتقاده بأن "وزارتي الداخلية في الغرب والشرق لديهم الرغبة الكاملة في توحيد المؤسستين، ولابد أن تتبع هذه الخطوة خطوات المصالحة الحقيقية بين المدن والقبائل وذلك لتوضيح أي لبس".
عشرات القتلى والجرحى بهجوم شنه "تشاديون" جنوب ليبيا
ماذا وراء تهديدات حفتر بعدم تأجيل الانتخابات في ليبيا؟
ماذا وراء زيارة وزير داخلية حكومة الوفاق الليبية إلى تركيا؟