قضايا وآراء

ابو مازن والدور العربي المشبوه

1300x600
تناول السيد ابو مازن في كلمته أمام المجلس المركزي في رام الله 14-1-2018 ، العديد من النقاط والقضايا الهامة ، منها ما هو محط إجماع كل قوى وفصائل الشعب الفلسطيني وتحديدا كل ما يتعلق برفضه وعزمه على مواجهة سياسة وإملاءات ترامب " وغيره" ، أو ما أطلق عليه صفعة العصر ، ومنها ماهو موضع خلاف كقضية المصالحة الوطنية الفلسطينية والتى وصفها ابو مازن بأنها لا تتقدم ولكنها ليست مجمدة ، وقضية استمرار التنسيق والتعاون الأمني مع دولة الاحتلال تحت حجة الاستمرار في محاربة الارهاب ، كما شمل خطاب الرئيس ابو مازن ولإول مرة على الأرجح تأكيدا منه ( بصوته وصورته ) لدور عربي مشبوه بل ومدان يسعى لفرض املاءات على الفلسطينيين بقبول سياسة ترامب التدميرية .

لقد احتوى خطاب الرئيس ابو مازن على اشارتين هامتين لدور عربي مشبوه : أحدهما

ما يمكن تسميته بمحاولة وزير عربي اللعب على وتر المعنويات الفلسطينية من خلال التقليل من قدرة خيار المقاومة على التأثير بقرار ترامب إعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال الصهيوني ، فالاحتجاجات الشعبية الفلسطينية- وفق الوزير- ضعيفة ولن تغير شيئا من واقع ترامب الجديد ، لذا فإن النتيجة العملية لمنطق الضعف هذا (ليس باليد حيلة) ، هي الموافقة والتسليم والتأقلم مع الواقع من خلال العودة الى طاولة المفاوضات بالرعاية والشروط الامريكية.

أما الإشارة الثانية -والتى قد تكون الأهم- فهي تأكيد ابو مازن أن مسؤولا عربياً قد عرض عليه أموالا باهظة من أجل شراء المواقف والتنازل والقبول بسياسة ترامب الليكودية ، كما أن هذا المسؤول العربي الكبير لم ييأس فكرر المحاولة -وفق ابو مازن- ثلاث مرات ، وفي مناسبات مختلفة ، مما يدل على جدية وعزيمة بل وهوس هذا المسؤول بتمرير السياسات الترامبية في المنطقة ، لم يكشف ابو مازن هوية هذا المسؤول الذي يوزع المليارات ويتنازل عن القدس من أجل عيون ترامب ، ولكن التقارير الاسرائيلية والغربية والعربية أجمعت على أنه هو من أنفق المليارات لوأد طموحات الشعوب وسعيها للحرية والعدالة الاجتماعية ، والملايين على يخوته ولوحاته الفنية ، دون ان يحقق أيا من أهدافه .

لم يتطرق السيد ابو مازن لأساليب أخرى قد يكون قد تعرض اليها ، من أجل ابتزاز المواقف من اجل ترامب ونتنياهو ، وقد تعود هذا الدور المشبوه بل والمدان على استخدامها ، كاعتقاله أواحتجازه كرهينة أو مطالبته بالاستقالة ، فالحالة الفلسطينية وعلى ما يبدو مختلفة عن الحالة اللبنانية أو القطرية أو غيرها ، كما أن اسرائيل المحتلة قد سبقت غيرها في احتجاز الرئيس ابو مازن والتحكم في تحركاته ، فهو بهذا يقع في منطقة النفوذ الاسرائيلي المباشر ، والذي يخشى من تفجر أوضاع المنطقة في وجهه في حالة شعور الشعب الفلسطيني باحتجاز أو اعتقال أو ابتزاز رئيسه حتى و إن اختلف معه في الكثير من القضايا الداخلية والخارجية .

من الممكن القول بأن الدور العربي المدان قد سعى لإقناع أبو مازن بأحد أمرين :

أما الأول - فهو التعاطي مع خطة ترامب التى باتت مفضوحة في سعيها لجعل ابو ديس أو رام الله بديلا عن القدس عاصمة لفلسطين ، والتخلي عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين وفق قرارات الشرعية الدولية ، وسرقة المزيد من أراضي الضفة مقابل سرقة أراض من سيناء من أجل ضمان توسع السرطان الاستيطاني وتحديدا حول البؤر المركزية كمعاليه أدوميم وغوش عتصيون وارئيل وغيرها ، وإقامة شبه دولة فلسطينية منزوعة السلاح وليس على حدود العام 67 وعاصمتها (غير القدس)

أما الخيار الثاني لهذا الدور العربي المدان فقد أشار اليه الرئيس ابو مازن بقوله (لقد حرصنا على قبول المبادرة العربية بالترتيب ) أي أن يتم أولا اتفاق فلسطيني -اسرائيلي ثم عربي- اسرائيلي ، وعلى الرغم من رفض الكثير من أبناء الشعب الفلسطيني والامة العربية والاسلامية لهذه المبادرة إلا أن الموقف العربي المدان قد وصل حدا غير مسبوق في التنازل والانبطاح ، حيث حاول ان يفرض على ابو مازن عكس المعادلة ، أي العرب يطبعون و الفلسطينيون يفاوضون وفق رؤيتهم الخاصة والعرب معهم بالصوت والهمة الاذاعية على الاكثر ، معتمدين على تقديراتهم أن العملية التفاوضية ستستمر حتى إشعار آخر ، وهكذا يستطيع الدور العربي المشبوه تجاوز عقبة القضية الفلسطينية منطلقا نحو التطبيع .

وهكذا فقد شكل خطاب الرئيس ابو مازن أمام المجلس المركزي شهادة تاريخية هامة أخرى تضاف الى سلسلة الشهادات والدلائل والتقارير المتراكمة وتحديداً منذ إعتلاء ترامب سدة الرئاسة، تكشف وتفضح بل وتدين موقفاً عربيا ً مأزوما ومتهوراً كأميره نحو التطبيع بكل ثمن ، وذلك في إطار ما أصبح يعرف بصفقة القرن التى تضمن تخلف ودكتاتورية العرب وسيادة صهيون ، ويبدو أن الفلسطيني ورغم ضعفه و انقسامه بين مقاوم ومسالم ما زال يشكل العقبة الكأداء في طريق استمرارها ، إنها قوة الضعيف أمام القوي المتغطرس أو قوة داوود أمام جالوت المتجبر