ملفات وتقارير

الرياض تستعد لموسم سياحي.. تحديث للبلاد أم زعزعة استقرارها؟

من المتوقع إنشاء مناطق شبه مستقلة لتكون خاصة بالسياح الغربيين، كي يتمكنوا من شرب الكحول وارتداء لباس السباحة

نشرت صحيفة "نيوز.ري" الروسية تقريرا، تحدثت فيه عن واحدة من أغنى بلدان الشرق الأوسط وأكثرها تحفظا، ألا وهي المملكة العربية السعودية، التي بدأت تتجه في الفترة الأخيرة نحو الانفتاح وتحديث المجتمع.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن المملكة العربية السعودية، التي تضم أهم رموز الدين الإسلامي، كما أنها من البلدان التي لا تزال تنفذ إلى غاية الآن بعض العقوبات، على غرار الجلد وبتر اليد وغيرها، أبدت استعدادها لاستقبال السياح من مختلف أنحاء العالم لأغراض غير دينية.

والجدير بالذكر أن المملكة تمثل إحدى البلدان العربية الإسلامية الثرية التي يختلف نمط حياة شعبها عن نمط حياة مختلف الشعوب الأخرى، إذ تُحظر في المملكة الكحول، ويُمنع الاختلاط، كما يُحظر على الفتيات الانتقال بين مدن البلاد دون مرافقة ولي أمر.

وأكدت الصحيفة أنه على امتداد سنوات طويلة، لم تقدم المملكة العربية السعودية تأشيرات دخول إلى أراضيها لغير العمال وحجاج بيت الله الحرام. وفي السنة الماضية، زار البلاد حوالي 18 مليون شخص، أغلبهم من المسلمين. في المقابل، تنخفض نسبة زوار المملكة لأغراض غير دينية أو اقتصادية، من قبيل الأعمال.

وأشارت الصحيفة إلى أن المملكة، التي تعدّ من أكثر الدول انغلاقا، ليس في الشرق الأوسط فحسب، بل وفي جميع أنحاء العالم، تستعد لفتح أبوابها لاستقبال السياح من مختلف أرجاء المعمورة. وفي هذا الصدد، أعلن ممثل الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أنه سيتم اتخاذ إجراءات فيما يتعلق بالتأشيرات السياحية للمملكة خلال هذه السنة، وذلك بالتعاون مع وزارتي الداخلية الخارجية.


وأفادت الصحيفة بأنه وفقا لمدير مبادرة التأشيرة السياحية في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، عمر المبارك، ستقوم المملكة بتبسيط القواعد المتعلقة بالتأشيرة السياحية؛ لتسهيل دخول النساء دون مرافقة وصي، وهو ما يخص السياح الذين تفوق أعمارهم 25 سنة. وعلى هذا الأساس، سيكون من حق جميع السياح الحصول على تأشيرات دخول للسعودية صالحة لمدة تصل إلى ثلاثين يوما.

 

اقرأ أيضا: العهد الجديد: هكذا رد ابن سلمان على صالح الفوزان بشأن الترفيه

ونوهت الصحيفة إلى أن خطة الحكومة السعودية فيما يتعلق بقطاع السياحة تندرج ضمن الخطة الاقتصادية الإستراتيجية "رؤية 2030"، التي تهدف لتنويع المجالات الاقتصادية، علما أن هذه الخطة الاقتصادية تسعى إلى الحد من اعتماد البلاد على النفط، وتعزيز مجالات اقتصادية أخرى في المقابل.

 

وفي سياق متصل، يعمل في الوقت الراهن حوالي 900 ألف سعودي في قطاع الرحلات والسياحة، وفقا لما صرحت به صحيفة "البوابة" الأردنية، وذلك نقلا عن بيانات سعودية رسمية.

وأضافت الصحيفة أنه نظرا لتمتع مواطني الدول الإسلامية بإمكانية القدوم إلى المملكة في إطار ممارسة الشعائر الدينية، فمن الواضح أن هدف السلطات السعودية يتمثل في فتح المجال لاستقبال سياح أجانب من دول غير إسلامية. ولكن، لم يتم التطرق إلى حد الآن إلى بعض المسائل الأخلاقية والدينية بصفة رسمية (من قبيل شرب الكحول، واللباس، والاختلاط).

 

اقرأ أيضا: أول ماراثون بمشاركة النساء في السعودية (شاهد)

وأوردت الصحيفة أنه من المتوقع أن يتم إنشاء بعض المناطق شبه المستقلة، حيث تكون خاصة بالسياح القادمين من البلدان الغربية؛ كي يتمكن هؤلاء من شرب الكحول، وارتداء لباس السباحة "البيكيني" وغيرها. وقد أعلنت السلطات السعودية، خلال صيف سنة 2017، عن خططها لإنشاء منتجعات سياحية في 50 جزيرة في البحر الأحمر؛ لتنافس بذلك دبي وشرم الشيخ.

علاوة على ذلك، تم استكمال بناء ست محطات لمترو الأنفاق في الرياض، تتكون من 85 محطة، ويبلغ إجمالي طولها أكثر من 170 كيلومترا. كما من المتوقع أن يتم افتتاح أول دار للسينما بعد 35 سنة من حظرها. ومن المقرر أيضا الانتهاء من بناء "المدينة الترفيهية"، التي ستضم مرافق ترفيهية ورياضية وثقافية ومنتزهات وغيرها، بحلول سنة 2021.

ونقلت الصحيفة عن وسائل إعلام، أن الجولات السياحية ستشمل رحلات إلى المعالم الأثرية والتاريخية في المملكة، على غرار مدينة مدائن صالح، التي تقع على بعد 20 كيلومترا من الرياض، والتي بناها الأنباط القدماء، علما وأن هذه المدينة تندرج في قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

وبينت الصحيفة أن موجة مكافحة الفساد في المملكة، التي مكنت ولي العهد الشاب من إزاحة منافسيه، تتزامن مع تنفيذ جملة من الإصلاحات، التي تميل إلى تحديث البلاد، والتي يشرف عليها ولي العهد بنفسه. ومن المثير للاهتمام أن العلاقة بين الدين والدولة في المملكة العربية السعودية متشابكة ومعقدة، ما يعني أنه في حال لاقت إصلاحات الأمير شعبية كبيرة لدى الفئة الشابة في المملكة، فقد تؤدي إلى احتجاج الفئة المحافظة من الشعب.

وأكدت الصحيفة أنه قد يتم تصوير هذه المبادرة، الهادفة لتعزيز اقتصاد البلاد، على أنها تدنيس للأراضي المقدسة من قبل الصليبيين، وفقا لما يراه بعض المتشددين الدينيين في المملكة. وبناء على ذلك، تعيش المملكة العربية السعودية مرحلة حاسمة في تاريخها، إذ إنها تقف أمام طريقين اثنين لا ثالث لهما، فإما التوجه نحو تحديث البلاد، أو جرها نحو مرحلة من انعدام الاستقرار.

وأردفت الصحيفة بأنه في الحالة الأولى، لن تعزز السعودية اقتصادها فحسب، بل ستصبح دولة أكثر تحررا، وهو ما قد يؤثر حتى على علاقاتها السياسية. أما في الحالة الثانية، فقد تؤدي إصلاحات الأمير الشاب إلى احتقان داخل العائلة المالكة، ما قد يؤثر سلبا على المنطقة، ويتسبب في اندلاع أزمة جديدة في المملكة العربية السعودية وفي عدة دول من المنطقة على حد سواء.

 

اقرأ أيضاالسعودية بين هيئتين.. الحسبة والترفيه ما الذي تغير؟ (ملف)