اقتصاد عربي

ركود تضخمي ينتظر اقتصاد الأردن بعد إجراءات تقشفية

وزير المالية الأردني: انحسار شديد في فرص العمل واستمرار تفاقم العجز في الموازنة العامة- جيتي

أعلن وزير المالية الأردني السابق محمد أبو حمور، أن الاقتصاد الأردني واجه خلال السنوات الأخيرة تحديات صعبة جراء التطورات والمستجدات الاقتصادية والمالية العالمية والظروف السياسية الإقليمية الصعبة.


وأضاف أن الحكومات المتعاقبة اتخذت إجراءات وسياسات إصلاحية لمواجهة تلك الصعوبات، وتبنت برامج إصلاح لإخراج الاقتصاد الوطني من الوضع الحرج الذي يجابهه.


وأوضح أن الوضع الحرج الذي لا يزال يسود الاقتصاد الوطني يتمثل باستمرار حال التواضع الشديد في معدلات النمو التي تقل عن معدلات النمو السكاني في ظل تدفق اللاجئين بأعداد كبيرة، إلى جانب انحسار شديد في فرص العمل واستمرار تفاقم العجز في الموازنة العامة، ما أفضى إلى ارتفاع غير مسبوق في إجمالي الدَين العام ليتخطى الحدود الآمنة.


وقال الوزير الأردني: "لذلك تبعات سلبية على البيئة الاستثمارية المحلية، إلى جانب تراجع تدفقات الاستثمار الخارجي وتزايد الاختلالات في الموازين الاقتصادية الخارجية جراء تراجع أو تباطؤ نمو الصادرات الوطنية وتزايد الواردات، ما أفضى إلى حال من الانكشاف الاقتصادي ونقص المناعة الكافية تجاه التصدي لكل هذه التحديات.

 

اقرأ أيضا: العاهل الأردني: مشاكلنا الاقتصادية مرتبطة بموقفنا من القدس

 

تحقيق النمو


وأوضح أن تحقيق النمو في أي بلد يتطلب زيادة تراكم التكوين الرأسمالي، بما يشمل الاستثمارات السنوية الجديدة وزيادة قوة العمل، وزيادة حجم الأسواق الطلب الاستهلاكي المؤدي إلى تعزيز الطلب الاستثماري بهدف تحسين مستوى المعيشة للمواطنين.


وشدد على أن الحكومة أكدت أن إجراءاتها المتخذة أخيراً التي تتضمن رفع أسعار عدد كبير من السلع من خلال فرض رسوم إضافية على بعضها وزيادة نسبة ضريبة المبيعات على بعضها الآخر، ضرورية لخفض المستوى القياسي للدين العام تدريجياً.


وأشار أبو حمور إلى أن حزمة القرارات الحكومية الأخيرة تشمل خفض نسبة الضريبة العامة على المبيعات على السلع الأساس المعفاة والخاضعة لنسبة الصفر ونسبة 4 في المئة، لتصبح نسبة موحدة وهي 10 في المئة، وتشمل هذه القرارات السلع الغذائية الأساس وكل أنواع اللحوم المعلبة والملح والزعتر وكل أنواع الخضار والفواكه وغيرها.


ولفت إلى أن الحكومة قررت رفع الضريبة المفروضة على مادة البنزين بواقع 6 في المئة لتصبح 30 في المئة، إلى جانب رفع سعر الخبز من 16 إلى 32 قرشاً لكيلو الخبز الكبير، ومن 25 إلى 40 قرشاً للخبز الصغير مع تقديم دعم مقداره 27 قرشاً شهرياً للمواطن من الفئات المحدودة والمتوسطة الدخل.

 

اقرأ أيضا: الأردن يلغي دعم الخبز وتوقعات بارتفاع أسعاره مئة بالمئة

سياسة تقشفية


وتوقع أن يبلغ معدل النمو الحقيقي نحو 2.5 في المئة خلال العام الحالي، و2.7 في المئة عام 2019 و2.9 في المئة عام 2020، و1.5 في المئة خلال العام الحالي و2.5 في المئة عامي 2019 و2020، بسبب الإجراءات الحكومية الأخيرة التي تعتبر إجراءات انكماشية ستؤثر سلباً في الطلب والعرض.


وأوضح أن الطلب الاستهلاكي المحلي سينخفض بقوة نتيجة تآكل الدخول المحلية بسبب الضرائب الجديدة حيث تجد المصانع ووحدات الإنتاج المختلفة صعوبة في تسويق منتجاتها في ظل تراجع الطلب المحلي، وتأثر الطلب الخارجي على السلع الأردنية سلباً نتيجة ضعف تنافسيتها بسبب ارتفاع كلف الإنتاج.


وقال إن الاقتصاد الأردنيّ يتجه نحو الركود التضخمي، إذ أن الإجراءات الحكومية الواسعة النطاق ستحدث ارتفاعاً جامحاً في الأسعار لا يقتصر على ارتفاع السلع التي شملتها زيادة الضريبة فقط بل ستشمل سائر السلع والخدمات.


ولفت إلى أن الاقتصاد الوطني لن يكون قادراً على تحقيق معدلات النمو الإيجابي الرسمية المستهدفة لأن مصادر النمو لا تزال في أوضاع صعبة، فالصادرات لن تحقق معدلات النمو البالغة المستهدفة والبالغة 5.5 في المئة عام 2018 و6.2 في المئة عامي 2019 و2020، في ظل التأثير السلبي للإجراءات الحكومية على تنافسية البضائع الأردنية.

وتوقع استمرار الظروف السياسية الإقليمية غير المستقرة وكثرة الحديث عن مظاهر الفساد، ما يؤثر سلباً في حجم التدفقات الاستثمارية القائمة التي أخذت في الهروب إلى الخارج بحثاً عن بيئات استثمارية جاذبة، كما أن عدم استقرار النظام الضريبي في المملكة الذي أحدثته القرارات الحكومية الأخيرة سيؤدي إلى تراجع النشاط الاقتصادي.

 

اقرأ أيضا: أزمات خانقة تدفع الأردن لوقف اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا

البطالة والفقر


وقال إن البطالة والفقر سيرتفعان، ولن تكون هنالك بوادر لتوفير فرص عمل كافية لاستيعاب القوى العاملة العاطلة من العمل، ولذلك فإن معدل البطالة يتوقع أن يسجل ارتفاعات متواصلة من 18 إلى 23 في المئة.


ولفت إلى أن النفقات الحكومية تتطلب مزيداً من الانضباط نظراً إلى أن النفقات الجارية لا تزال تطغى على إجمالي الإنفاق، وتزيد حصتها على 87 في المئة، كما أن النفقات الرأسمالية، خصوصاً خلال السنوات المقبلة، لن تتحقق في ظل توقعات بانحسار المنح الخارجية من المصادر التقليدية.


وأضاف: "نسبة العجز ستكون أعلى من التوقعات لأن الإيرادات المحلية المستهدفة وفقًا لقانون الموازنة لعام 2018 لن تتحقق جراء الظروف الانكماشية التي سيتسم بها أداء الاقتصاد الوطني، ولكن حجم الدَين العام خلال الأعوام المقبلة لجهة الأرقام المطلقة سيكون أعلى من الأرقام الرسمية المستهدفة، لأن عجز الموازنة العامة بعد المنح الخارجية التي ستشهد انخفاضاً ملحوظاً سيكون أعلى من التوقعات المستهدفة".


كما أن عجز الميزان التجاري والحساب الجاري لميزان المدفوعات سيكون أعلى نتيجة ارتفاع أسعار النفط الخام عن المستويات التي بنيت عليها الموازنة العامة لعام 2018، وذلك بسبب ارتفاع فاتورة واردات النفط الخام ومشتقاته خلال السنوات القليلة المقبلة.

 

اقرأ أيضا: هل يلجأ الأردن لمراجعة الأجور المتدنية مع موجة الغلاء؟

تجاوز الأزمات


وشدد على أن الأردن قادر على تجاوز هذه الأزمة عبر التعامل بكفاءة واقتدار مع التحديات القائمة والفرص الكثيرة، لأنه يمتلك إمكانات كبيرة للنمو والتطور. فهو يحتاج إلى الالتزام بجملة من المبادئ من أبرزها تحقيق العدالة والمساواة وتعميق نهج الشفافية والوضوح، وتعزيز نهج المساءلة والمحاسبة ومحاربة الفساد ومناعة الاقتصاد الوطني ضد الصدمات الخارجية، وهذا يتطلب تعزيز أركان الاستقرار النقدي والمالي من دون إرهاق المواطنين وتعزيز الأمن الغذائي والمائي ومحاربة الفساد والبطالة.