صحافة دولية

NYT: كيف استغل ابن سلمان الحرم المكي لتحقيق أهدافه؟

خالد أبو الفضل: العائلة السعودية تستخدم الحرم المكي للدفاع عن ابن سلمان- جيتي

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا لأستاذ القانون في جامعة كاليفورنيا البروفيسور خالد أبو الفضل، يتهم فيه إمام الحرم المكي الشيخ عبد الرحمن السديس باستخدام منصة الحرم التي وقف عليها الرسول، للطلب من المسلمين دعم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان

 

ويقول البروفيسور في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "الإمام وغيره في المؤسسة الدينية يحاولون استخدام الحرم المكي لتبييض أفعال الديكتاتورية والاضطهاد". 

 

ويجد أبو الفضل أن "لجوء ولي العهد ابن سلمان إلى استغلال الحرمين يثير أسئلة حول شرعية العائلة المالكة، فشرعية حكام السعودية ومكانتهم في العالم الإسلامي تنبع من سيطرتهم وخدمتهم للمسجد الحرام في مكة والمسجد النبوي في المدينة المنورة، ويحمل الملك سلمان مثل بقية الحكام من قبله لقب (خادم الحرمين الشريفين)". 

 

ويشير الكاتب إلى أن "العائلة المالكة استخدمت في أعقاب مقتل خاشقجي، حيث تركزت الأنظار على ولي العهد محمد بن سلمان، الحرم المكي مرة ثانية للدفاع عنه، وتعظيمه بطريقة مبالغة، لدرجة تجعل من شرعية العائلة المالكة وسيطرتها على مكة والمدينة مثارا للقلق أكثر من أي وقت مضى". 

 

ويعلق أبو الفضل على خطبة الجمعة المكتوبة لإمام الحرم المكي الشيخ السديس، في يوم 19 تشرين الأول/ أكتوبر، "فخطب الجمعة من المسجد الحرام تبث على الهواء مباشرة من التلفزيون، وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، وتشاهد باحترام، وتحظى بتقدير حول العالم الإسلامي، وتحمل ثقلا أخلاقيا ودينيا". 

 

ويرى البروفيسور أن "الإمام السعودي ألقى خطبة مثيرة للقلق، انتهكت حرمة المكان المقدس الذي يحتله، ونسب إلى الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، قوله إن الله يرسل على رأس كل مئة عام مصلحا ومجتهدا عظيما لاستعادة الدين وتجديده، وشرح أن هذا المجتهد ضروري لمواجهة التحديات في كل عصر، ومضى ليتحدث بمبالغة عن الأمير محمد بن سلمان بأنه منحة إلهية للمسلمين، وألمح إلى أنه هو الشخص الذي أرسله الله لإحياء الدين الإسلامي في عصرنا". 

 

وتنقل الصحيفة عن السديس، قوله إن "طريق الإصلاح والتحديث في هذه الأرض المباركة، ومن خلال عناية واهتمام ولي عهدها الشاب الطموح، والملهم من العناية الإلهية، مستمرة في التقدم للأمام، ترشدها رؤيته الإبداعية ونظرته للتحديث رغم الضغوط الفاشلة والتهديدات".

 

ويلفت أبو الفضل إلى أن السديس كان يتحدث من الحرم المكي، حيث ألقى النبي آخر خطبه، مشيرا إلى أنه في استعادة للنقاش الذي أعقب جريمة قتل جمال خاشقجي، فإن السديس حذر المسلمين من الشائعات الإعلامية المغرضة، والتلميحات التي تهدف لزرع الشك حول القائد المسلم الشاب.

 

ويفيد الكاتب بأن السديس حذر من أن نظريات المؤامرة تهدف لتدمير الإسلام والمسلمين، وحذر من أن "التهديدات ضد التحديث والإصلاح لن تسبب الفشل فقط، لكنها ستهدد الأمن والاستقرار والسلام العالمي"، وحذر من أن الهجمات ضد "هذه الأراضي المقدسة" هي استفزازات وهجوم على مليار مسلم. 

 

ويبين أبو الفضل أن السديس استخدم كلمة الموهوب التي استخدمها الرسول لوصف الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، وقرن الإمام بطريقة غير مباشرة بين الأمير والخليفة عمر، ودعا الله لحماية الأمير محمد ضد المؤامرات الدولية التي ينسجها أعداء الإسلام الخبثاء والمنافقين، وأنهى كلامه بواجب كل مسلم لدعم الملك وولي عهده المؤمن، خادمي الحرمين الشريفين. 

 

ويقول البروفيسور إن علماء السعودية لم يقوموا في السابق بعسكرة منصة الحرم المكي لخدمة العائلة المالكة، ولم يقم أي عالم بتنصيب الملك على أنه مجتهد للعصر أو تجرأ على التلميح بهذا الأمر.

 

وينوه أبو الفضل إلى أنه "يتم توزيع الخطب المكتوبة بعد الموافقة عليها من السلطات الأمنية، ويعين الملك إمامي الحرم المكي والنبوي مع عدد من النواب الذين يتداولون على الصلاة والخطابة، وظلت الخطب التي تلقى في الحرمين تدعو إلى التقوى ويعرف مضمونها مقدما، وعادة ما تنتهي بالدعاء للملك، لكن الأئمة لم يضفوا أبدا ملامح مقدسة عليه، وأكدوا أن طاعة ولي الأمر من طاعة الله". 

 

ويقول الكاتب: "قد تغير الكثير منذ وصول الأمير محمد بن سلمان إلى السلطة، فقد سجن الكثير من الأئمة والدعاة المعروفين، حتى من أظهر مقاومة بسيطة، بمن فيهم الشيخ صالح الطالب، والشيخ بندر بن عبد العزيز بليلة إمام الحرم المكي، ويطالب الادعاء بحكم الإعدام ضد الإمام المصلح المعروف الشيخ سلمان العودة، الذي اعتقل في أيلول/ سبتمبر 2017".

 

ويشير البروفيسور إلى أن "هناك تقارير عن وفاة الشيخ سليمان الدويش، الذي اعتقل في 2016، بعد تعرضه للتعذيب، والأئمة الوحيدون الذين سمح لهم بإمامة الصلاة والخطابة في الحرم المكي والنبوي هم من وافقوا على كل ما يريده ولي العهد". 

 

وتورد الصحيفة أن الشيخ المؤثر عبد العزيز الريس ذهب بعيدا عندما قال إنه لو زنى الحاكم أمام رعيته كل يوم نصف ساعة فإنه يجب طاعته، وعدم الخروج عليه. 

ويقول أبو الفضل إن "الشيخ السديس وضع المسلمين أمام منعطف محوري: اقبلوا ولي العهد باعتباره رجلا ملهما من العناية الإلهية ليصلح الإسلام، واقبلوا وصدقوا كلامه وأفعاله، وإلا فأنتم أعداء الإسلام".

 

ويلفت الكاتب إلى أن علماء المسلمين ردوا على الخطبة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، بنوع من الازدراء والغضب، وظهرت عدة تقارير باللغة العربية على "يوتيوب"، سخرت من الإمام وخطبته. 

 

ويرى أبو الفضل أنه "عندما يطلب إمام الحرم المكي من المسلمين تقبل خطاب الأمير محمد المثير للريبة عن مقتل خاشقجي، والقبول بخطف وسجن وتعذيب المعارضين، بما في ذلك سجن علماء مسلمين محترمين، وأن يتجاهلوا حربه التي لا ترحم في اليمن، وتقويضه لأحلام الديمقراطية في العالم العربي، ودعمه للنظام الديكتاتوري في مصر، فإنه من الصعب قبول وصف الإمام لولي العهد بالمصلح الملهم من الله، والمنصة الطاهرة التي وقف عليها النبي شوهت وتم تدنيسها". 

 

ويختم البروفيسور مقاله بالقول إن "السيطرة على مكة والمدينة، سمحت للمؤسسة الدينية والعائلة المالكة بضخ مال النفط لنشر الخطاب الديني الحرفي الجامد إلى خارج حدود المملكة، مع أن المسلمين كلهم كانوا يتبعون إسلاما أخلاقيا متسامحا، ومن خلال استخدام الحرم المكي لتبييض أفعال الديكتاتورية والاضطهاد، فإن الأمير محمد بن سلمان وضع شرعية العائلة المالكة محلا للتساؤل".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)