كشفت صحيفة "نيويورك تايمز"، الأمريكية، مفاجأة قد تكون متعلقة بقضية اغتيال الكاتب السعودي جمال خاشقجي، داخل قنصلية بلاده في اسطنبول قبل 40 يوما.
وذكرت الصحيفة أن مسؤولين أمنيين مقربين من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ناقشوا مع مجموعة من رجال الأعمال، قبل نحو عام، مسألة اغتيال بعض الشخصيات وتسميم أخرى.
وأوضحت الصحيفة أن ثلاثة أشخاص كانوا قريبين من تلك المناقشات والمباحثات، ذكروا أن المستهدفين كانوا إيرانيين حينها.
ولفتت الصحيفة أن المفاوضات تمت حين كان محمد بن سلمان وليا لولي العهد، إلا أنه كان في صدد بناء سلطة متزايدة لا سيما من الناحية الأمنية.
وقالت "نيويورك تايمز"، إن كبار المسؤولين المقربين من محمد بن سلمان، كانوا يخططون لتنفيذ اغتيالات منذ نحو عام.
وكشفت الصحيفة أن اللقاء الذي عقد في آذار/ مارس من العام الماضي، حضره نائب رئيس الاستخبارات الجنرال أحمد عسيري، الذي أقرت السعودية بتورطه في اغتيال خاشقجي.
ولفتت إلى أن من بين الحضور، الإسرائيلي جويل زامل، المقرب من الموساد، مشيرة إلى أن اللقاءات نظمها رجل الأعمال ذو الأصول اللبنانية جورج نادر، الذي ذاع سيطه مؤخرا بعد وصول دونالد ترامب إلى السلطة.
وقالت الصحيفة إن أحمد عسيري سأل عن إمكانية اغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني.
وأوضحت أن رجال الأعمال الحاضرين أبلغوا الجهات السعودية، أن خطة الاغتيالات قد تكلفهم مبلغ 2 مليار دولار.
وذكرت الصحيفة أنه وعد تخوف رجال الأعمال من خطط "التسميم"، اقترح جورج نادر تكليف شركة بريطانية، يديرها قائد سابق في القوات الخاصة، مبينا أن الأخير مستعد للعمل مع السعوديين.
وختمت نيويورك تايمز بالقول إن ولي العهد كلف عسيري بالتقرب من رئيس المخابرات.
ويعتقد محللون غربيون أن ابن سلمان قرّب عسيري منه لمراقبة رئيس المخابرات، خالد الحميدان، لشكوكه بولائه لأمراء آخرين.
وفيما يلي النص الكامل المترجم لـ"عربي21" لتقرير نيويورك تايمز:
سعوديون مقربون من ولي العهد ناقشوا اغتيال أعداء المملكة قبل عام من مقتل خاشقجي
تقرير من إعداد: مارك مازيتي، رونان بيرغمان ودافيد دي كيركباتريك
قام بعض كبار المسؤولين في المخابرات السعودية من المقربين لولي العهد السعودي محمد بن سلمان في العام الماضي بالاستفسار من مجموعة صغيرة من رجال الأعمال حول إمكانية استخدام شركات خاصة لاغتيال خصوم المملكة من الإيرانيين، وذلك بحسب ما صرح به ثلاثة أشخاص على اطلاع بالنقاشات.
جاءت الاستفسارات السعودية في وقت كان فيه الأمير محمد بن سلمان، والذي كان حينها ولي ولي العهد ووزير الدفاع، يعزز من سلطاته ويوجه مستشاريه نحو تصعيد العمليات العسكرية والاستخباراتية خارج المملكة. تشير تلك المشاورات، التي دارت قبل أكثر من عام على قتل الصحفي جمال خاشقجي، إلى أن كبار المسؤولين السعوديين كانوا ينظرون في أمر اللجوء إلى الاغتيالات منذ بداية صعود نجم الأمير محمد بن سلمان.
سعى المسؤولون السعوديون إلى تصوير موت السيد خاشقجي كما لو كان عملية قتل مارقة أمر بها مسؤول ما لبث منذ ذلك الحين أن فصل من عمله. إلا أن ذلك المسؤول، وهو العميد أحمد العسيري، كان حاضراً في اللقاء الذي جرى في مارس / آذار من عام 2017 في الرياض، العاصمة السعودية، حيث كان رجال الأعمال يعرضون خطة ميزانيتها 2 مليار دولار لاستخدام عناصر استخباراتية من القطاع الخاص لتنفيذ عمليات تهدف إلى تخريب الاقتصاد الإيراني.
وخلال النقاش، الذي كان جزءاً من سلسلة لقاءات حاول الرجال خلالها الحصول على تمويل سعودي لخطتهم، استفسر كبار مساعدي العميد العسيري حول قتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني والرجل الذي يعتبر عدواً لدوداً للملكة العربية السعودية.
مثل الاهتمام بالاغتيالات وبالعمليات السرية وبالحملات العسكرية مثل الحرب في اليمن – والتي شنت بأمر من الأمير محمد بن سلمان وتدور رحاها بإشراف منه، تغيراً بالنسبة للمملكة التي طالما تجنبت عبر تاريخها خوض المغامرات في السياسة الخارجية خشية التسبب في إحداث قلاقل وتهديد وضع المملكة المريح كواحدة من أكبر منتجي النفط في العالم.
أما رجال الأعمال، والذين كانت لديهم خلفيات استخباراتية، فقد رأوا خطتهم ضد إيران مصدراً لجني دخلسخي ووسيلة لإعاقة بلد كانوا هم والسعوديون يعتبرونه مصدر تهديد عميق. والذي رتب للقاء بين الطرفين هو رجل الأعمال اللبناني الأمريكي جورج نادر، والذي كان من قبل قد التقى بالأمير محمد بن سلمان وعرض خطة إيران على المسؤولين في إدارة ترامب. الشخص الآخر الذي كان مشاركاً في الاجتماع هو جويل زامل، وهو إسرائيلي تربطه بأجهزة الاستخبارات والأمن في بلاده علاقات راسخة.
من المعلوم أن السيد نادر والسيد زامل كلاهما شاهدان في التحقيق الذي يجريه روبرت إس مولر الثالث، المحامي الخاص، وقد سألهما المحققون عن النقاشات التي دارت مع المسؤولين الأمريكيين والمسؤولين السعوديين بشأن المقترح الخاص بإيران. ليس واضحاً مدى ارتباط هذا المسار من التحقيق مع التحقيق الأوسع الذي يقوم به السيد مولر. في عام 2016، قامت شركة يملكها السيد زامل، واسمها ساي غروب، بعرض خطة على حملة ترامب للتلاعب بمواقع التواصل الاجتماعي.
رفض ناطق باسم الحكومة السعودية التعليق على الأمر، وكان ذلك هو موقف المحامين الممثلين للسيد نادر والسيد زامل.
وبحسب ما أفاد به الأشخاص الثلاثة المطلعون على المباحثات، وجه السعوديون خلال اجتماع مارس / أذار 2017 والخاص بخطة تخريب اقتصاد إيران سؤالاً إلى رجال الأعمال عما إذا كانوا قد قاموا بتنفيذ عمليات قتل – مصرحين بأنهم مهتمون بقتل بعض كبار المسؤولين في إيران. تردد رجال الإعمال في الإجابة، وقالوا إنهم بحاجة للتشاور مع محاميهم.
رفض المحامون الخطة رفضاً قاطعاً، فعاد رجال الأعمال وأخبروا السعوديين بأنهم ما كانوا ليشاركوا في أي عمليات اغتيال. وأخبر السيد نادر السعوديين عن شركة مقرها لندن يديرها عضو سابق في قوات العمليات الخاصة البريطانية، وقال لهم إن تلك الشركة قد تقبل بالمهمة. ليس واضحاً من هي الشركة التي اقترحها نادر عليهم.
حتى لحظة الإطاحة به في الشهر الماضي، كان العميد العسيري يعتبر واحداً من أقرب المستشارين إلى الأمير محمد بن سلمان، وكان صعوده السريع مواز لصعود ولي العهد الشاب. ففي عام 2016 أصبح الوجه المعلن لحملة المملكة العربية السعودية في اليمن، يعقد المؤتمرات الصحفية ويزود وسائل الإعلام بمستجدات الحرب وأوضاعها. وكان يسافر كل حين إلى واشنطن حيث تقوم جماعات الضغط الممولة من قبل السعودية بترتيب لقاءات له في مراكز البحث والتفكير ليقدم فيها مداخلات ترسم صورة إيجابية لمسار الحملة وتسلط الضوء على اهتمام السعودية بأوضاع المدنيين.
ولكن بحلول عام 2017 كانت الحملة السعودية التي كان العميد العسيري يشرف عليها في اليمن قد وصلت إلى طريق مسدود، وتمخضت عن كارثة إنسانية، على عكس ما كان يسعى إلى طمأنة الناس بشأنه. إلا أن وليه، الأمير محمد بن سلمان، كان في ذلك الوقت قد عزز سلطانه وأحكم قبضته على كافة الأجهزة الأمنية في المملكة، فما كان منه إلا أن رقى العميد العسيري ليصبح نائب رئيس دائرة المخابرات العامة في المملكة.
يعتقد المحللون الغربيون أن الأمير محمد بن سلمان إنما بادر بنقل العميد العسيري إلى هناك حتى يراقب له رئيس المخابرات خالد بن علي بن عبدالله الحميدان، المعروف بأبي علي، والذي تربطه بأجهزة المخابرات الغربية علاقات وثيقة، ويُشك في أنه يوالي عضواً في العائلة الملكية يعتبره ولي العهد نداً له.
فُصل العميد العسيري من منصبه الشهر الماضي عندما أقرت الحكومة السعودية بمقتل خاشقجي وقالت إن العسيري هو الذي نظم العملية. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد سلم يوم السبت تسجيلاً لعملية قتل السيد خاشقجي إلى كل من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وبريطانيا وفرنسا، ومارس مزيداً من الضغط على الرئيس ترامب حتى يعاقب السعوديين بشدة على ارتكابهم جريمة القتل.
تعود خطة السيد نادر والسيد زامل إلى مطلع عام 2016 حينما بدءا يناقشان شن حملة طموحة من الحرب الاقتصادية ضد إيران شبيهة بتلك التي شنتها إسرائيل والولايات المتحدة خلال العقد الماضي بهدف إجبار إيران على وقف برنامجها النووي. ووضعا مخططات لعمليات مثل الكشف عن أموال فيلق القدس واستثماراتها حول العالم، وإيجاد حسابات وهمية في السوشال ميديا لإثارة القلاقل داخل إيران، وتمويل جماعات المعارضة الإيرانية، والترويج لاتهامات، سواء صحيحة أو مختلفة، ضد كبار المسؤولين الإيرانيين لبث التباغض والتشاحن والتدابر فيما بينهم.
يعمل السيد نادر مستشاراً لدى ولي عهد أبو ظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، الدولة التي انضمت إلى المملكة العربية السعودية وإسرائيل في اعتبار إيران الخطر الأكبر الذي يهدد استقرار الشرق الأوسط.
كان هو والسيد زامل على قناعة راسخة بأنه فيما لو فازت هيلاري كلينتون في انتخابات عام 2016 كما كان متوقعاً فإن ذلك كان سيعني استمرار صفقة النووي الإيراني التي أبرمها الرئيس باراك أوباما، وجراء ذلك فلن تكون ثمة رغبة كبيرة في واشنطن في رؤية حملة مرتبة تهدف إلى شل الاقتصاد الإيراني. وبناء عليه فقد قررا عرض الخطة على المسؤولين السعوديين والإماراتيين، بل وقاما بتقديم مقترح بذلك للعميد العسيري أثناء لقاء معه في بلجيكا.
ثم دفعهما انتخاب دونالد جيه ترامب إلى تغيير حساباتهما، وسرعان ما سافر السيد نادر والسيد زامل إلى نيويورك ليبيعا مسؤولي إدارة ترامب في الفترة الانتقالية وكذلك القادة العسكريين السعوديين خطتهم بشأن إيران.
ورد أول ذكر لمبادرة السيد نادر للإطاحة بالاقتصاد الإيراني في شهر مايو / أيار في تقرير نشرته صحيفة النيويورك تايمز. أما محادثاته في نيويورك مع العميد العسيري وغيره من المسؤولين السعوديين فقد ورد ذكرها في تقرير نشرته صحيفة ذي ديلي بيست الشهر الماضي.
استعان السيد نادر والسيد زامل في ذلك بالسيد إريك برينس، الرئيس السابق لشركة بلاكووتر وأحد مستشاري فريق إدارة ترامب في الفترة الانتقالية. وكانا قد ناقشا عناصر من خطتهما مع السيد برينس في لقاء معه حينما علما بما لديه من مقترحات شبه عسكرية كان ينوي السعي لبيعها للسعوديين. إلا أن متحدثاً باسم السيد برينس رفض التعليق على الأمر.
في لقاء عقد داخل أحد الأجنحة في الطوابق العليا من فندق ماندرين أورينتال في نيويورك، تحدث السيد زامل والسيد نادر مع العميد العسيري ومساعديه حول خطتهما الخاصة بإيران. أبدى السعوديون اهتماماً بالفكرة ولكنهم قالوا إنها استفزازية جداً ويمكن أن تؤدي إلى زعزعة الاستقرار، ولذلك فهم يريدون أولاً الحصول على موافقة الإدارة الجديدة بزعامة ترامب عليها قبل أن تتعهد المملكة العربية السعودية بدفع تكاليف الحملة.
وبعد تنصيب السيد ترامب في يناير / كانون الثاني 2017، التقى السيد نادر عدة مرات مع المسؤولين في البيت الأبيض لمناقشة خطة التخريب الاقتصادي.
لم يكن اهتمام العميد العسيري بفكرة الاغتيالات مستغرباً ولكنه لم يكن منسجماً مع السياسة الرسمية للمملكة كما قال أحد السعوديين الموالين لولي العهد محمد بن سلمان، وممن لديهم اطلاع على مجريات التحقيق في قضية مقتل جمال خاشقجي. وقال هذا الشخص إن التحقيق كشف عن أن العميد لديه شعور بالعظمة وأنه من النوع المتمرد الطموح، وكان يسعى إلى كسب إعجاب ولي العهد من خلال الإتيان بأعمال لم يصرح له بها ومن خلال تنفيذ عمليات سوداء.
إلا أن ما يعرف عن قرب العميد العسيري من ولي العهد – حيث كثيراً ما كان العميد ينضم إلى الأمير محمد بن سلمان أثناء لقاءاته مع المسؤولين الأمريكيين الزائرين له – قد يجعل من العسير على أنصار الأمير النأي به عن المقترحات، تماماً كما أن نفس تلك الارتباطات ساعدت في إقناع أجهزة الاستخبارات الغربية في أن الأمير لابد أنه كان يعرف مسبقاً عن مخطط قتل السيد خاشقجي.
يضاف إلى ذلك أن العميد العسيري وضباطه كانوا يجتمعون مع السيد نادر في نفس الفترة التي كان فيها السيد نادر يجتمع مع الأمير محمد بن سلمان نفسه، كما أقر بذلك المسؤولون السعوديون. ففي رسائل إيميل موجهة إلى شريك له في العمل حصلت صحيفة نيويورك تايمز على نسخ منها، كان السيد نادر يشير في بعض الأوقات إلى محادثات أجراها مع الأمير محمد بن سلمان لمناقشة مشاريع أخرى كان قد ناقشها مع العميد العسيري.
كتب السيد نادر في وقت مبكر من عام 2017 يقول: "عقدت لقاءاً فخماً مع محمد بن سلمان" حيث جرى نقاش عقود محتملة مع السعودية. وقال إن ولي العهد نصحه "بمراجعة ونقاش ذلك مع العميد أحمد."
لقراءة الرابط الأصلي.. اضغط (هنا)
مصدر لـ"عربي21": أبناء خاشقجي يقاضون ابن سلمان في أمريكا
بتريوس وشركات ضغط أمريكية تقاطع "مؤتمر ابن سلمان" بالرياض
اسم ابن نايف يتردد في الإعلام الغربي بعد "مأزق" ابن سلمان