شكل الإعلان المفاجئ لزعيم المتمردين في جنوب السودان رياك مشار الثلاثاء، عن رفضه التوقيع على اتفاق سلام نهائي مع الحكومة؛ انتكاسة للجهود الإقليمية لإنهاء نحو خمس سنوات من الحرب الأهلية.
وطرح هذا الرفض تساؤلا حول الأسباب الحقيقية التي
تعيق التوصل لاتفاق سلام نهائي في الدولة التي انفصلت عن السودان بشكل رسمي في عام
2011، إضافة إلى مصير نجاح الاتفاق النهائي بعد أسابيع من المحادثات في العاصمة
الخرطوم.
بدورها، رأت رئيس وحدة الدراسات الأفريقية في مركز
الأهرام الدكتورة أماني الطويل أن "رفض مشار للتوقيع على الاتفاق النهائي
للسلام، يعود إلى طبيعة الترتيبات الخاصة بالحكومة الانتقالية"، موضحة أن
"هذه المسائل حصل عليها جدل ولم يتم الاتفاق عليها".
محطة أخيرة
وأضافت الطويل في حديث خاص لـ"عربي21" أن
"رياك مشار يرى أن التنفيذ يسير على خطى تشكل تحد غير مقبول، وهو ما تتفق
معه قوى دولية، ويعتقدون أن استمرار المسير في هذا الاتجاه، قد يعرقل تطبيق
الاتفاق بشكل حقيقي".
وأشارت الطويل إلى أن "هناك محطة أخيرة مقررة
في نيروبي، من الممكن من خلالها التوصل للاتفاق النهائي للسلام، والتفاعل من
القضايا التي طرحت في محادثات الخرطوم"، معتبرة أنه "ربما يتم تحقيق
تقدم ما، وهناك احتمال أن يتم وأد هذه المحطة أيضا"، بحسب تقديرها.
اقرأ أيضا: زعيم المتمردين بجنوب السودان يرفض توقيع اتفاق سلام نهائي
وحول إمكانية نجاح هذه المباحثات رغم المعيقات
التاريخية، قالت المختصة بالشأن الأفريقي إنه "من الصعب التنبؤ بهذا الأمر
تماما، نظرا لوجود عوامل شخصية من الأطراف المتصارعة، تجعل الأمر رهن الضغوط وقدرة
الإقليم والمجتمع الدولي على الضغط للتوصل لاتفاق سلام نهائي في جنوب السودان".
وكان رئيس جنوب السودان سلفا كير ونائبه السابق زعيم
المتمردين رياك مشار وقعا على عدة اتفاقات بينها اتفاق وقف دائم لإطلاق النار،
وآخر لتقاسم السلطة وينص على عودة مشار إلى منصبه كنائب أول للرئيس، إلا أن زعيم
المتمردين رفض الثلاثاء التوقيع على الوثيقة النهائية.
من جهته، فسّر المفكر الاستراتيجي السوداني الدكتور
مضوي الترابي الفشل في التوقيع الاتفاق النهائي بالقول إن "المشكلة ليست
سياسية وإنما صراع أقليات قديمة"، مؤكدا أنه "من الصعوبة التوصل للاتفاق
حتى لو اتفق القادة الكبار".
الترسبات التاريخية
وبين الترابي في حديث خاص لـ"عربي21" أن
"الترسبات القديمة التاريخية بين القبائل تقف عائقا رئيسا أمام إتمام اتفاق
سلام نهائي في دولة جنوب السودان"، مشددا على أن "اتفاق القادة الكبار
لا يضمن المكونات القبلية".
وذكر الترابي أنه "لم يكن متفائلا منذ بدء المحادثات
بإتمام التوصل لاتفاق سلام نهائي"، معللا ذلك بأن "المباحثات على مدار
السنوات الماضية أثبتت الفشل وعدم إمكانية النجاح".
ورأى المفكر الاستراتيجي السوداني أن "جميع
أطراف النزاع لن ترضى برئيس من مجموعة عرقية مختلفة عنها"، معتبرا أن
"ما يبدو للإعلام أنه كان اتفاقا قريبا، لا يعكس الحقيقة التي تؤكد أنه لن يقبل
أي طرف برئيس من قبيلة الآخر".
اقرأ أيضا: الخرطوم تعلن إرجاء التوقيع على اتفاق تقاسم السلطة في جوبا
وأوضح ترابي أنه "في حال اتفق أطراف النزاع على
أن يكون الرئيس من عرقية ثالثة، فحينها ربما يتم التوصل لاتفاق السلام"،
مستبعدا في الوقت ذاته أن "ينجح الاتفاق على المدى القصير".
وكان من المفترض أن يمهد الاتفاق الطريق أمام التوصل
إلى معاهدة سلام نهائية وتشكيل حكومة انتقالية تتولى السلطة إلى حين إجراء
الانتخابات.
لكن داعمي عملية السلام الدوليين شككوا في مدى قدرة
الاتفاق على الصمود نظرا لعمق العداوة بين قادة جنوب السودان، والتي تعود إلى
التسعينيات عندما انشق مشار أول مرة في ذروة الحرب التي خاضتها البلاد للاستقلال
عن السودان.
استغاثات وطلب معونات دولية لإنقاذ الخرطوم بعد غرقها (شاهد)