نشرت صحيفة "فيلت" الألمانية تقريرا تحدثت فيه عن القيادي السابق في تنظيم القاعدة المنحدر من أصول ألمانية، كريستيان غانزارسكي، الذي يقبع حاليا في أحد السجون الفرنسية. ويعرف غانزارسكي بعلاقاته الوطيدة بـ"أخطر الإرهابيين" في العالم.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الإرهابي الألماني، كريستيان غانزارسكي ولد سنة 1966 في مدينة غليفيتسه البولندية، لينتقل سنة 1976 إلى مدينة مولهايم أن در رور رفقة عائلته. أما خلال سنة 1986، اعتنق غانزارسكي الدين الإسلامي، وبعد احتكاكه بعدد من المتشددين، أصبح معروفا لدى المخابرات الألمانية بتوجهاته المتطرفة.
وأكدت الصحيفة أن غانزارسكي يقبع في الوقت الراهن في سجن "فاندان لو فييه" الفرنسي. وبعد أن كان من المقرر إطلاق سراحه في غضون الأسبوعين المقبلين، من المرجح أن يبقى في السجن لفترة أطول على خلفية إقدامه بتاريخ 11 كانون الثاني/ يناير الجاري على طعن ثلاثة حراس في السجن، باستخدام مقص وقضيب حديدي.
وأشارت الصحيفة إلى أن القضاء الأمريكي يتهم غانزارسكي بالتخطيط لتنفذ هجمات إرهابية وربط علاقات مع المتورطين في هجمات 11 أيلول/ سبتمبر سنة 2001. وحيال هذا الشأن، أفاد المسؤول في مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، وليام سويني، "لن ننسى الأعمال الإجرامية التي ارتكبها غانزارسكي، رفيق درب بن لادن".
وأوضحت الصحيفة أن غانزارسكي لم يكن تحت مجهر السلطات الألمانية نظرا لغياب أدلة ملموسة حول ارتباطاته بتنظيم القاعدة، قبل أن يتلقى اتصالا من قبل نزار نوار، المتورط في الهجوم الإرهابي، الذي استهدف معبد الغريبة بجزيرة جربة التونسية. في ذلك الوقت، تفطنت الأجهزة الأمنية التونسية إلى الاتصال الهاتفي الذي جرى بين نوار وغانزارسكي. فيما حاولت هيئة حماية الدستور الألمانية فك شيفرات هذه المكالمة الهاتفية، لكنها لم تتمكن من فهم محتواها.
وأفادت الصحيفة بأن غانزارسكي كان مكلفا بصيانة وتشفير شبكات الاتصال لدى تنظيم القاعدة، كما كان مسؤولا عن تأطير الوافدين الجدد في هذا التنظيم المتطرف. ووفقا لبعض الشهود العيان، كان غانزارسكي محل ثقة زعيم تنظيم القاعدة، أسامة ابن لادن. وبعد معركة تورا بورا، عثرت القوات الأمريكية المختصة على قائمة أسماء ميليشيات تنظيم القاعدة من بينها الاسم الحركي لغانزارسكي، أبو أحمد الألماني.
وأضافت الصحيفة أن المحققين لدى المكتب الفيدرالي للشرطة الجنائية الألمانية عثروا على وثيقة تحتوي على رقم هاتف المشتبه به الرئيسي في هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، خالد الشيخ محمد. وعلى ضوء هذه المعطيات، فتح المكتب الفيدرالي للشرطة الجنائية الألمانية تحقيقا بشأن الدور الذي لعبه غانزارسكي في هذه الهجمات.
وبينت الصحيفة أن القيادي السابق لدى تنظيم القاعدة أنكر ضلوعه في هجمات 11 أيلول/ سبتمبر. ولعل الأمر الذي يثير الشكوك هو أن غانزارسكي أضاع جواز سفره قبيل هذه الهجمات. ويبدو أن هذا الإرهابي الألماني أراد من خلال التبليغ عن ضياع جواز سفره طمس كل الأدلة التي يمكن أن تدينه في هذه الحادثة، من تأشيرات سفر أو أختام دخول وخروج.
وذكرت الصحيفة أن النيابة الفيدرالية الألمانية تجاهلت كل الجرائم التي ارتكبها غانزارسكي لتكتفي بتوجيه تهمة عدم الإبلاغ عن جناية، في إشارة إلى الهجوم الإرهابي المنفذ بجزيرة جربة. ونظرا لعدم اقتناعها بالتهمة المنسوبة للقيادي السابق لدى تنظيم القاعدة، لم تصدر المحكمة الفيدرالية الألمانية مذكرة اعتقال ضده.
وأشارت الصحيفة إلى أن غانزارسكي فر إلى السعودية في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 2002 خشية أن يتعرض للاعتقال، الأمر الذي أثار حيرة المكتب الفيدرالي للشرطة الجنائية الألمانية بشأن مصير "هذا الإرهابي الخطير".
وأوردت الصحيفة أن النيابة العامة الفرنسية قررت فتح تحقيق ضد غانزارسكي على خلفية الاشتباه في تورطه في هجوم جربة الإرهابي الذي أسفر عن مقتل عدد من السياح من بينهم فرنسيون، وزودت النيابة الفيدرالية الألمانية نظيرتها الفرنسية بمعلومات بشأن هذا الإرهابي.
أما السلطات السعودية، فوضعت عائلة أبو أحمد الألماني تحت الإقامة الجبرية. وفي شهر حزيران/ يونيو من سنة 2013، اعتقلت الأجهزة الأمنية الفرنسية كريستيان غانزارسكي في باريس عندما كان في طريقه إلى ألمانيا.
وأوضحت الصحيفة أن غانزارسكي مثل أمام القضاء الفرنسي بتهمة التورط في هجوم معبد الغريبة بجربة خلال ربيع 2009. وخلال المحاكمة، أنكر غانزارسكي صلته بهذا الهجوم الإرهابي، إلا أن المحكمة أصدرت حكما يقضي بسجن القيادي السابق لدى تنظيم القاعدة لمدة 18 سنة بتهمة الانتماء إلى تنظيم القاعدة والاشتراك في هجوم إرهابي.
وأبرزت الصحيفة أن غانزارسكي كان طيلة فترة سجنه شخصا غريب الأطوار. فعلى الرغم من إقدامه على صفع أحد السجناء، إلا أن الأجهزة الأمنية الفرنسية أشادت بدماثة أخلاقه وشغفه بالمطالعة. وفي الوقت الراهن، يبدو أن غانزارسكي قد حقق هدفه من الجريمة التي ارتكبها ضد حراس سجن فاندان لو فييه، حيث أوقفت إدارة السجن القرار بتسليمه إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وقالت الصحيفة إن إطلاق سراح رجل بن لادن محل شك، فمنذ سنوات، زار وفد من السفارة الألمانية بفرنسا غانزارسكي في سجنه. ولعل الأمر الذي يدعو للقلق هو أن القيادي السابق لدى تنظيم القاعدة أبلغ الوفد الألماني أنه يعتزم الانتقام من ألمانيا بعد إطلاق سراحه.