ملفات وتقارير

هل تنجح إيران بتجميل صورتها عبر "دعم المقاومة الفلسطينية"؟

تخصص السلطات الإيرانية يوما من كل عام وتقول إنه نصرة لمدينة القدس المحتلة- جيتي

أشاد القيادي بحركة المقاومة الإسلامية حماس، إسماعيل رضوان بالدور الإيراني الداعم للمقاومة الفلسطينية، وقال: "نتقدم بالشكر الجزيل لإيران التي دعمت –وما زالت– المقاومة سياسيا وماديا وعسكريا وإعلاميا، ونرفض كل التهديدات التي تتعرض لها من قبل الإدارة الأمريكية والاحتلال". 


كما أثنى القيادي بحركة الجهاد الإسلامي، خالد البطش على الدعم الإيراني للمقاومة، لافتا إلى أن "إيران بقادتها وجيشها وفدائييها يقفون مع فلسطين قلبا وقالبا ومع المقاومة الفلسطينية وكل مقاتل". 


جاء ذلك خلال مشاركتهما في مهرجان "البارود الرطب" الذي عقد الاثنين الماضي بالتزامن في كل من طهران وغزة، وحضره سياسيون إيرانيون وفلسطينيون، ومثقفون وممثلون لمؤسسات فلسطينية.


وكان من المقرر أن يلقي قاسم سليماني، قائد "فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني" كلمة في المؤتمر، تم استبدالها بكلمة لنائب قائد الحرس الثوري الإيراني، العميد غيب برور.  


وأثار انعقاد المؤتمر ردود فعل متباينة في الأوساط الفلسطينية والعربية، بين من بارك انعقاده وأيد مشاركة سليماني فيه، اعترافا بالدور الإيراني في دعم المقاومة الفلسطينية، وبين من رفضه احتجاجا على الدور الإيراني في سفك الدم العربي في سوريا والعراق واليمن. 

 

ووفقا للإعلامي الأردني، المهتم بالشأن الإيراني، أمجد العبسي فإن "إيران تتعامل مع القضية الفلسطينية كغطاء لاختراق المنطقة "السنية، التي هي بلا شك أداة فعالة" مستذكرا "كيف أصبح حسن نصر الله رمزا كبيرا في المنطقة بعد حرب تموز في 2006". 

 

"إسرائيل وإيران"


وأضاف العبسي لـ"عربي21": "إيران تستخدم القضية الفلسطينية كأداة أيضا في "الغسيل السياسي" – إن صح التعبير– وهذا واضح في العراق وسورية، حيث أجادت استخدام بروباغندا المقاومة ومواجهة العدو الصهيوني للتغطية على حرب الإبادة الطائفية على الشعبين السوري والعراقي". 


وبحسب العبسي فإن الرأي الذي يذهب أصحابه إلى القول "ذلك لا يعني أن ملالي إيران غير مؤمنين بتحرير فلسطين" قد سقط سقوطا مريعا، خاصة في السنوات الثلاث الأخيرة، إذ لا يكاد يمر أسبوع إلا وتتعرض القوات الإيرانية بسورية لقصف عنيف من الطائرات الإسرائيلية، وغالبا ما يكون الرد في قلب المدن ذات التجمعات السورية السنية". 


وتابع: "وقبل أيام أصبح اللعب الإيراني مع إسرائيل أكثر وضوحا مع زيارة مستشار خامنئي على ولايتي لموسكو بالتزامن مع وجود نتنياهو هناك، ليتبين أن هذه الزيارة منسقة مسبقا لإجراء مفاوضات مباشرة بين الطرفين". 

 

"إستراتيجية الواضحة"


من جانبه وبرؤية مغايرة رأى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الهاشمية الأردنية، جمال الشلبي أن "لإيران رؤيتها الإستراتيجية الواضحة والثابتة بضرورة تحرير فلسطين، ودعم قوى المقاومة ضد المشروع الصهيوني في المنطقة، منذ قيام الثورة الإيرانية بقيادة الخميني"، مضيفا "إيران هي التي أطلقت يوم "القدس العالمي". 


وأضاف: "دعم إيران لحركات المقاومة الإسلامية، سواء الفلسطينية منها كحماس والجهاد الإسلامي، أو اللبنانية كحزب الله، ينبع من تلك الإستراتيجية،  وهو موقف مبدئي وديني ثابت بالنسبة لإيران". 


وانتقد الشلبي في حديثه لـ"عربي21" من يصورون الدعم الإيراني للمقاومة الفلسطينية باعتباره محاولة إيرانية لتجميل صورتها القبيحة في سوريا، مادحا التدخل الإيراني في سوريا، ونافيا أن يكون "دورا كريها أو سيئا كما يحاولون دائما وصفه بذلك" على حد قوله. 


وأردف الشلبي قائلا: "لولا التدخل الإيراني المباشر في سورية، ووجود حزب الله اللبناني، لتم إسقاط الدولة السورية منذ سنوات، ولكانت الآن تحكم من قبل "الخليفة البغدادي"، مؤكدا أن إيران دعمت الشرعية السورية، ومنعت سقوط الدولة". 


وردا على سؤال: ألا تستثمر إيران دعمها لحركات المقاومة في المنطقة لصالح مشروعها وأجنداتها في المنطقة؟ قال الشلبي: "وما المانع والغريب في هذا؟"، مضيفا: ليس هذا عيبا، فإيران دولة إقليمية قوية، وهي صاحبة مشروع وتريد أن تثبت وجودها وحضورها، ومن حقها أن تتخذ كل التدابير التي تمكنها من تحقيق ذلك". 

 

"دعم تكتيكي"


بدوره رأى الباحث المصري في الفكر السياسي الإسلامي، محمد الصياد أن "دعم إيران لحركات المقاومة الفلسطينية دعم تكتيكي وليس دعما استراتيجيا، بمعنى أنها قادرة على التخلي عن هذا الدعم إذا لم تتبع تلك الحركات سياسة طهران، وتعمل وفق رؤيتها وأطروحاتها". 


وأضاف: "لقد تجلى ذلك في انهيار العلاقات بين الطرفين في أوج الأزمة السورية عندما حاولت طهران الضغط على حماس لتتوافق مع رؤيتها وسياستها، وتردد حينذاك أن إيران قللت من دعمها لحماس"، مشيرا إلى أن "السياسة الإيرانية تجاه حركات المقاومة الفلسطينية براجماتية بامتياز، وتخدم بالأساس صانع السياسات في طهران". 


ولفت الصياد في حديثه لـ"عربي21" إلى أن "إيران توظف هذه الجماعات كضغط ضد إسرائيل وأمريكا ودول الخليج العربي، وفي الوقت نفسه لتقوية التمدد الإيراني العابر للحدود، عبر تخليق وصناعة الجيبولوتيك الشيعي أو الهلال الشيعي بتعبير الملك الأردني عبد الله الثاني، أو خط باكستان البحر المتوسط بتعبير حسنين هيكل".


وشدد الصياد في ختام حديثه على أن رصد السياسة الإيرانية في منطقتنا العربية تجعلنا "ندرك أنها ليست داعما للحركات الإسلامية على طول الخط، لأنها تدعمهم فقط فيما يخدم أجندتها ومصالحها، وتعاديها وتقف ضدها، تماما كموقفها المعادي للثورة السورية، بكل أطيافها الإسلامية والوطنية".