تفاقمت أزمة اختفاء الكثير من الأدوية الحيوية في مصر، وسط اتهامات للنظام بالفشل في القيام بدوره في هذا المجال والتسبب في تهديد حياة آلاف المرضى.
وشهدت المحافظات المختلفة نقصا حادا بالكثير من الأدوية مثل حقن البنسلين وأدوية السكري والشلل الرعاش منذ عدة أشهر، ولم يعد أمام المواطن سوى الحصول عليها من السوق السوداء التي ازدهرت مؤخرا حتى وصل سعر الأدوية فيها إلى عشرين ضعفا عن ثمنها الرسمي، في ظل غياب الرقابة الحكومية، بحسب مراقبين.
وعلى الرغم من استمرار أزمة نقص الأدوية منذ عدة أشهر، واصلت وزارة الصحة تصريحاتها المتكررة عن قرب انتهاء خلال أيام، فيما توقع كثيرون عدم وفائها بتعهداتها كما حدث كثيرا في المرات السابقة.
تبادل للاتهامات
وتبادلت كافة الأطراف الاتهامات حول المتسبب في الأزمة، حيث قال عضو مجلس نقابة الصيادلة أحمد فاروق، في تصريحات صحفية، إن سبب الأزمة هو توقف إحدى الشركات المحلية عن الإنتاج فضلا عن توقف المستوردين عن الاستيراد من الخارج، محذرا من أن الأزمة تمثل "تهديدا خطيرا للأمن القومي للبلاد".
من جانبه قال رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب مجدي مرشد، إن بعض الشركات وراء الأزمة بسبب احتكارها للأدوية وتعطيش للسوق لرفع السعر إلى أقصى قيمة ممكنة، فضلاً عن سوء التوزيع وعدم وجود رقابة حكومية جيدة على تلك الشركات.
وأضاف مرشد، في تصريحات صحفية، أنه بعد الانتهاء من أزمة البنسلين ستدخل البلاد في أزمة جديدة بسبب نقص صنف دوائي جديد، مؤكدا أنه لن يتم حل مشكلة نقص الدواء في مصر إلا بإنشاء هيئة دواء مستقلة أسوة بباقي دول العالم.
اقرأ أيضا : حبس المتسبب في أزمة نقص البنسلين بمصر
فيما قال رئيس غرفة الأدوية بالغرفة التجارية علي عوف إن ارتفاع سعر الدولار هو سبب أزمة نقص الدواء فى مصر، حيث حققت جميع شركات الأدوية خسائر كبيرة بسبب إجبارها على البيع بأسعار ثابتة رغم ارتفاع تكاليف الإنتاج.
جلسة ساخنة في البرلمان
وفي سياق ذي صلة، شهد اجتماع لجنة الصحة بمجلس النواب، مساء الثلاثاء، مشادات بين النواب وبين رئيسة الإدارة المركزية للصيدلة بوزارة الصحة رشا زيادة، بسبب أزمة اختفاء العديد من الأدوية وعلى رأسها عقار البنسلين.
وحمل النواب وزارة الصحة المسئولية عن هذه الأزمة المتفاقمة، والتي فشلت الوزارة عن حلها رغم استمرارها منذ وقت طويل، وطالبوا بالتحقيق مع المسؤولين المقصرين في القيام بمسؤلياتهم.
لكن رشا زيادة رفضت اتهامات النواب بالتقاعس فى التعامل مع الأزمة، وألقت الكرة في ملعب البرلمان، حيث أكدت أن الحكومة تحتاج إلى تشريعات جديدة حتى تتمكن من القيام بدورها والتعامل مع السوق السوداء.
"عصابات منظمة"
وأكدت رئيسة الإدارة المركزية للصيدلة أن عصابات منظمة تسحب الأدوية الحيوية لبيعها في السوق السوداء، مشددة على أنه رغم الأزمة الأخيرة، إلا أن وضع سوق الدواء المصري حالياً أفضل كثيراً مما كان عليه الحال قبل عام مضى.
أما المتحدث باسم وزارة الصحة خالد مجاهد فقال إن الحكومة تعلم جيدا أسباب أزمة نقص البنسلين وتمت إحالة الأمر إلى النيابة العامة، مؤكدا أن شركات الدواء حجبت آلاف العبوات عن السوق وعطلت استيرادها بطريقة متعمدة ما تسبب في الأزمة.
اقرا أيضا : اختفاء "البنسلين".. حلقة جديدة في مسلسل أزمة الأدوية بمصر
وفي هذا السياق، ألقت النيابة القبض على رئيس إحدى شركات الأدوية ووجهت له تهمة التسبب في أزمة نقص البنسيلين في البلاد بعد توقفه عن استيراد الشحنات لتحقيق أرباح شخصية أكبر خلال الفترة الأخيرة.
"يتاجرون بآلام المرضى"
علاء غنام مدير مركز الحق في الصحة التابع للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية قال إن هذه الأزمة متواصلة منذ فترة طويلة حيث يعاني المواطنين من اختفاء أدوية عديدة، مشيرا إلى أن هناك تجارا يتاجرون بآلام المرضى ولا يهمهم سوى تحقيق أكثر.
وأكد غنام، في تصريحات لـ "عربي21" أن مصر لا يوجد بها نقص حقيقي في الدواء لكن ما يحدث هو أن عددا من محتكري الدواء يقومون بتخزين بعض الأصناف لفترة حتى يرفعوا سعرها، ثم يعيدون طرحها في الأسواق مجددا، وبعدها يقومون بتخزين أصناف أخرى، وهكذا.
وأضاف أنه في غياب أي رقابة حكومية على تجارة وتوزيع الدواء نجد المستوردين يبيعون الأدوية الأجنبية بأسعار مرتفعة استغلالا لاحتياج المرضى لها متذرعين بارتفاع سعر الدولار، مشددا على أن الحكومة فشلت فشلا ذريعا في هذا الملف الحساس وليس لديها أي حلول مستقبلية لحل أزمة الدواء في البلاد.
"فشل النظام"
من جانبه قال أستاذ العلوم السياسية عبد الخبير عطية إن النظام فشل في أهم قطاعين في الحياة وهما التعليم والصحة، وذلك بشهادة رئيس الجمهورية الذي قال في مؤتمر صحفي أمام العالم إن مصر ليس لديها تعليم جيد ولا صحة جيدة.
وتوقع عطية، في تصريحات لـ "عربي21"، أن تستمر أزمة الدواء في البلاد لمدة طويلة مثلها مثل أزمات كثيرة تقف الحكومة أمامها عاجزة لأنها غير مخولة لاتخاذ قرارات حاسمة فيها، مشيرا إلى أن وزير الصحة لا يمكنه علاج ملف إهمال المستشفيات الحكومية وتخريب مصانع الأدوية الوطنية والاعتماد على الاستيراد من الخارج.
وأضاف أن النظام هو من يسأل عن استيراد البلاد 95% تقريبا من احتياجاتها من الأدوية، وهو ما جعل ملايين المرضى رهنا لإرادة مستوردي وتجار الأدوية الذين يتعاملون مع الدواء باعتباره سلعة مثل الحديد أو الأسمنت وليست عقار قد ينقذ شخصا من الموت.
جلسة استماع بالكونجرس لمناقشة أوضاع حقوق الإنسان بمصر
الجارديان: إدمان السيسي على العنف نوع من الجنون
مصريون يثمنون لتركيا تنكيس أعلامها حدادا على ضحايا سيناء