يربط محللون بين توقيت زيارة وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، عبدالله بن زايد آل نهيان، يوم الثلاثاء إلى الأردن، وبين إلغاء المملكة لاتفاقية التجارة الحرة مع تركيا، التي احتفى بها وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، خلال استقباله وزير الخارجية التركي مولود جاويش، الشهر الماضي.
ويطرح سياسيون واقتصاديون سؤالا "ما الذي جد خلال أقل من شهر، ليكتشف المسؤولون الأردنيون أن الاتفاقية ليست في صالح المملكة، وتضر بالمنتج الوطني؟"، رغم اتفاق الوزيرين الأردني والتركي على العمل لتوقيع الاتفاقيات اللازمة، والقيام بالخطوات الضرورية لكي تحقق اتفاقية التجارة الحرة العائد الإيجابي للبلدين.
يد الإمارات والسعودية
يعتقد الكاتب والمحلل السياسي الأردني، بسام بدارين، أن السر في التوقيت، رابطا بين زيارة وزير الخارجية الإماراتي، وبين إلغاء الاتفاقية.
ويقول، لـ"عربي21"، إن الموضوع سياسي بامتياز، بماذا نفسر إلغاء الاتفاقية قبل يوم واحد من زيارة عبدالله بن زايد آل نهيان؟ أعتقد أن الهدف إخراج تركيا من المنطقة، خصوصا بعد تصريحات ولي العهد السعودي في القاهرة، التي تحدث فيها عن مشاريع سياحية في البحر الأحمر والعقبة، هذا قرار سياسي طاغ عليه العنصر السعودي والإماراتي؛ بسبب التنافس مع تركيا على البحر الأحمر".
يتساءل بدارين: "ما المقابل الذي سيحصل عليه الأردن؟"، مذكرا أن دول الخليج لم تف بوعودها فيما يتعلق بالمساعدات المقدمة إلى المملكة، إلى جانب عدم تجديد المنحة الخليجية المقدرة بخمسة مليارات".
الحكومة الأردنية تبرر.. وتجار يردون
وزارة الصناعة والتجارة الأردنية، بررت إيقاف العمل بالاتفاقية، بسبب ما أسمته "حماية المنتج المحلي"، وقالت في بيان صحفي الثلاثاء، إن "وقف العمل بالاتفاقية "يهدف لتجنب المزيد من الآثار السلبية التي لحقت بالقطاع الصناعي، في ضوء المنافسة غير المتكافئة التي يتعرض لها من البضائع التركية التي تحظى بدعم من الحكومة التركية".
إلا أن رئيس غرفة تجارة عمان، عيسى حيدر مراد، فند البيان الرسمي الأردني، مؤكدا أن "وقف العمل باتفاقية التجارة الحرة مع تركيا سيلحق الضرر بالقطاع التجاري والخدمي".
وقال في بيان صحفي إن "القرار سيلحق ضررا بالعديد من القطاعات التجارية، كونها بنت استثماراتها وتعاملاتها وتوكيلاتها واتفاقياتها وفرص العمل مع الشركات التركية حسبما يتوافق مع بنود الاتفاقية".
ووقعت الأردن وتركيا اتفاقية التجارة الحرة في عام 2009، لتدخل حيز التنفيذ في عام 2011، وأصبحت السلع الصناعية أردنية المنشأ تدخل للسوق التركية معفاة من الرسوم الجمركية. وفي المقابل، أُعفيت السلع التركية الواردة إلى السوق الأردنية من الرسوم الجمركية تدريجيا على فترة انتقالية تمتد لـ8 أعوام، واتفق الجانبان مؤخرا على إنشاء منطقة حرة في العقبة؛ كي تتمكن تركيا من نقل بضائعها وشحنها.
ودعا رئيس الوزراء هاني الملقي، العام الماضي، تركيا لتصدير صناعتها عبر العقبة، وقال خلال استقباله وفدا تركيا برئاسة رئيس الغرف التجارية والبورصات التركية، رفعت أوغلو، إنه "يمكن زيادة العلاقات التجارية بين الأردن وتركيا من خلال استخدام معابر بديلة للتجارة بين الأردن وتركيا، والاستفادة من الفرص الاستثمارية والحوافز الموجودة في المملكة وفي منطقة العقبة الاقتصادية بشكل خاص".
اقرأ أيضا: عمان - إسطنبول خطوط مفتوحة في جميع الاتجاهات
هل توجد دراسة محايدة؟
الخبير الاقتصادي، ورئيس تحرير موقع المقر، سلامة الدرعاوي، يرى ضرورة أن "تقوم الحكومة بدراسة علمية محايدة صادرة من بيت خبرة متخصص، لتبين فعلا إن كان هناك ضرر من الاتفاقية على المنتج المحلي، وألّا تعتمد على بيانات من جهات معينة".
ويقول، لـ"عربي21"، إن "استثمارات تركية في المملكة تبلغ نحو 2.2 مليار دولار، وتتوزع على مختلف القطاعات، من أبرزها المقاولات والمياه، ما هو مصير تداعيات الانفتاح الاقتصادي التركي الأردني واتفاقية "إلغاء التأشيرة بين البلدين" عام 2009، وتسيير رحلات طيران مباشرة بين اسطنبول - عمان، وأنقرة - عمان، حيث أسهمت تلك الرحلات الدورية المباشرة في تعزيز التواصل، وبناء علاقات أقوى وأفضل بين رجال الأعمال الأردنيين والأتراك، بالإضافة إلى التواصل الثقافي بين الشعبين، والبدء برحلات "رورو" البحرية بين مينائي العقبة والإسكندرون، حيث سيحيي خط الرورو أنشطة المصدرين إلى المنطقة، بعد أن تأثرت سلبا مع اندلاع الأزمة في سوريا، التي كانت البوابة الرئيسية للمصدرين الأتراك نحو الشرق الأوسط".
ويضيف أنه "إذا كانت الحكومة جادة بمراجعة اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية لحماية المنتجات الوطنية، فالأولى أن تبدأ بمراجعة فورية لاتفاقية الشراكة الأوروبية التي ألحقت أكبر ضرر بالاقتصاد الوطني، وبات العجز لصالح الاتحاد الأوروبي بحوالي 2.6 مليار دولار، في حين بقيت الصادرات الوطنية على حالها منذ ما يقارب عشرين عاما".
يأتي إلغاء الأردن للاتفاقية مع تركيا ليثير تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين البلدين، التي شهدت تقاربا كبيرا الفترة الأخيرة، بعد وقوف تركيا إلى جانب المملكة في التصدّي لقرار ترامب، بخصوص نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، والاعتراف بإسرائيل عاصمة لها. فهل استثار هذا التقارب دولا عربية في المنطقة؟