نشرت صحيفة
"نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرا، تطرقت من خلاله لأهمية تعزيز الوقاية
ضد الأنفلونزا الموسمية. ويقع العمل على اكتشاف لقاح جديد من شأنه حماية الإنسان
من هذا الفيروس بشكل كلي؛ للتقليل من نسب الوفيات السنوية الناتجة عنه.
وقالت الصحيفة،
في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن هذه الفترة من السنة تشهد تفشي
الإصابة بالأنفلونزا الموسمية، حيث يتسبب هذا المرض الخطير في وفاة الآلاف من
الأشخاص حول العالم. وبالتالي، من المهم جدا تلقي لقاح موسمي في هذه الفترة؛ لتفادي الإصابة بهذا المرض.
وقد يقلل هذا اللقاح
احتمالات الإصابة بالأنفلونزا، إلا أنه لا يقي الإنسان تماما من هذا المرض، حيث
ينعكس تطور الفيروسات من سنة إلى أخرى بشكل مباشر على فعالية هذا اللقاح. وقد
يستغرق الأمر شهورا طويلة لتطوير لقاح جديد وفعال في حال انتشرت سلالة جديدة من
الفيروسات المتسببة في الأنفلونزا، ما يعني القضاء على مئات الآلاف، وربما
الملايين من الأرواح البشرية.
وكشفت الصحيفة أن
فريقا دوليا من الباحثين تمكنوا من تقديم لمحة عن بديل أفضل من اللقاح الموسمي يوم
الخميس الفارط. من خلال أبحاثهم، تمكن الباحثون من صنع جسم مضاد اصطناعي يحمي
الفئران من الإصابة بعشرات السلالات من فيروس الأنفلونزا، وذلك من خلال مزيج متطور
من العلاج المناعي والعلاج الجيني.
وتكتسي هذه الخطوة
أهمية كبرى في طريق صنع نوع من اللقاحات المضادة للأنفلونزا، الأمر الذي سعى
لتحقيقه العلماء منذ فترة طويلة، وهو درع يحمي من أي فيروس يتسبب في الإصابة
به. في هذا الشأن، أشاد مايكل أوسترهولم، مدير مركز جامعة مينيسوتا لسياسات وأبحاث الأمراض المعدية،
بنجاح هذه الخطوة التي سترسي نموذجا لدراسات أساسية حول هذا الموضوع.
وأضافت الصحيفة أن
التلقيح ضد الأنفلونزا يقلل بشكل كبير من عدد الوفيات الناتجة عن هذا الفيروس،
التي تصل لقرابة 646 ألف حالة وفاة كل سنة. ويحفز اللقاح الجسم على تكوين الأجسام
المضادة لحمايته من الإصابة بعدوى الفيروسات. في الأثناء، تبحث هذه الأجسام
المضادة عن الفيروس المستهدف، ما يجعل مهمة اختراق هذه الفيروسات للخلايا أمرا
صعبا. لكن لسوء الحظ، كل سلالة من هذه الفيروسات لديها تمشي خاص بها. وبالتالي، لن
تجدي الأجسام المضادة الفعالة ضد سلالة واحدة من فيروس الأنفلونزا نفعا في الغالب
في التصدي لبقية السلالات. ونتيجة لذلك، ينبغي على صانعي اللقاحات تخمين أي سلالة
من فيروس الأنفلونزا ستهيمن في الموسم القادم، وصنع لقاحات وفقا لذلك.
وأشارت الصحيفة إلى
أن الأمل في الحصول على لقاح ذي فاعلية أكبر برز حين اكتشف العلماء أن الإنسان
قادر على إنتاج أجسام مضادة نادرة تعمل ضد مجموعة مختلفة من سلالات الأنفلونزا في
بعض الأحيان، تعرف باسم "الأجسام المضادة المعادلة على نطاق واسع".
وتستهدف هذه الأجسام المضادة أجزاء من الفيروس تتشابه إلى حد كبير مع أجزاء موجودة
في سلالة فيروسية أخرى. وفي هذا الإطار، قام مؤلفو الدراسة الجديدة بصنع نوع جديد
من الأجسام المضادة.
من جهته، بين جوست
كولكمان، وهو مهندس في شركة يانسن للأدوية والمؤلف المشارك في الدراسة الجديدة
التي نشرت في مجلة ساينس، أن هذا الجسم المضاد فريد من نوعه. ولكن سيكون من
المستحيل أن يقنع جهاز مناعة الإنسان بتقبل هذا الجسم المضاد الاصطناعي، ما
دفع الباحثين للعمل على استراتيجية بديلة، وهي تجنب النظام المناعي تمامًا.
وأوردت الصحيفة أن
الباحثين عمدوا لإجراء اختبار على الفئران؛ للتحقق من فاعلية هذا اللقاح، حيث
بادروا برش سلالات فتاكة من فيروس الأنفلونزا في أنف الفئران. وقد تمكنت الأجسام المضادة
الجديدة من محاصرة هذه الفيروسات، ومنعها من التكاثر، وبالتالي، نجت هذه الفئران من
الإصابة بالأنفلونزا القاتلة. علاوة على ذلك، استخدمت هذه الاستراتيجية لإنتاج
أجسام مضادة ضد أمراض معدية أخرى، على غرار فيروس نقص المناعة المكتسبة.
وأحالت الصحيفة إلى أن
نجاح هذه التجربة مع الفئران لا تعني بالضرورة ضمان نجاحها مع البشر. ففي المقام
الأول، استخرجت الأجسام المضادة التي تم استخدامها لصنع هذا النوع الجديد من حيوان
اللاما بدلا من البشر. كما أعطى الباحثون اللقاحات المضادة للأنفلونزا لحيوان
اللاما، ثم جمعوا أجسامًا مضادة موجودة في دم هذا الحيوان، بما في ذلك بعض الأجسام
المضادة التي أثبتت فاعليتها ضد أكثر من سلالة فيروسية واحدة. لكن من المحتمل أن
يرفض نظام المناعة البشري هذه الأجسام المضادة المتأتية من حيوان اللاما. وفي حال
كان الأمر كذلك، فقد تهاجم هذه الأجسام الجهاز المناعي، ما ينتج عنه رد فعل خطير.
وفي الختام، ذكرت
الصحيفة أنه من المهم جدا إجراء تجارب على البشر؛ لتحديد الجرعة الفعالة، ومعرفة مدى
أمان هذه الأجسام المضادة الجديدة على الإنسان. وتتطلب هذه المهمة التنسيق بين
الباحثين وشركات الأدوية ومحبي الأعمال الخيرية، فضلا عن التمويل الكافي للأبحاث
في هذا المجال.
للاطلاع على نص التقرير اضغط هنا