نشرت صحيفة "لي أوكي
ديلا غويرا" الإيطالية تقريرا، تحدثت فيه عن الكتاب الذي أصدره الصحفي
الإسرائيلي، رونين بيرغمان، والذي كشف تفاصيل مختلف محاولات إسرائيل لاغتيال الزعيم
الراحل ياسر عرفات، التي باءت بالفشل.
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الكتاب الذي أصدره الصحفي الإسرائيلي،
رونين بيرغمان، سلط الضوء على مؤامرات الموساد
الإسرائيلي لاغتيال زعيم منظمة التحرير الفلسطينية، وذلك في أواخر السبعينات ومطلع
الثمانينات. عموما، كان القضاء على ياسر عرفات الهاجس الوحيد للمخابرات
الإسرائيلية، علما أن من بين المتورطين وزير الدفاع آنذاك أرييل شارون، فضلا عن رفائيل إيتان.
وذكرت الصحيفة أنه في 23
من تشرين الأول/ أكتوبر سنة 1982، تلقى جهاز المخابرات الإسرائيلية تسريبات تفيد بأن زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات موجود في العاصمة اليونانية أثينا، وأنه سيغادر البلاد إلى القاهرة في ظهر ذلك اليوم، مستقلا طائرته الخاصة.
والجدير بالذكر أن أرييل شارون، الذي كان يرأس في ذلك الوقت وزارة الدفاع، عمد إلى وضع الخطة لقصف الطائرة
التي يسافر على متنها ياسر عرفات. في الأثناء، كان قائد القوات الجوية
الإسرائيلية، ديفيد إيفري، المكلف بالإشراف على هذه المهمة، وإعطاء شارة
التنفيذ، وذلك بالتنسيق مع جهاز الموساد الإسرائيلي. وفي حين كان شارون على
عجلة من أمره حتى يتم إسقاط الطائرة، إلا أن إيفري فضل التأني؛ حتى
يتأكد من أن ياسر عرفات على متن الطائرة.
وبينت الصحيفة أنه وحسب
ما جاء في كتاب بيرغمان، ألغيت العملية بعد ورود معلومات لإيفري من قبل
الموساد تؤكد أن ياسر عرفات لم يكن على متن الطائرة، وأن الرجل الذي استقلها كان
شقيق ياسر عرفات الأصغر، فتحي عرفات.
وتجدر الإشارة إلى أن
إلغاء هذه العملية كان لسببين. ويتمثل السبب الأول في أن إيفري لم يكن على يقين من أن ياسر عرفات قد استقل
الطائرة، إذ إنه من المعروف عن رئيس منظمة التحرير الفلسطينية أنه لم يكن
يؤدي زيارات إلى مصر، بل شقيقه فتحي عرفات، الذي كان كثيرا ما يزور
القاهرة. أما السبب الثاني، فيكمن في الخوف الذي انتاب إيفري من العواقب الوخيمة
التي قد تترتب عن هذه العملية، حيث قد تُوجه لإسرائيل عقوبات دولية.
وأفادت الصحيفة بأن هذه
العملية كانت ستوقع بالعشرات من الضحايا من المدنيين. فضلا
عن ذلك، كان على متن الطائرة، آنذاك، ثلاثون طفلا جريحا تم إجلاؤهم قبل بضعة
أسابيع من مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين، حيث وقعت إحدى أفظع وأبشع المجازر
التي ارتُكبت على مدار التاريخ الإنساني من قبل إسرائيل في حق الفلسطينيين.
ونوهت الصحيفة إلى أن
أرييل شارون وديفيد إيفري بذلا كل ما في وسعهما للإطاحة بياسر عرفات، رئيس
منظمة التحرير الفلسطينية، الذي كان يشكل تهديدا بالنسبة لإسرائيل بأسرها. فمن
منظور تل أبيب، يقتضي القضاء على المقاومة الفلسطينية الإطاحة برأس
الهرم، ياسر عرفات.
وحسب ما أكده
رونين بيرغمان في كتابه، خطط كل من شارون ورفائيل إيتان لتفجير ملعب في
العاصمة اللبنانية بيروت، كان سيعقد فيه اجتماع لمنظمة التحرير. لكن رئيس
الوزراء، آنذاك، مناحم بيجن، منع وزارة الدفاع من تنفيذ العملية؛ خوفا من العقوبات
الدولية التي كانت ستفرض على إسرائيل. ففي الغالب، كان سيتم عزلها دوليا،
حيث كان الآلاف من المدنيين سيلقون حتفهم. وقد كانت العملية ستسفر حتما عن مقتل
عرفات، فضلا عن أغلب الزعماء الفلسطينيين الذين يشكلون خطرا على إسرائيل.
وذكرت الصحيفة أنه وعلى
الرغم من أن العملية الأخيرة ألغيت في مراحلها الأخيرة، إلا أن شارون كان مصرا
على التخلص من عرفات. فقد أمر بإنشاء فريق مختص في عمليات التفجير في بيروت، أطلق
عليه اسم "سالت فيش"، تتمثل مهمته في التخلص من الزعيم
الفلسطيني.
والجدير بالذكر أن الرئيس الراحل قرر إجراء لقاء مع صحفي إسرائيلي، ألا
وهو أوري أفنيري وفريقه في لبنان. وقد عمد رجال فريق سالت فيش إلى تتبع أفنيري في
محاولة لاغتيال عرفات، الذي أحس بالخطر تماما مثل كل مرة، وتمكن من الفرار في
الوقت المناسب.
وفي الختام، أكدت الصحيفة
أن أرييل شارون صب كل جهوده بغية اغتيال الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، الذي بات هاجسا بالنسبة له.