تقول صحيفة "نيويورك تايمز" في مقالها الرئيسي إنه في محاولة يائسة للبحث عن حلفاء على الأرض في القتال ضد تنظيم الدولة، فإن إدارتي كل من الرئيس باراك أوباما ودونالد ترامب قامتا بالتحالف مع الأكراد السوريين، رغم أنهم كانوا حلفاء لمنظمة تشن حربا في جنوب تركيا، التي هي عضو في حلف الناتو.
ويستدرك المقال، الذي ترجمته "عربي21"، بأن "نجاحات الأمريكيين ضد تنظيم الدولة مهددة الآن بالهجمات التي تقوم بها تركيا على أكراد سوريا، فالهجوم الذي كان متوقعا منذ فترة قد يؤدي إلى حرب واسعة، وإلى تقسيم سوريا إلى مناطق تأثير، ويحتاج وقفها إلى التزام دبلوماسي من الأطراف كلها، وهو أمر غائب في الوقت الحالي".
وتشير الصحيفة إلى أن العملية بدأت عندما دخلت القوات التركية الحدود السورية، وهاجمت المقاتلين الأكراد الذين يسيطرون على بلدة عفرين في شمال غرب البلاد، لافتة إلى أن الأوضاع تطورت عندما هدد الرئيس رجب طيب أردوغان بتوسيع الحملة، والمضي حتى مدينة منبج، التي يتمركز فيها عناصر من القوات الأمريكية الخاصة، و"هدد أردوغان بطرد الأكراد، وتوطين اللاجئين السوريين مكانهم".
ويلفت المقال إلى موقف الحكومة التركية من قوات حماية الشعب الكردي، التي تسيطر على قوات سوريا الديمقراطية، فهم في نظر أنقرة لا يختلفون عن حزب العمال الكردستاني "بي كا كا"، أي أنها تعدهم إرهابيين.
ولا تستبعد الصحيفة "وجود روابط" بين الجماعة السورية والأم التركية، مع أن الأكراد السوريين يقللون من أهمية هذه العلاقات، حيث يشترك الطرفان بالجذور، مع أن الفرقة السورية التزمت بوعدها منذ عام 2012، وهو عدم تقديم الدعم للفرع الأم في تركيا.
ويبرر المقال التعاون الأمريكي مع منظمة مرتبطة بأخرى إرهابية، بالقول إنه "رغم التعقيدات النابعة من تعاون الأمريكيين مع جماعة كردية في وقت تشن فيه جماعة أخرى حربا على حليف في الناتو، إلا أنه كان أمرا منطقيا، والسبب هو رفض تركيا قتال تنظيم الدولة، وفتح حدودها للجهاديين، بالإضافة إلى تركيز أنقرة في تلك الفترة على مساعدة الجماعات المعارضة لنظام بشار الأسد، وفي المقابل، فإن الأكراد عبروا عن الرغبة في قتال تنظيم الدولة الذي هدد قواتهم، لكن على الولايات المتحدة منع الطرفين من القتال قبل أن يتلاشى تهديد تنظيم الدولة".
وتعترف الصحيفة بأن مظاهر القلق التركي بدأت بعد عام 2012، عندما تعاون الأمريكيون مع الأكراد، مشيرة إلى أن الأتراك يريدون الآن منعهم من ربط ثلاثة جيوب يعيش فيها الأكراد، ما يمنحهم القدرة على دعم أكراد تركيا في شن هجمات في جنوب البلاد.
وتتفهم "نيويورك تايمز" مظاهر القلق التركي، مستدركة بأن "قرار الرئيس رجب طيب أردوغان الهجوم على أكراد سوريا يحمل الكثير من المخاطر، فقد يؤدي إلى حشد الأكراد في المنطقة".
ويجد المقال أن العملية في عفرين هي جزء من خطة طويلة لأردوغان، وهي تعبئة الرأي العام قبل انتخابات عام 2019، وتصوير أمريكا على أنها عدو، لافتا إلى أن المواجهة الأخيرة بدأت بإعلان البنتاغون عن خطة لإنشاء قوة حدود من 30 ألف مقاتل، الأمر الذي رأته تركيا محاولة أمريكية لإقامة كيان كردي في شمال شرق سوريا.
وتنوه الصحيفة إلى أنه عندما ردت أنقرة على إعلان البنتاغون بغضب، فإن البيت الأبيض حاول تخفيف النبرة، وألمح لوقف المساعدات العسكرية للأكراد، إلا أن البنتاغون ردت قائلة إن العمل جار على إنشاء القوة، مشيرة إلى أن واشنطن وافقت على العملية العسكرية الأخيرة؛ لتخفيف الغضب التركي، زاعمة أن عفرين لا تدخل ضمن صلاحيات الأمريكيين، وحذرت في الوقت ذاته من توسيع العملية إلى منبج؛ خشية حدوث مواجهة مع القوات الأمريكية هناك.
وينتقد المقال المواقف المتناقضة القائمة على إرضاء الأتراك ودعم الأكراد، ويرى أن "تركيا باقتصادها القوي، وجيشها الكبير، وقاعدتها العسكرية (إنجرليك) يجب أن تكون قريبة من الغرب لا التخلي عنها، ومع ذلك فالإدارة الأمريكية لا تزال بحاجة للأكراد، حيث افترضت إدارة أوباما، وترامب بعده، أنه لو سمح لأردوغان بالتصرف بحرية ضد أكراد تركيا فإنه سيسمح لواشنطن بالتصرف بحرية مع أكراد سوريا".
وتعلق الصحيفة قائلة إنه "ثبت خطأ هذا الافتراض، حيث تواجه أمريكا وضعا يقاتل فيه حلفاؤها بعضهم، والمستفيد من هذا كله هو نظام الأسد وداعموه الروس والإيرانيون وبقايا تنظيم الدولة".
وتقول الصحيفة: "يجب على الولايات المتحدة الضغط على أردوغان لاستئناف المفاوضات مع أكراد تركيا، وطمأنته بأن منطقة شبه الحكم الذاتي لا تشكل تهديدا عليه، ولن يكون لها تعاون مع أكراد تركيا، ويجب على الأكراد في سوريا الموافقة على هذه الشروط، والسماح لغير الأكراد بالعيش في مناطقهم وعدم إعلان الاستقلال".
وتختم "نيويورك تايمز" مقالها بالقول": "استفاد النظام السوري من المواجهة بين حلفاء أمريكا، ويدفع باتجاه السيطرة على مناطق للمعارضة، وفي الوقت ذاته تعمل روسيا وإيران على تعزيز وجود دائم لهما، والتأثير على مستقبل سوريا، فماذا تفعل أمريكا؟".
واشنطن بوست: ما تبعات حرب عفرين متعددة الجبهات؟
واشنطن بوست: ما هي الخيارات الأمريكية في سوريا؟
التايمز: ماذا يريد أردوغان في عفرين؟