مقالات مختارة

قرار ترامب- ما نحن فاعلون؟

1300x600

بعد الإدانات العربية والدولية التي رفضت كليا الخرق الفاضح للقانون الدولي من قبل الرئيس الأميركي ترامب، من المفيد التفكير فيما نحن فاعلون بعد هذه الخطوة الرعناء.


أولا أن خطوة ترامب تشكل إجابة واضحة لكل العرب الذين عولوا على الرئيس الأميركي واعتبروا أنه سيكون أفضل للجانب العربي ممن سبقوه. ولأصحاب الذاكرة القصيرة ينبغي التنويه أن التعصب الأعمى والجهل الفاضح والسلطوية المقززة التي تميز شخصية ترامب لا يمكن أن تفضي إلى قرارات تحترم الشرعية الدولية وتساند الحق الفلسطيني. وللأسف، ما يزال بعض المهللين يتكلمون عن نظرية غير موجودة إلا في خيالهم مفادها أن ترامب بفعلته هذه يود كسب ثقة الإسرائيليين حتى يتقدم بخطة سلام تطلب منهم تنازلات مؤلمة، ما يمثل عدم دراية بخلفية قراره المبني على محاباة اليمين الأميركي المتطرف وإسرائيل. واهم من يعتقد أن الخطة الأميركية الجديدة، متى ما تم إعلانها، ستكون مقبولة في حدودها الدنيا للفلسطينيين وقد أصبحت ملامحها واضحة بعد أن تحدث عنها من عرضت عليهم وأشرتُ لها في مقال سابق. هل نأمل بموقف عربي موحد يرفض التعامل مع الإدارة الأميركية حول ملامح الخطة المزعومة؟


ثانيا، غني عن القول إن فلسطينية القدس لا تعتمد على قرار ترامب، بل انه ليس من دولة واحدة في العالم لديها سفارة في القدس، ما يمثل إجماعا دوليا على عدم شرعية الاحتلال. ما فعله ترامب أنه أعاد للواجهة الاهتمام العربي بالموضوع الفلسطيني بعد سنوات من الإهمال. لن يقبل فلسطيني واحد أو عربي بالسيادة الإسرائيلية على القدس أو المقدسات الإسلامية والمسيحية. وأنْ يصرح نتنياهو أنْ لا سلام دون سيادة إسرائيل على القدس، فلا سلام دون سيادة الفلسطينيين على القدس أيضا. 


بعيدا عن العواطف، من الأهمية بمكان التخطيط السليم للمرحلة القادمة، لأنه يجب أن يعنينا بشكل رئيسي ما نستطيع التأثير فيه بشكل مباشر. صحيح أننا لا نملك أردنيا معظم الأوراق الخارجية فيما يتعلق بالنزاع العربي-الإسرائيلي، ولكننا نملك ورقة مهمة هي تحصين الجبهة الداخلية، ورقة ما نزال مترددين في السير بها وبشكل لم يعد مفهوما. مطلوب الوقوف بقوة وراء جلالة الملك في موقفه الداعم للقدس ولفلسطين، ومطلوب أيضا، ضمن الوقوف مع جلالة الملك، اعتماد برنامج إصلاحي سياسي واقتصادي حقيقي باعتباره ليس ترفا فكريا يمارس من قبل مجموعة نخبوية، ولكن ضرورة لا تحتمل التأجيل للتصدي لما يرسم من مخططات خارجية. هذا الأمر بيدنا إنْ توفرت الإرادة، ونحن بحاجة لسياسيين في دائرة صنع القرار يؤمنون ويعملون بهذا الاتجاه، ويذهبون إلى أبعد من مجرد الحديث عن الأمن بمعناه الضيق، وقد بات واضحا أن الأمن الحقيقي لا يتحقق دون تنفيذ مثل هذا المشروع الإصلاحي.


يبدو أن منطق القوة ومحاولة الاستحواذ على كل شيء الذي تمارسه إسرائيل مدعومة بالولايات المتحدة سيدفع الفلسطينيين باتجاه واحد فقط، وهو التخلي عن المفاوضات لأن المعروض غير مقبول بكل المعايير، والالتفات للتركيز على الحقوق ورفع كلفة الاحتلال، وهو ما يجب برأيي أن تركز عليه مقاربة أردنية وعربية جديدة لدعم بقاء الفلسطينيين على أرضهم. 


ترامب سيرحل بعد ثلاث سنوات أو سبع سنوات. ومهما تكن تداعيات قراره آنذاك، فعامل الوقت ليس مع إسرائيل وإنما مع الفلسطينيين. صحيح أن ذلك يزيد من معاناة الفلسطينيين لجيل قادم، ولكن التعنت الإسرائيلي والأميركي لم يترك لهم خيارا آخر إلا التركيز على الحقوق لجيل قادم يتم بعد ذلك تنفيذ مشروع الدولة الواحدة بأغلبية فلسطينية تحرر فلسطين عمليا من الداخل بعد أن فشل مشروع تحقيق استقلالها من الخارج.

الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع