صحافة دولية

التايمز: ما مدى دقة التقارير القائلة بانتهاء تنظيم الدولة؟

التايمز: تنظيم الدولة هزم لكن لم ينته بعد- جيتي

نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا أعده مراسلها لشؤون الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر، يقول فيه إن هزيمة قوات "خالد بن الوليد" التابعة لتنظيم الدولة في جنوب غرب سوريا كانت نادرة من ناحية تفاصيلها. 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه تم تلقين مقاتلي تنظيم الدولة على القتال حتى الموت، والهرب أو التفاوض على الخروج، أما الاستسلام فلا، مستدركا بأن ما حدث لـ80 مقاتلا، وهم بقايا الكتيبة، الذين وجدوا أنفسهم محاصرين في جيب قرب الحدود السورية مع إسرائيل، كان حدثا نادرا، حيث استسلم قائدهم طوعا، ولم يتم القبض عليهم وهم يهربون، وتم نقلهم في حافلات، ولم يعرف عنهم شيء. 

 

ويقول سبنسر إن "الهزيمة وطبيعتها تعد نقطة تحول في الحرب ضد تنظيم الدولة، الذي كان يسيطر على مناطق بحجم بريطانيا، وتم تحجيمه لمجموعة من الجيوب، وربما كان هذا هو الحال، إلا أن الحقائق والأرقام لا تدعم هذا الأمر، فالتقديرات، التي نشرت في الأيام الماضية، لا تشير فقط إلى أن تنظيم الدولة يعد تهديدا لكل من سوريا والعراق، بل إن أعداد مقاتليه أكبر مما قيل في السابق".

 

وتلفت الصحيفة إلى أن تقريرا أعدته وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، وقدمته للكونغرس يوم الجمعةـ ذكرت فيه أن العدد هو 15500– 17100 مقاتل لا يزالون في العراق، بالإضافة إلى أن هناك حوالي 14 ألف مقاتل في سوريا، بينهم 4 آلاف إلى 6 آلاف في المناطق التي تخوض فيها قوات التحالف الدولي معارك ضدهم.

 

ويجد التقرير أن هذا الرقم يتباين مع الأرقام التي قدمها المتحدث باسم قوات التحالف، مستدركا بأن العدد الجديد دعمته أرقام نشرها فريق الخبراء في الأمم المتحدة، وقدر بأن حوالي 20 ألف مقاتل إلى 30 ألفا لا يزالون في كلا البلدين. 

 

ويعلق الكاتب قائلا إن هذا الرقم قبل التوسع في الحديث عن عمليات التنظيم حول العالم، حيث أعلن مقاتلون في شمال أفريقيا والشرق الأوسط وأفغانستان وجنوب شرق آسيا عن ولائهم للتنظيم، بالإضافة إلى أنه تم تجنيد الشباب الأوروبي، ودفعهم للتشدد عبر الإنترنت، من خلال رسالة "قاتل الآن، وقاتل بشدة، وقاتل بأي طريقة"، التي كان من السهل فهمها أفضل من خطط تنظيم القاعدة طويلة الأمد. 

 

وتقول الصحيفة: "ربما خسر التنظيم الخلافة، لكنها ستظل تعويذة تقول إن تنظيم الدولة فعلها، وحلم تنظيم القاعدة بإنشاء الخلافة، لكن تصميمه على نشر الرسالة جعل من تحقيقها أمرا بعيدا". 

 

وينقل التقرير عن المحلل في مجال الأمن أوليفيه غويتا، قوله: "تنظيم الدولة هو ماكدونالدز الإرهاب"، وأضاف: "بدلا من أن يكون حركة نخبوية فإنه جذب الجميع، وسيظل قائما". 

 

ويورد سبنسر نقلا عن تقرير البنتاغون، قوله إن الهزيمة قرب الحدود السورية تركت فقط ثلاث مناطق تحت سيطرة التنظيم، أي نسبة 5% من الأراضي السورية؛ واحدة في الصحراء شرق سوريا، حيث احتوت المنطقة القوات الموالية للنظام، وثانية صغيرة في جبل الدروز قرب مدينة السويداء، التي تعرضت لهجوم مفاجئ الشهر الماضي، وقتل فيه 250 شخصا، وأخذ 30 رهينة، أما الثالثة فهي منطقة صغيرة قرب نهر الفرات قرب الحدود العراقية، التي يجتازها المقاتلون على ما يبدو لتعزيزها، وفي هذه المنطقة تقوم بمقاتلة قوات النظام في غرب الفرات والقوات الكردية التي تدعمهما قوات التحالف في الشرق. 

وتنقل الصحيفة عن التقرير، قوله إن زعيم التنظيم أبا بكر البغدادي جريح، لكنه لا يزال يقود التنظيم، ويتحرك على الجانب الشرقي من الحدود، التي يشرف منها على عمليات المقاتلين داخل العراق، وهي المنطقة التي تعد محلا لقلق الاستراتيجيين في البنتاغون. 

 

ويجد التقرير أنه كما هو الحال في عامي 2014 و2004، فإن تنظيم الدولة يستفيد من الأزمة السياسية في العراق؛ للتأثير على السكان السنة، فأنتجت الانتخابات البرلمانية نتائج غير حاسمة بين القوى الموالية لإيران وتلك التي تدعمها الولايات المتحدة، ما حرف نظر الحكومة عن دعم المناطق القريبة من الحدود السورية، أو الواقعة قرب مناطق الأكراد في شمال البلاد. 

 

ويستدرك الكاتب بأنه رغم الإعلان عن نهاية العمليات العسكرية في العراق، إلا أن تقرير البنتاغون يشير إلى ثلاث مناطق في العراق شهدت زيادة في نشاطات الجهاديين. 

 

وتنقل الصحيفة عن الخبير في مجال الأمن هشام الهاشمي، قوله إن تنظيم الدولة استخدم ضعف القوات الأمنية، وقام "بعودة غير مسبوقة وسريعة"، مضيفا أن الحكومة لا تزال دون برنامج إعادة استقرار يفعل دور المجتمع المدني، ويتجاوز الخلافات المذهبية والدينية والعرقية. 

وينوه التقرير إلى أنه في الوقت الذي يقوم فيه حلفاء الحكومة في المناطق السنية بمواجهة المتطرفين، إلا أن المناطق الفقيرة تسمح للتنظيم بتجنيد جيل جديد من الجهاديين، ويقول الهاشمي: "في صلاح الدين تم اعتقال الكثير من الرجال والشباب ممن لا صلة لهم بتنظيم الدولة، واتهموا بنقل الطعام والمواد الطبية والوقود والدراجات النارية إلى تنظيم الدولة من أجل المال". 

 

ويذكر سبنسر أن وزارة الدفاع الأمريكية والأمم المتحدة تعترفان بأن عدد مقاتلي التنظيم يتباين في كلا الدولتين، لكن الهاشمي يقول إن العدد هو 3 آلاف في كلا البلدين، لافتا إلى أن العددد يضم المقاتلين الكبار ممن لم يعودوا ناشطين أو شبه ناشطين، ويمكن استخدامهم في حرب العصابات لا القتال على الخطوط الأمامية. 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن غويتا، قوله إن طبيعة المتطوعين في صلاح الدين تكشف عن الطبيعة التي يمكن للتنظيم فيها كسب مساعدين له، وهو عنصر مهم فيه، مشيرا إلى أنه على خلاف قاعدة أسامة بن لادن، التي اتحدت مع جماعات مماثلة لها في الأيديولوجيا وعداء السعودية، فإن تنظيم الدولة هو ماركة تقدم نفسها لأي تمرد أو مقاتل يريد أن يعبر عن غضبه، وأضاف: "أنا وانت يمكننا الإعلان عن الولاء اليوم، دون أي صلات أو حتى التحدث مع أي شخص"، فهذا كان منفعة للبغدادي عندما أعلن عن الخلافة حتى وإن خسرت، فإن الفكرة منحت المحرومين شيئا ليتمسكوا به.

 

ويذهب التقرير إلى أن هذا يمثل خطرا على بريطانيا وأوروبا، حيث يتم الكشف عن مؤامرات إرهابية على قاعدة شهرية، مشيرا إلى أن هذه أساليب تستخدمها جماعة أبي سياف في الفلبين، وحتى في أفغانستان، حيث يعد تنظيم الدولة أكثر تطرفا من حركة طالبان، ومن هنا فإن الجماعات المحلية منحت نفسها ماركة تعمل تحت علم دولي.

 

وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن تقرير الأمم المتحدة أشار إلى رأي محلل قال فيه إن تنظيم الدولة في أفغانستان جذب مقاتلين من الجزائز وفرنسا وروسيا وتونس ودول وسط آسيا.