نشرت صحيفة "تسايت" الألمانية مقال رأي للكاتب، سيباستيان سونس، تطرق من خلاله إلى المخطط السعودي لاحتواء الخطر الإيراني.
ومن الواضح أن إيران أصبحت بمثابة الدابة السوداء للمملكة العربية السعودية، حيث يرى ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، أن إيران تشكل خطرا جديا بالنسبة لموقع بلاده الريادي في الشرق الأوسط، فضلا عن وقوفها وراء كل الأزمات والحروب التي تعيشها المنطقة.
وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إن العلاقات الإيرانية السعودية تشهد توترا غير مسبوق منذ مبايعة سلمان بن عبد العزيز ملكا للسعودية. وفي الأثناء، نصب الملك السعودي نجله، محمد بن سلمان وليا للعهد، ووزيرا للدفاع مكلفا بوضع الخطوط العريضة للإستراتيجية الإقليمية الجديدة للسعودية في المنطقة.
وأكد أن بن سلمان ينتهج سياسة خارجية عدوانية، حيث أصبحت المملكة السعودية بمثابة قوة إقليمية ذات نزعة تدخلية بعد أن كانت في الماضي تلعب دور الوسيط في مختلف النزاعات في منطقة الشرق الأوسط.
والجدير بالذكر أن ولي العهد السعودي يسعى من خلال هذه السياسة العدوانية إلى الحفاظ على سلطته في البلاد واحتواء خطر "العدو" الإيراني.
وأشار الكاتب إلى أن المملكة العربية السعودية تتعامل مع إيران على اعتبارها قوة تهدد وجودها وموقعها الريادي في العالم العربي. وتعود جذور العداء السعودي الإيراني إلى الثورة الإسلامية الإيرانية التي اندلعت سنة 1979. وخلال عهد الملك السعودي الحالي، اتخذت هذه العداوة أبعادا أخرى.
وأضاف أن المملكة العربية السعودية قد حملت إيران مسؤولية كل الحروب والأزمات التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط. ومن هذا المنطلق، أصبحت المملكة مهووسة باحتواء الخطر الإيراني إلى درجة أن الأمر تحول إلى ثقافة سياسية في عهد محمد بن سلمان.
وأوضح الكاتب أن الهوس بعداء إيران انعكس على السياسة الخارجية للمملكة، حيث بادرت بالتدخل في اليمن لوقف زحف الحوثيين، الذين تعتبرهم حلفاء لإيران، ليتحول اليمن في نهاية المطاف إلى "فيتنام جديدة". كما سلطت الحكومة السعودية حصارا على قطر على خلفية تعاونها مع إيران. وقد استغلت الرياض بغضها لإيران للضغط على الأمير القطري، تميم بن حمد آل ثاني.
ورأى أن الرغبة في احتواء الخطر الإيراني لعبت دورا في استقالة رئيس الوزراء اللبناني السابق، سعد الحريري. فقد أقدم الحريري على الاستقالة انطلاقا من الأراضي السعودية تحت وطأة ضغط ولي العهد السعودي. وقد جاء ذلك على خلفية لقائه مع المستشار الأمني لمرشد إيران، علي خامنئي، فضلا عن مشاركة حزب الله، الموالي لطهران في الحكومة اللبنانية المستقيلة.
وأفاد الكاتب بأن المملكة العربية السعودية صعدت من حدة خطابها تجاه الحكومة اللبنانية. وفي هذا الصدد، أورد وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي، ثامر السبهان، معلقا على استقالة الحريري أنه "سنتعامل مع الحكومة اللبنانية على أنها حكومة أعلنت علينا الحرب".
من جهتها، دعت الحكومة السعودية رعاياها المقيمين في لبنان إلى مغادرة الأراضي اللبنانية، في حين اعتبرت أن القصف الصاروخي على الرياض بمثابة عدوان إيراني. وحيال هذا الشأن، أورد وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، على موقع تويتر، أن "الحكومة السعودية تحمل إيران تداعيات الحروب التي تشنها المملكة".
وبين الكاتب أن التصريحات النارية التي أطلقها الوزير السعودي لشؤون الخليج العربي في حق الحكومة اللبنانية موجهة في الحقيقة إلى حزب الله ومن ورائه إيران. ووفق بعض الملاحظين، يسعى ولي العهد السعودي بن سلمان من خلال معاداته لحزب الله لتحريض إسرائيل ضد ميليشياته، وذلك بهدف القضاء على هذا التنظيم المسلح والحد من النفوذ الإيراني في لبنان في الوقت نفسه.
وأورد أن ولي العهد السعودي يحظى بدعم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، فيما يتعلق بموقفه المعادي لإيران. وخلال زيارته الأخيرة، للرياض، منح ترامب الحكومة السعودية الضوء الأخضر للتعامل مع إيران بشكل أكثر صرامة.
وأبرز الكاتب أن بن سلمان يمارس لعبة محفوفة بالمخاطر في كل من اليمن وقطر ولبنان. ويبدو أن ولي العهد السعودي لم يقدر بشكل صحيح عواقب مخططاته، حيث لم تضعف إيران، بل توسع نفوذها أكثر في اليمن منذ التدخل العسكري السعودي في البلاد. من جهة أخرى، ازدادت قطر قربا من إيران.
وفي الختام، شدد الكاتب على أن ولي العهد السعودي نجح في الحفاظ على نفوذه على المستوى المحلي، حيث ظهر في ثوب المدافع عن موقع بلاده الريادي في العالم العربي. وعلى العموم، يظل احتواء الخطر الإيراني الشغل الشاغل لبن سلمان.
فورين بوليسي: هل تنجح الرياض بهزيمة طهران عبر الاقتصاد؟
روبرت فيسك: هذه قصة إجبار الحريري على الاستقالة
التايمز: لغز استقالة الحريري ومكان وجوده