مقدسيون يتهمون السلطة بالتواطؤ بتسريب عقارات القدس للمستوطنين
غزة- عربي21- خالد أبو عامر09-Oct-1812:06 AM
شارك
تنتشر البؤر الاستيطانية داخل الأحياء العربية في القدس المحتلة بصورة لافتة في السنوات الأخيرة- جيتي
تعيش الأوساط المقدسية حالة من الاستنفار بعد الكشف عن فضيحة تسريب عقار ضخم في البلدة القديمة للقدس لا يبعد سوى عشرات الأمتار عن المسجد الأقصى، لصالح جمعية إلعاد الاستيطانية.
العقار -الذي يطلق عليه "عقبة درويش"- تبلغ مساحته 2000 متر مكون من ثلاث طبقات، وعمره يزيد على 100 عام يقع في منطقة حساسة جدا، إذ يُفضي إلى محاور طرق لأحياء رئيسية، ويطل على المسجد الأقصى، وكان يستخدم عيادة طبية، ولكن تم إخلاؤه في وقت سابق من هذا العام، وفقا لمصادر محلية في القدس.
واتهم مقدسيون أطرافا عديدة بهذا التسريب، من بينها السلطة الفلسطينية ومحافظ مدينة القدس، وسماسرة فلسطينيون ينشطون في المدينة تربطهم علاقات وثيقة مع جهات إسرائيلية.
واكتفت السلطة بإدانة هذه الحادثة، وعبرت في بيان لحكومة الوفاق الوطني عن إدانة هذه الحادثة، واصفة إياها بالعمل الوحشي والمفزع، فيما اتهمت شخصيات مقدسية السلطة بالتغاضي عن الحادث، أو عدم القيام بالدور المطلوب منها في هذا المجال.
تخاذل السلطة
من جانبه، نوه عضو الهيئة الإسلامية العليا لمدينة القدس، جمال عمرو، بأن "نشاط تسريب العقارات في القدس ارتفع خلال السنوات العشر الأخيرة بنسبة 400 بالمئة، مقارنة بالفترة الممتدة من اتفاق أوسلو في العام 1993 وحتى اندلاع انتفاضة الأقصى في العام 2000".
ويعزو عمرو ذلك إلى مجموعة من الأسباب، من بينها "ارتفاع نشاط سماسرة الاستيطان في القدس، بالإضافة لتراجع دور بلدية القدس في القيام بخدمات تدعم صمود سكان المدينة، في ظل إرهاق السلطات الإسرائيلية سكان المدينة بالضرائب والرسوم، وهو ما يدفع بالعشرات من السكان لبيع العقار والاستقرار خارج المدينة".
وأضاف عمرو، في حديث لـ"عربي21": "تمارس السلطة دور المتخاذل والمتفرج أمام الهجمة التي تمارسها شركات الاستيطان الإسرائيلية، وهذا سبب رئيسي في أخذ سماسرة العقارات حريتهم الكاملة في شراء عقارات المقدسيين، مؤكدا أن "السلطة لم تفتح أي ملف للتحقيق في حوادث تسريب العقارات، رغم وجود العشرات من الوثائق التي تشير إلى تواطؤ شخصيات فلسطينية تغاضت عنها السلطة لوقف عمليات تسريب العقارات".
بالتزامن مع هذه الحادثة، نجح المستوطنون خلال 24 ساعة فقط بالاستيلاء على ثلاثة عقارات تبلغ مساحتها 660 مترا، وقطعة أرض مساحتها 1000 متر في حي سلوان الملاصق للمسجد الأقصى.
تهويد حي سلوان
من جانب آخر، اعتبر الباحث المقدسي راسم عبيدات أن "تركيز نشاط تسريب العقارات في حي سلوان يعود إلى طبيعة الموقع الجغرافي الذي تتمتع به، كونها ملاصقة للبلدة القديمة من الجهة الجنوبية، وهي بذلك تعد من أقرب الأحياء العربية المطلة على المسجد الأقصى، كما أن المخططات الاستيطانية المتمثلة في حفر أنفاق في واد حلوة الملاصق لسلوان يمكن إسرائيل من خلق فضاء يهودي يصل البؤر الاستيطانية الموجودة في سلوان بالمسجد الأقصى والقصور الأموية وحائط البراق".
وأضاف عبيدات في حديث لـ"عربي21": "هنالك أبعاد دينية تقف وراء التركيز على سلوان دون غيرها، وهو الاعتقاد بأن سلوان هي مدينة النبي داوود عليه السلام، وفقا للفكر التلمودي التوراتي.
تشير تقديرات جهاز الإحصاء الفلسطيني إلى أن الفلسطينيين يشكلون نحو ثلث سكان مدينة القدس، بواقع 300 ألف نسمة، يمتلكون نحو 32 ألف عقار، أما سكان البلدة القديمة فيبلغ عددهم نحو 32 ألف نسمة، يمتلكون نحو 5500 عقار".
وتنتشر البؤر الاستيطانية داخل الأحياء العربية بصورة لافتة في السنوات الأخيرة، فعلى سبيل المثال يضم حي سلوان 37 بؤرة استيطانية داخل الحي الذي لا تزيد مساحته على 18 كيلو متر مربع.
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الفلسطيني صادق في تشرين الأول/ أكتوبر 2014 على قانون يجرم بيع العقارات العربية لصالح جمعيات استيطانية بعقوبة السجن والأشغال الشاقة، إلا أن الثغرة في هذا القانون تتمثل في عدم سريانه على سكان القدس، كونهم يحملون الهوية الزرقاء (الإسرائيلية) بغالبيتهم العظمى.
بدوره، أشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح، عبد الستار قاسم، إلى أن "السلطة الفلسطينية، التي تدعي عبر وسائل الإعلام أنها تدافع عن القدس، متورطة بشكل مباشر في عمليات تسريب عقارات المقدسيين، وهذا الافتراض يعود لمجموعة من الأسباب، من بينها أن مخصصات بلدية القدس من موازنة السلطة لا تزيد على 20 مليون دولار فقط، وهذا مبلغ لا يكفي لتطوير مشاريع البنى التحتية في الأحياء العربية بما يعزز صمود سكان المدينة".
وأضاف قاسم في حديث لـ"عربي21": "لم تتبنّ محاكم السلطة أي قضية تم رفعها على شركات استيطان إسرائيلية للمطالبة باسترداد العقارات التي تم تسريبها، أو التحقيق في مزاعم تورط شخصيات من مخابرات السلطة في عمليات سمسرة لهذه العقارات".