صحافة دولية

ذا أتلانتك: هل أصبحت أمريكا معزولة وحدها؟

أتلانتك: يمكن أن تكون لنهاية قمة مجموعة السبع عواقب بالنسبة للتحالفات الأمريكية- جيتي

نشرت مجلة "ذي أتلانتك" مقالا للصحافي كريشانديف كالامور، يقول فيه إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصف رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو بأنه "معتدل ومتسامح" و"ضعيف ومخادع"، أما كبير مستشاري ترامب الاقتصاديين لاري كادلو، فاتهم ترودو بـ"الخيانة". 

 

ويشير كالامور في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن ترامب سحب موافقته على البيان المشترك لمؤتمر مجموعة السبع في تشارليفوي، في مقاطعة كيبيك، وهدد بفرض المزيد من التعرفات الجمركية على حلفاء أمريكا. 

 

ويعلق الكاتب قائلا إن "هذا كله يشكل مفاجأة للشخص إن لم يكن مطلعا على الأحداث، فتجلى الحقد في الفترة المؤدية للقمة، التي تضمنت أيضا كندا وألمانيا وإيطاليا واليابان وبريطانيا، ووصل ترامب إلى الاجتماع متأخرا يوم الجمعة، وغادره مبكرا يوم السبت، وكان في وقت سابق من هذا الشهر قد فرض تعرفة على واردات الألمنيوم والصلب، وهو ما أثر بشكل رئيسي على أوروبا وكندا، وما يبدو أنه أغضب ترودو هو استخدام حجة الأمن الوطني". 

 

ويلفت كالامور إلى أن "الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي دعم ترامب علنيا، ويقال إنه اختلف معه بعد أن فرض الأخير التعرفة، قال قبل اجتماع السبعة الكبار: (يجب ألا تكون إرادة توقيع النص من 7 بلدان أقوى من محتوى ذلك النص، ومن حيث المبدأ يجب ألا نستبعد اتفاقية 6+1)، ويبدو أنه حصل على رغبته". 

 

ويقول الكاتب إن "ترامب ابتسم خلال القمة هو والقادة الآخرون لأخذ الصور، كما يفعل القادة عادة في مثل هذه المناسبة، وحتى أن ترودو استطاع أن يجمعهم على دعوة روسيا في البيان المشترك بالتوقف عن أفعالها المزعزعة للاستقرار، ووعد بضمان بقاء البرنامج النووي الإيراني سلميا، لكن لغة البيان بما يخص التجارة هي ما تم الاختلاف عليه بين الحلفاء المقربين، وكغصن زيتون مقدم لترامب توافقوا على أن يتضمن البيان (تجارة حرة وعادلة ومفيدة للطرفين)، لكن تم التأكيد على قواعد النظام التجاري الدولي، وشدد على (محاربة سياسة الحماية)، حتى أن ترامب غرد: (إنهم يفهمون منطلقي، فبعد عقود ستكون هناك تجارة عادلة ومتبادلة)".

 

  

 

ويستدرك كالامور بأن ترامب غرد بعد أن رأى المؤتمر الصحافي الذي عقده ترودو، وهو في طريقه إلى سنغافورة، الذي قال فيه الأخير إن كندا ستفرض تعرفة عقابية على البضائع الأمريكية، قائلا: "بناء على تصريحات جاستين الكاذبة في مؤتمره الصحافي، وحقيقة أن كندا تفرض تعرفة باهظة على المزارعين الأمريكيين .. ولذلك أمرت الممثلين عن أمريكا بعدم المصادقة على البيان، بينما ننظر في التعرفة على السيارات التي ملأت السوق الأمريكية".

 

   

 

وغرد ترامب أيضا: "رئيس الوزراء جاستين ترودو تصرف بصفته شخصا معتدلا ومسامحا خلال لقاء السبعة الكبار، ثم عقد مؤتمرا صحافيا بعد أن غادرت، وقال: (إن التعرفة الأمريكية فيها إهانة) وأنه (لن يقبل أن يتلقى أوامر)، مخادع جدا وضعيف، تعرفتنا هي رد فعل على تعرفة على الألبان قيمتها 270%". 

 

وتنقل المجلة عن كادلو، المستشار الاقتصادي الرئيسي لترامب، قوله يوم الأحد، إن الزعيم الكندي "طعننا من الخلف"، ويعلق الكاتب قائلا إنه "بذلك يكون أي وئام بين الديمقراطيات الليبرالية قد انتهى في الغالب، ومعه أي أمل للتفاوض في وقت قريب على اتفاقية تجارة حرة في أمريكا الشمالية، تشمل كندا والمكسيك وأمريكا".

ويجد كالامور أن "هناك عدة طرق لتحليل رد فعل ترامب، قد تكون مؤشرا على تفضيله قلب التحالفات العالمية بسبب مشاعره حول ترودو، بالإضافة إلى أن ترامب لم يكن يوما مهتما بالمنتديات متعددة الأطراف مثل السبعة الكبار، حيث يكون واحدا من الزعماء لمحاولة التوصل إلى حل توافقي، لكن ما يفضله هو أسلوب التفاوض الثنائي مثل تعامله مع كوريا الشمالية، الذي إن نجح فإنه سيعزو النجاح إلى نفسه، وهذا قد يوضح تفضيله لاتفاقيات تجارة ثنائية -التي لا تفضلها معظم الدول- على الاتفاقيات متعددة الأطراف مع التكتلات التجارية الكبيرة، كما أنه يحاول أن يبث في الجو شيئا من الغموض قبل قمته يوم الثلاثاء مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، الذي كان يعد حتى حديثا، أكثر زعامات العالم غموضا، بعد أن أوضح أنه لن يتخلى عن أقرب حلفائه بعد أن التزم بالبيان معهم، وهذا ما تمت الإشارة إليه بأنه (نظرية الرجل المجنون)".

ويذهب الكاتب إلى أن "لكل تفسير من تلك التفسيرات هناك تفسير مضاد، فمثلا منطق رد فعل ترامب على المؤتمر الصحافي الذي عقده ترودو، حيث أصدر مكتب ماكرون بيانا قال فيه: (لا يمكن فرض التعاون الدولي من خلال نوبات غضب وتعليقات مبتذلة)، وهذا يعني أنه لم يكن مجرد خلاف سياسي، ولكنه شخصي، وعندما تأخذ في عين الاعتبار تفضيل ترامب للمفاوضات الثنائية، تصبح القضية أكثر تعقيدا، وليس لدى حلفاء أمريكا إلا أن يتماشوا مع تصرفات ترامب المتقلبة، وأوضح ما يفضله، حيث مدح الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واقترح ضم روسيا للسبع الكبار، وقد كانت في هذه المجموعة، لكن تم تعليق عضويتها فيها بعد أن قامت بغزو القرم عام 2014".

 

وينوه كالامور إلى أنه "في هذا الوقت، وبالأخذ في عين الاعتبار ميل ترامب للانسحاب من الاتفاقات العالمية التي صنعها الغرب كلها، ابتداء من اتفاقية المناخ في باريس، إلى الصفقة النووية مع إيران، إلى اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، فلا يستطيع حلفاء أمريكا فعل شيء إلا التماشي معها، وإصدار البيانات المعارضة، مثل التي أصدرها ماكرون وترودو، على أمل أن تتغير الإدارة في 2020 أو عام 2024، وأن يأتي رئيس يشاركهم قيمهم".

 

ويختم الكاتب مقاله بالقول: "كانت نظرة ترامب إلى تحالفات أمريكا متسقة منذ البداية، وما أشار إليه وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون حول وجود (أسلوب لجنون ترامب)، يبدو أنه يفتقد للأسلوب، فترامب ينظر إلى حلفاء أمريكا على أنهم مستغلون، اعتمدوا بشكل متماد على أمريكا ويعاملونها بشكل غير عادل، ومع أنه قد تكون هناك صحة لهذه النظرة، ومع الضغوطات الكبيرة التي يواجها النظام العالمي الذي صنعته أمريكا والعلاقات الأمريكية الكندية في أسوأ حالاتها في الزمن الحديث، فإن رد فعل ترامب لترودو يقوض فكرة أن التحالفات تصنع بين الدول الديمقراطية وليست بين زعمائها".