حذر خبراء في علم النفس والاجتماع من خطورة تفاقم ظاهرة زواج القاصرات في مصر، وخلق جيل من الأبناء مجهولي الهوية.
وقالوا في تصريحات لـ"عربي21" إن تزايد حالات زواج القاصرات، تحت السن القانوني، يستوجب معالجة أسبابها، التي يأتي في مقدمتها العامل الاقتصادي، بعد مرور البلاد بأزمة اقتصادية طاحنة خلال السنوات الأربع الماضية، والتي زادت حدتها وتسارعت بشكل كبير في أعقاب تعويم الجنيه، وغلاء الأسعار، وارتفاع تكاليف الزواج.
وذكرت دراسة أُعدت بالتعاون بين وزارة التضامن ومنظمة اليونسيف في عام 2010 أن عدد زواج القاصرات في مصر يزيد على 40 ألف زيجة، ووصل عدد أبنائهن 150 ألف مولود، وأن نسبة زواج القاصرات في مصر حوالي 11% من عدد الزيجات.
إلا أن هذا الرقم تضاعف ثلاث مرات في الفترة ما بين 2010 و2017 ليصل إلى أكثر من 119 ألف حالة زواج كل عام، وزادت نسبة زواج القاصرات إلى نحو 15%، وفق آخر إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء العام الماضي.
اقرأ أيضا: شيخ الأزهر يعقب على السيسي بشأن زواج القاصرات.. ماذا قال؟
وفى دراسة أخرى للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، كشفت أن زواج القاصرات في مصر انتشر خلال الفترة الأخيرة من خلال ما يسمى بعقود الزواج العرفية (عقود غير موثقة)، وارتفع بنسبة 33% عن المعدلات الطبيعية.
الاقتصاد يتحكم
وعزا استشاري الطب النفسي بعين شمس، إبراهيم مجدي حسين، ارتفاع حالات زواج القاصرات بالأساس "إلى العوامل الاقتصادية، ثم ثقافة المجتمع خاصة في بعض مناطق الريف بالصعيد، والمناطق العشوائية بالمدن الكبرى خاصة الجيزة والقاهرة، إضافة إلى الصورة الذهنية لدى البعض بأن الفتاة لا بد أن تتزوج في سن مبكر، وبعضها يتدخل بها العامل الديني"، داعيا إلى "تطبيق القوانين وتغليظها في زواج القاصرات".
وحذر في تصريحات لـ"عربي21" من التأثيرات النفسية على الفتيات القاصرات غير المدركات لمفهوم الحياة الزوجية والإنجابية والأمومة، قائلا: "هناك ضغوط نفسية تتعرض لها الفتاة القاصر من بينها ضغوط نفسية نتيجة تحمل أعباء أكبر من سنها، كما يؤثر الحمل والإنجاب على صحتها الجسدية أيضا، ويجعلها تكبر وتهرم قبل الأوان".
وأكد أن مثل تلك الزيجات "عرضة للانهيار خاصة إذا كانت هناك فوارق عمرية بينهما، فسرعان ما يشب الخلاف بين الزوجين لعدم قدرة القاصر على التعامل بنضج عقلي ونفسي بالمتغيرات الجديدة التي تعيش فيها، تنتهي بالطلاق أو الخيانة الزوجية، ما يترتب على الأمر زيادة حالات الطلاق، وتشرد الأطفال".
تأخر الزواج لا يعني عنوسة
أستاذة الاجتماع بأداب جامعة المنوفية، إنشاد عز الدين، قالت لـ"عربي21" إن "زواج القاصرات في مصر ليس في إطاره الطبيعي، بل في زيادة، ويجب العمل بقوة من أجل تجريم تلك الظاهرة ووقفها حفاظا على المجتمع من الانفجار السكاني، والانهيار الأسري، ففترة الخصوبة لدى الفتيات عند سن 13 و14 تكون مرتفعة، وقد تلد أعدادا كبيرة بدون حساب، ولكن الزواج عند 25 سنة ستكون فترة الخصوبة والإنجاب أقل".
اقرأ أيضا: مطالبات بالسعودية بتعديل قانون "الأحوال" لتجريم زواج القاصرات
وعن سبب تزويج القاصرات، فقد أرجعته إلى "الموروث الثقافي لدى البعض بضرورة زواج الفتيات في سن مبكرة تخوفا من تأخرهن في الزواج لاحقا، وحفاظا عليهن من تقلبات المجتمع، والانحرافات السلوكية"، مضيفة أنه لا يمكن استبعاد "غلاء المعيشة، وتراجع الدخول، وتعويم الجنيه من قائمة الأسباب الرئيسية".
ظواهر اجتماعية
وعلقت الصحفية والإعلامية، إلهام محمد عبدالله، على أسباب زواج القاصرات في مصر، بالقول إن "تدهور أحوال المصريين الاقتصادية له أثر كبير في الزواج المبكر، وعلى الرغم من تحديد سن الزواج عند 18 سنة إلا أن بعض أولياء الأمور يلتفون حول هذا القانون بالتزوير".
وأضافت في تصريحات لـ"عربي21" أن "بعض الفتيات القاصرات يجبرن على الزواج بسبب ضيق ذات اليد، أو اتخاذهن سلعة بتزويجهن من ثري أو تاجر"، محذرة من أن تلك الظاهرة يترتب عليها آثار سلبية "على الحياة النفسية والصحية للفتيات؛ لأنهن يكن غير مدركات أو قادرات على تحمل أعباء الزواج والإنجاب ويصطدمن بواقع صعب وقاس".
مصر تطالب بتحرك عاجل يحسم الخلافات حول سد النهضة
"البناء والتنمية": انسداد الأفق السياسي يفتح أبواب الشر بمصر
مصادر: السودان يطالب قيادات وأعضاء الإخوان بمغادرة أراضيه