لقد كان لافتا تصريح مسؤول ملف الأسرى والمفقودين الإسرائيلي بلوم بعد لقائه الأربعاء مع لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست الإسرائيلي، حيث أكد ضرورة ربط خطط المساعدات الإنسانية لغزة مع حل مشكلة الأسرى والمفقودين الإسرائيليين في غزة، وهم شاؤول وغولدن ومنغستو والسيد، فهل هذه سياسة جديدة؟ وهل ربط الموضوع بالتخفيف عن غزة يخدم الموضوعين كليهما أو أحدهما ؟
يمكن قراءة تصريحات بلوم في إطار الضغوطات التي يمارسها مسؤول ملف من أجل تقوية وتقديم ملفه، ضمن السياسة العامة المتاحة، ومن المستبعد حاليا أن يكون تصريحه معبرا عن سياسة أو قرار جديد لحكومة الاحتلال بدافع الاستجابة لطلب عائلة جولدن وللعريضة التي وقعها أكثر من أربعين عضو كنيست بهذا الخصوص .
ويأتي استبعاد ذلك لسببين: الأول-أن قوة دوافع التخفيف عن غزة التي أصبحت على ما يبدو قرارا إسرائيليا وتوجها إقليميا ودوليا، ستؤدي إلى تحريك أي ملف مرتبط بها، بما فيها ملف التبادل، وهو أمر مطلوب لدى كل القوى العاملة من أجل قضية الأسرى في الجانبين: الفلسطيني والصهيوني. ولكنه وعلى الأرجح مرفوض من قبل نتنياهو في هذه المرحلة، وبالتالي فمن المرجح أن يناور نتنياهو ولا يربط الأمرين معا في نهاية المطاف .
أما السبب الثاني -فيتعلق بموقف الجيش الذي أعلنه رئيس الأركان الإسرائيلي إيزنكوت من قبل، واعتبر حينها بمنزلة خارطة طريق لحل قضايا غزة، بداية التخفيف الإنساني عن غزة لأسباب أمنية تتعلق بمنع تدهور الأوضاع لمواجهة شاملة أو لأسباب صحية، تتعلق بانتقال (جراثيم مجاري غزة) إلى المواطنين الإسرائيليين في الجنوب، ولا يتم الانتقال إلى مرحلة الإعمار الواسع لغزة إلا بعد حل موضوع الجنود الأسرى وسلاح المقاومة.
من غير المستبعد أن تتمخض العقلية الاحتلالية لتلد فكرة تقسيم التخفيف الإنساني إلى مراحل، ليبدأ كما طرح إيزنكوت ولا ينتهي إلا بما طرحه بلوم، مع ما يحمله ذلك من احتماليات ومضار المماطلة، وقد لا يكون موقف المقاومة المعلن والرافض لربط الملفات والقاضي بضرورة فصل مسار تبادل الأسرى عن بقية المسارات الإنسانية والسياسية الأخرى، عقبة في وجه أي محاولة أو نية إسرائيلية معينة (ولكنها مستبعدة على الأرجح) لتزامن حل الملفات في وقت أو رزمة واحدة، شريطة ألا يكون التنازل في ملف سببا أو شرطا للتقدم في آخر، وهذا لا يعني عدم إمكانية حدوث تحريك متزامن لبعض الملفات كملف التبادل دون حل حقيقي لها.
تبقى الضمانة الوحيدة للسير قدما ودون مماطلة في إجبار ودفع الأطراف المحلية والإقليمية لتحقيق مصالح وأهداف الشعب الفلسطيني عامة، وفي قطاع غزة بشكل خاص هي استمرار المقاومة وعلى رأسها المقاومة الشعبية التي أصبحت مسيرة العودة رمزا لها، والمواجهة الأخيرة في 29-5 سياجا حاميا لها .