نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية للقضاة التحقيق بشأن النقل القسري لأفراد من الأقلية المسلمة،
الروهينغا، إلى بنغلاديش.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن هذا التحقيق من شأنه أن يغير تاريخ الروهينغا. ففي التاسع من نيسان/ أبريل، طالبت المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودة، بتمكينها من التحقيق في مسألة الترحيل القسري للروهينغا إلى بنغلاديش. وعلى الرغم من أن
بورما ليست طرفا في معاهدة روما، إلا أن المحكمة الجنائية الدولية ستفتح تحقيقا حول الجرائم المرتكبة على أراضيها.
وأفادت الصحيفة بأنه منذ 25 آب/ أغسطس، أجبر ما يقارب 700 ألف من مسلمي الروهينغا على الفرار خارج البلاد من الاضطهاد العسكري في بورما. وتعتبر المدعية العامة أن السلطات البورمية هي التي تسببت في نقل مسلمي الروهينغا إلى بنغلاديش رغما عن إرادتهم، وهذا ما يسمى بالنقل القسري.
وأشارت الصحيفة إلى ارتكاب السلطات البورمية نوعين من الجرائم: الترحيل والنقل القسري، لتكون المحطة الأخيرة لأفراد هذه الأقلية المسلمة بنغلاديش، وذلك وفقا لما أكدته سيلين بارديت، وهي محامية متخصصة في قضايا جرائم الحرب والعدالة الجنائية الدولية والجريمة العابرة للحدود والعنف الجسدي في الحروب. كما استشهدت فاتو بنسودة بالكثير من التقارير التي تظهر أدلة على حدوث إبادة جماعية، في طلبها الموجه للمحكمة الجنائية الدولية للقضاة.
وأكدت الصحيفة أن هناك ثلاث طرق للتمكن من إقناع المحكمة الجنائية الدولية بهذا الطلب، وهي إما من خلال دولة عضو، أو قرار مجلس الأمن الدولي، أو من تلقاء نفسها. وفي حالة الروهينغا، يواجه مجلس الأمن الدولي حق النقض الذي يتمتع به الروس والصينيون، الذين يدعمون علانية حكومة بورما.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في حال تمت المصادقة على طلب المدعية العامة فإنه سيكون بإمكانها الشروع في التحقيق بنفسها، أو بإمكان دولة بنغلاديش التحقيق حول الجرائم المرتبكة على أراضيها. وتعد هذه المرة الأولى التي يتم فيها تقديم طلب من هذا القبيل. ووفقا لسيلين بارديت، فإن هذا طلب هام للغاية، وسابقة قانونية ستكون مؤثرة، ومفيدة للمهاجرين.
وأوضحت الصحيفة أن الحكومة البورمية قد سارعت بالإجابة بتاريخ 13 نيسان/ أبريل، لتعبر عن قلقها الشديد إزاء هذا الطلب. وأكدت أنه لا يوجد أي نص قانوني في ميثاق المحكمة الجنائية الدولية يفيد بأنه يحق للمحكمة أن تبت في قضايا في دول لا تعترف بولايتها. بالإضافة إلى ذلك، أشارت السلطات البورمية إلى أن اتفاقية فيينا لسنة 1969 حول قانون المعاهدات الدولية، تفيد بأنه لا يمكن فرض أي معاهدة على دولة لم تصادق عليها.
وذكرت الصحيفة أن هذه الملاحظة الأخيرة من قبل الحكومة البورمية صائبة من الناحية القانونية، لكن يبدو أنها غفلت عن معرفة أن طلب المدعية العامة يعتمد على الجرائم التي تندرج ضمن القانون الجنائي الدولي. وحسب سيلين بارديت فإن حكومة بورما "لا تسعى لإقامة دولة وإنما تلاحق أقلية، ولهذا يمكن رفع قضية ضد أونغ سان سو تشي، ما يعني أنه لا يمكنها الإفلات من العقاب".
ووفقا للمحامية والمختصة في علم الجريمة في المبادرة الدولية لمكافحة جرائم الدولة في جامعة لندن، أليسا دي لا كور، فإن رد فعل أونغ سان سو تشي كان متوقعا. وأضافت لا كور: "أنكرت أونغ سان سو تشي اضطهادها للروهينغا لفترة طويلة جدا. وفي الوقت الراهن، من الممكن القول إنها شريكة في الإبادة الجماعية".
ونقلت الصحيفة عن أليسا دي لا كور أن أونغ سان سو تشي "في الواقع، هي الشخصية الوحيدة التي بإمكانها أن تؤثر على العقليات في بورما، إنها شخصية رمز ويستمعون إليها. فضلا عن ذلك، قد لا تملك القوة السياسية لتغيير أشياء كثيرة، إلا أنها تملك القوة الأخلاقية وشاركت في تجريد الروهينغا من إنسانيتهم".
وحسب ماثيو ويلس، كبير مستشاري شؤون الأزمات في منظمة العفو الدولية، فإن "طلب المحكمة الجنائية الدولية هو خطوة هامة لضمان العدالة في خضم الجرائم المروعة التي ارتكبها الجيش البورمي ضد سكان الروهينغا، بما في ذلك عمليات القتل على نطاق واسع، والعنف الجنسي وحرق القرى".
وأشارت الصحيفة إلى أن الروهينغا في مخيمات بنغلاديش قد حاولوا جمع العديد من الأدلة عن الإبادة الجماعية، ولكن يجب التعاطي مع مثل هذه الأخبار بحذر شديد. وفي هذا الصدد، أكد الناشط الشاب مايو علي: "كان على المحكمة الجنائية أن تتخذ الإجراءات اللازمة منذ فترة طويلة لمنع الإبادة الجماعية لشعبنا". وأضاف قائلا: "لا يزال لدينا أمل في أن تتلقى بورما العقوبة اللازمة على ما فعلته، ولكن الأهم من ذلك بالنسبة لنا هو توقف عمليات القتل واستعادة السلام والأمن. نحن نريد ضمان حقنا في العودة إلى وطننا".