أدانت الجزائر محتوى تحقيق نشرته الوكالة الأمريكية "أسوشيتد برس"، يتهمها بارتكاب تجاوزات بحق المهاجرين الأفارقة المرحلين إلى بلدانهم.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الجزائرية، الثلاثاء، "إن المعلومات الواردة بالتحقيق عارية تماما من الصحة".
وأورد تحقيق الوكالة الأمريكية، الذي نشرته على موقعها الإلكتروني، الثلاثاء، أن "الجزائر تخلت عن 13 ألف مهاجر في الصحراء الكبرى على مدار الـ14 شهرا الماضية، بينهم نساء حوامل وأطفال، وأجبرتهم على المشي أحيانا تحت تهديد السلاح".
وذكرت الوكالة أن "هؤلاء المهاجرين تخلت عنهم الجزائر، وطردتهم من دون طعام أو ماء، وأجبرتهم على المشي تحت أشعة الشمس الحارقة، والبعض منهم فقدوا حياتهم".
وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أنّه "يمكن رؤية المهاجرين المطرودين الذين يلتقون في الأفق، على هيئة بقع في المسافة تحت درجات حرارة تصل إلى 48 درجة مئوية".
"تحامل"
وقال مسؤول سام بوزارة الخارجية الجزائرية لوسائل إعلام، الثلاثاء، إن" الجزائر تتعرض لحملة إقليمية ودولية شرسة لم يسبق أن تعرضت لها؛ من أجل إغراقها في مشكلة ليست لها فيها أي مسؤولية".
وقال المسؤول ذاته إن "سلسلة مقالات موجهة ضد الجزائر شرع في نشرها وبثها عبر وسائل الإعلام المختلفة منذ أسابيع".
وتابع المسؤول بالخارجية الجزائرية: "الوكالة الأمريكية قدمت أرقاما فلكية عن عدد التائهين في الصحراء من المهاجرين غير الشرعيين، معتمدة تسجيلات مصورة تتضمن شهادات لبعضهم، وبشكل مضخم لا يعكس الحقيقة".
وتتعرض الجزائر لانتقادات متوالية من طرف منظمات حقوقية دولية، على خلفية تعاملها مع المهاجرين السريين الأفارقة.
ويعتقد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الجزائر، موسى بنور، أن "تقارير الأوروبيين مبنية على نزعة "قومية" تسببت في السابق في نشوب حروب في عدة دول، وحتى في أوروبا، بسبب غلبة منطق المصلحة على منطق العيش بسلام لكافة الشعوب".
وأضاف بنور، في تصريح لـ"عربي21"، أن " الجزائر بعثت برسائل بالآونة الأخيرة إلى عواصم الاتحاد الأوروبي، تفيد بأنها لن تكون أبدا أرضا لـ"غوانتانامو للمهاجرين مهما حدث".
انتقادات متوالية
وأفاد تقرير لمنظمة العفو الدولية، منتصف شهر نيسان/ أبريل الماضي، بـ"أن الجزائر لا تحترم تعهداتها الدولية بمجال الهجرة" وشجبت "ترحيل المئات من المهاجرين النيجيريين والماليين والتشاديين عن طريق التعنيف".
ونفت الجزائر على لسان وزيرها للداخلية، نور الدين بدوي، ما أسماه "مزاعم العفو الدولية تبتغي الإساءة للجزائر"، وقال خلال جلسة بالبرلمان حول المهاجرين، أواخر شهر أيار/ مايو الماضي، "إن للجزائر السيادة الكاملة في الحفاظ على أمنها".
وتابع بدوي: "قمنا بترحيل 27 ألف مهاجر سري إلى بلدانهم بأفريقيا خلال ثلاث سنوات، وتم ذلك بالاتفاق مع حكومات بلدانهم".
ويعد التحقيق الذي نشرته "أسوشيتد برس" الأعنف ضد الجزائر منذ بداية توالي انتقادات المنظمات الدولية لسياسة التعامل مع المهاجرين الأفارقة، إذ اتهم المكلفين بالترحيل باستعمال السلاح ضد المطرودين.
وأفاد تحقيق الوكالة الأمريكية بأن " الوكالة رافقت بعض المهاجرين في طريق عودتهم إلى بلادهم الأصلية، فأخبروا الناس في مجموعاتهم أن هنالك أشخاصا اختفوا ببساطة في الصحراء".
ونقل التحقيق تصريحات لمهاجرة تدعى "جانيت كامارا"، قالت: "كانت النساء يلدن.. وقد اختفى أشخاص آخرون في الصحراء؛ لأنهم لم يعرفوا الطريق، كان الجميع بمفردهم"، وتابعت: "فقدت ابني وطفلي". متابعة بأن "امرأة أخرى في أوائل العشرينات من عمرها جاءها المخاض وفقدت طفلها".
وأفادت الوكالة الأمريكية بأن "الجزائر لا تقدم أي أرقام عن عمليات الطرد غير الطوعية، لكن عدد الأشخاص الذين يعبرون مشيا على الأقدام إلى النيجر آخذ في الازدياد منذ أن بدأت المنظمة الدولية للهجرة بعملية العد في أيار/ مايو 2017، عندما تم إسقاط 135 شخصا، ليصل إلى 2888 في أبريل عام 2018".
ويعتقد جمال معاتي، المختص بمسائل الهجرة بالجزائر، أن "الكيفيات التي تعالج بها الجزائر قضايا المهاجرين ما زالت غير كافية بالشكل الذي يجبنها الانتقادات الدولية، بالرغم من الجهود التي تبذلها بهذا المجال".
وأفاد معاتي لـ"عربي21" بأن "هذا لا ينفي القول إن التقارير الدولية التي صارت تتحدث عن مآسي المهاجرين تحولت إلى نشريات لدول تعمل على تصفية حساباتها مع الجزائر بسبب مواقفها غير المؤيدة لسياساتها في بؤر التوتر و النزاع ، على غرار سوريا وليبيا".
كما يرى معاتي أن "السلطات الجزائرية تخشى أن يتطور هذا الوضع المتفاقم إلى خدمة أجندة تزرع عدم الاستقرار واللاأمن في جنوب البلاد، وهو ما تعمل عليه فرنسا المصرة على الإبقاء على نفوذها في الدول المصدرة للمهاجرين".
في السياق ذاته، اعتبرت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، الثلاثاء، في بيان، أن "تحقيق "أسوشيتد برس لم يتسم بموضوعية وليس بريئا، و جاء على مغالطات لا صلة لها بالحقائق على أرض الواقع، سوى أنه يستهدف الجزائر عن طريق الضغط والابتزاز، من أجل إقامة قاعدتها العسكرية بالجزائر".
وأورد البيان أيضا أن "التحقيق يستهدف الضغط على الجزائر لإبرام اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي حول اللاجئين غير الشرعيين التي تلتزم الجزائر باستقبالهم من الاتحاد الأوروبي، مثل الاتفاقية التي وقعت منذ سنتين مع تركيا".
استياء دولي بعد انسحاب أمريكا من "مجلس حقوق الإنسان"
خفر السواحل الليبي ينتشل خمس جثث من قارب مهاجرين
بريطانيا تتهم مجلس حقوق الإنسان بالتحيز ضد إسرائيل