في اليوم الأول لانعقاده في الرياض، بمشاركة وفود عن الائتلاف والفصائل العسكرية ومنصتي القاهرة وموسكو وهيئة التنسيق وعن مستقلين، تباينت التوقعات حول المخرجات التي سيفضي إليها مؤتمر الرياض2 للمعارضة السورية.
وسبق انعقاد المؤتمر الذي يهدف إلى تشكيل وفد موحد للمعارضة لخوض الاستحقاق التفاوضي الأممي في جنيف، استقالة المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات التي انبثقت عن النسخة الأولى من مؤتمر الرياض في 2015 وعدد من أعضاء الهيئة، بسبب رفضهم تقديم تنازلات متعلقة بمصير الأسد بحسب مصادر.
وشكل كل ذلك، بالإضافة إلى التصريحات الروسية التي تؤكد إشرافها المباشر على المؤتمر، مبعث قلق لدى المعارضة السورية، من أن يتم إرغام المعارضة على القبول ببقاء الأسد في السلطة، عبر انتقاء وفد يتماشى مع الرؤية الروسية للحل في سوريا.
وأجرت "عربي21" لقاء مع العديد من الناشطين السوريين، لاستطلاع آرائهم حول "موقف الوفد الذي سيفضي إليه الرياض2 من بقاء الأسد في السلطة".
الصورة ضبابية
رأى الناشط والكاتب الصحفي مشعل عدوي أن "من الصعوبة الجزم بموقف الوفد الذي سيتم الإعلان عن تشكيله خلال المؤتمر، والصورة ضبابية بهذا الشكل".
ومثل عدوي، اعتبر الناشط السياسي الكردي محمد أبو سيامند، أنه "لم يحدد بعد ما إذا كان الوفد الذي سيشكل هو من المرونة إلى الدرجة التي سيقبل معها ببقاء بشار الأسد في السلطة".
اقرأ أيضا: عريضة من معارضين وممثلي فصائل لمشاركي مؤتمر الرياض2
وأضاف: "لكن تهميش النخب واستقالة الأعضاء توحي بذلك، وخصوصا أن هناك حديثا عن ظهور لنائب رئيس النظام فاروق الشرع في مؤتمر سوتشي".
رحمة السياسة الدولية
من جانبه، قال الكاتب الصحفي جابر بكر، إن التجربة السورية خلال السنوات السبع الماضية برهنت أن أي وفد للمعارضة تم تشكيله كان تحت رحمة السياسات الدولية، وليس تحت رحمة الإرادة الشعبية السورية.
وأضاف أن المجلس الوطني كان تحت رحمة التجربة الفرنسية، ولحقته التجربة الأمريكية حين شُكل الائتلاف، وبعدها جاءت تجارب الدول الأخرى من خلال المنصات (القاهرة، موسكو)، وصولا إلى المنصات العسكرية في حميميم ورميلان والرياض.
ومضى قائلا: "من هنا، فإن الاجتماعات واللقاءات، ليست إلا إعادة كساء لما أقره الواقع العسكري على الأرض، وهذا ما سينتج عنه الرياض".
ثبات
وفي الوقت الذي أشار فيه الصحفي ثائر الطحلي، إلى حجم الضغوط التي ستتعرض لها المعارضة في سبيل تقديم تنازلات، قال: "لكن هناك أعضاء لا نستطيع المزاودة على معارضتهم وثوريتهم، وهؤلاء بدون أدنى شك لن يحيدوا عن ثوابت الثورة، والتي من أهمها عدم القبول بأي دور قادم لبشار الأسد في السلطة".
اقرأ أيضا: نشطاء سوريون: نرفض منصة موسكو... وحجاب يمثلنا
وأوضح أن مسألة بقاء بشار الأسد خط أحمر لدى الشعب السوري والمعارضة، وعلى ذلك فإن الموافقة على دور له سيكون بمثابة التضحية بدماء الشهداء وبعذابات السوريين وبحياة المعتقلين.
وأضاف الطحلي: "نعم الموضوع خطير وحاسم لربما، والموقف حرج، لكن التعويل اليوم على بعض الشخصيات الوطنية المشاركة، التي سيكون لها صوتها الأقوى من صوت بعض المنصات التي تؤيد بقاء بشار في المراحل اللاحقة".
ولم يخرج رأي المحلل السياسي مازن إسماعيل عن رأي الطحلي، قائلا: "أعرف شخصيا عددا من الأعضاء المشاركين، أعرف تماما أنهم لن يقبلوا بتشكيل وفد لا يشترط على الأعضاء فيه التعهد بعدم الموافقة على وجود بشار الأسد".
واستدرك إسماعيل، بأن "هناك قلة قليلة من المشاركين في المؤتمر لا يعارضون فكرة بقاء بشار الأسد، والجميع يعرفهم ولا حاجة لذكرهم".
خفض سقف التوقعات
وتولي الصحفية نسرين أنابلي، لموجة الاستقالات التي سبقت المؤتمر أهمية خاصة، قائلة: "ما جرى يشير بصراحة إلى خفض سقف التوقعات، وخصوصا أن رحيل بشار الأسد لم يعد مطلبا دوليا".
وتبين أنه "في ظل وجود روسيا حليف النظام القوي، وإشارتها الواضحة إلى أن المؤتمر يعقد بإشرافها، لا بد أن نخفض من سقف توقعاتنا كمعارضة سورية".
تواطؤ
بدوره يشير الكاتب والمحلل السياسي، سامر خليوي إلى المسألة من زاوية أخرى، ويقول موضحا: "لقد حصل تواطؤ بين الائتلاف وهيئة التنسيق وبعض أعضاء الهيئة العليا للمفاوضات لإزالة "تشكيلة الصقور" التي يترأسها رياض حجاب، والتي كانت تقف بوجه التخلي عن ثوابت الثورة".
وقال: "كل ما جرى يشير بوضوح إلى أن الوفد الذي سيخرج به المؤتمر، سيكون موافقا على وجود مرحلي لبشار الأسد".
واستدرك بأنه "سيتم الاتفاق على ذلك ضمنا، لكن من دون الإعلان عن ذلك في الوقت الحالي، وسيتم التفاوض على هذا الأساس، وعند النهاية سيقولون إن مصير بشار حددته المفاوضات التي جرت".
تشديد على ثوابت الثورة
وكان أسعد الزعبي، العضو المشارك في الوفد قال: "نحن متشددون حيال ثوابت الثورة، والحاضرون هم أكثر الناس تشددا من الذين لم يحضروا حيال مصير الأسد ورحيله قبل المرحلة الانتقالية".
وجاء حديث الزعبي ردا على اعتبار العضوة المستقيلة من الهيئة العليا للمفاوضات، سهير الأتاسي، أن استقالتها كانت بسبب التوجه الدولي لإرغام المعارضة على القبول بالأسد.