ملفات وتقارير

ما حقيقة تحالف سعد الحريري مع حزب الله؟

كاتب لبناني قال إن الحريري أصبح متوازنا في الفترة الحالية من خلال التوفيق بين علاقاته الداخلية بما فيها مع حزب الله- أ ف ب

أكدت شخصيات سياسية ومصادر متطابقة دخول رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري مرحلة جديدة يدأب خلالها على بلورة إستراتيجية مغايرة عن تلك التي انتهجها خلال السنوات العشر الأخيرة.

 

ومما تعنيه، هو إعادة خلط تحالفات الحريري الداخلية والخارجية على قاعدة تصفية الحسابات مع من أدى دورا سلبيا ضده، قبل وخلال أزمة الاستقالة التي رافقتها أنباء تؤكد احتجازه في الرياض ومحاولة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إزاحته عن زعامة تيار المستقبل الذي يشكل عصب القوة السياسية السنية في لبنان.


ويشير أمين سر قوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد إلى أن حزب الله استطاع فرض واقعه على أغلب الأطراف السياسية في لبنان بما فيها الحريري، وأقرّ في تصريحات خاصة لـ"عربي21" بـ"وجود تباينات بين العديد من القوى الرافضة لهيمنة حزب الله مع الرئيس الحريري منذ إبرام التسوية الشهيرة قبل عام، والتي أفضت إلى انتحاب ميشال عون رئيسا للجمهورية واختيار سعد الحريري رئيسا للحكومة".


وكانت شخصيات سياسية ووسائل إعلام لبنانية محسوبة على التيار الوطني وحزب الله تحدثت عن ضلوع فارس سعيد وشخصيات أخرى ومن بينها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والوزير السابق أشرف ريفي في التحريض على الحريري لدى القيادة السعودية. 


شروط حزب الله


ورأى سعيد أن "التسوية قائمة على مبدأ القبول بشروط حزب الله تحت عنوان ضمان الاستقرار"، مشيرا إلى أن "أغلبية القوى السياسية اللبنانية منغمسة في التسوية من ضمنهم الرئيس الحريري".


واعتبر أن "المشكلة ليست تقنية حول شكل العلاقة بين حزب الله والرئيس الحريري بل تكمن في فلسفة التسوية القائمة"، متابعا: "استطاع حزب الله ربط استقرار لبنان بتحقيق شروطه، ففي حال حوصر الحزب من الداخل أو الخارج فإنه جاهز للانتقال إلى قاعدة لا ينجو منها أحد"، لافتا إلى أن "هناك أقلية من الطبقة السياسية تعارض الهيمنة الإيرانية على لبنان".


وحول طبيعة علاقته مع الحريري، قال: "هناك تباين ليس وليد اليوم في القراءة السياسية، وقد برز الخلاف منذ إبرام التسوية في السنة الماضية".


وحذّر من محاولات ما قال إنه تضخيم خلافه مع الحريري من قبل حزب الله ، فقال: "هناك محاولة استثمار من الطرف الآخر (يقصد حزب الله)، أملا منه في أن يتحوّل خلافنا السياسي إلى خصومة لا يمكن الرجوع عنها، وأيضا إلى مرحلة تصفية حسابات".


توازن الحريري


وقال الكاتب والمحلل السياسي قاسم قصير في تصريحات لـ"عربي21": "الرئيس الحريري أصبح متوازنا في الفترة الحالية من خلال التوفيق بين علاقاته الداخلية بما فيها مع حزب الله وعلاقاته الخارجية لاسيما المرتبطة بالمملكة العربية السعودية"، لافتا إلى أن الحريري بات "ينظر إلى الأمور بواقعية ودقّة وحسابات، في دلالة على فتحه لصفحة جديدة ضمن علاقاته المختلفة".


وحول تراجع مستوى علاقات الحريري مع العديد من الأطياف السياسية اللبنانية، قال: "نمتلك معلومات مؤكدة عن تأدية شخصيات سياسية سواء في تيار المستقبل أو خارجه دورا سلبيا ضد الرئيس الحريري خلال أزمة تواجده في السعودية، حيث عملوا على تشويه صورته والتهويل على خياراته الأخيرة خصوصا فيما يخصّ التسوية".


وتوقع قصير قيام الحريري بتصفية حساباته مع من أساء إليه من فريقه السياسي، فقال: "سيقوم بترتيب أموره من جديد وتصفية الحسابات وتنقية ومحاسبة من خذله".


واستغرب قصير المزايدة من بعض الأطراف السياسية على الحريري، فقال: "خطاب الرئيس الحريري بات أكثر واقعية، وبالمقابل هو أحرص الأشخاص على دماء والده رفيق الحريري"، مضيفا: "هو يريد أخذ مكتسبات من حزب الله وفي الوقت عينه يسعى للحفاظ على استقرار الأوضاع". 


وعن المشهد السياسية المقبلة، قال: "الحريري ممتن إلى الأطراف السياسية التي وقفت إلى جانبه في الآونة الأخيرة"، كاشفا عن "وجود مساع لتشكيل تحالف خماسي بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل وحزب الله وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي".


الثقل السعودي


وقلّلت الكاتبة والمحللة السياسية هدى رزق من أهمية ما يحكى عن تحالف جديد يرسم بين الحريري وحزب الله، وقالت: "من يكون في سدّة رئاسة الحكومة يقع حكما تحت المظلة والعين السعودية"، مستبعدة قدرة أي طرف إقليمي على مزاحة السعودية في نفوذها بالنسبة للرئاسة المحسوبة للطائفة السنية.


وأكدت في تصريحات لـ"عربي21" أن "ولي العهد السعودي يحظى بدعم أميركي مع وجود غاية لواشنطن بما يخدم مصالحها، وفي المقابل لا تستطيع قطر بمفردها الدخول على خطّ النفوذ السني في لبنان إلا من خلال التحالف مع تركيا".


ولفتت هدى رزق إلى أن "تركيا بدأت فعليا بتأسيس قاعدة شعبية لدى الطائفة السنية، لكن هذا التقدم لا يعني قدرتها على التأثير في مستوى رئاسة الحكومة كما هو حاصل لدى السعودية".


وأضافت أن "السعودية قامت بصناعة آل الحريري وعملت على دعم رئيس الحكومة الأسبق الراحل رفيق الحريري ومن ثم نجله سعد ماليا وسياسيا، وبالتالي لن تتخلى بسهولة عن مكاسبها، لكنها تدرك صعوبة المسار في لبنان بفعل ما خلفته من هواجس لدى الطائفة السنية نتيجة ما تعرض له الرئيس الحريري خلال تواجده في الرياض".


لكن رزق استبعدت قيام الحريري برد فعل عكسي بتبديل جذري في تحالفاته، فقالت: "لقد قاموا (السعودية) بكشفه أمنيا خلال فترة تواجده في السعودية، ربما يقدمون على محاولة إحراقه سياسيا في حال قرّر الخروج من عباءتهم إلى تحقيق خيارات أخرى".