ملفات وتقارير

ما هي القوات التي ستتوجه إلى البوكمال السورية أولا؟

محللون سياسيون قالوا إن البوكمال ستكون بيد قوات النظام السوري- أرشيفية

فيما لم يتضح بعد ما إذا كانت قوات نظام السوري في مدينة دير الزور ستواصل تقدمها إلى مدينة البوكمال الحدودية مع العراق، لا يستبعد مراقبون أن تقطع واشنطن الطريق على تلك القوات وإيران، خشية من التداعيات المحتملة في حال اكتمال المشروع الإيراني الرامي إلى تأمين طريق بري يصل بين طهران وبيروت عبر بغداد ودمشق.


وبينما يرى مراقبون أنه من المبكر تحديد الطرف الذي سيسيطر على هذه المدينة الاستراتيجية التي لا زالت تحت سيطرة تنظيم الدولة، يجزم آخرون أن البوكمال لن تكون بيد قوات النظام، ومنهم رئيس تحرير "الوكالة السورية للأنباء" سامر العاني.


وقال العاني، وهو من دير الزور، إن روسيا تسعى وتأمل أن تحقق نقاط توافق مع الولايات المتحدة الأمريكية على تقاسم المصالح والنفوذ في سوريا عموما وفي دير الزور على وجه الخصوص.


وأضاف لـ"عربي21" أنه "معروف حجم العداء المباشر بين إيران والولايات المتحدة، ولذلك ليس من مصلحة روسيا التوافق مع إيران على حساب علاقتها مع أمريكا، وعلى حساب مصلحتها ربما".


وأوضح العاني، أن مدينة البوكمال تقع ضمن منطقة النفوذ الروسي أي جنوب نهر الفرات، وهذه المناطق هي مناطق واقعة في قلب المشروع الإيراني "فجر 3" الذي لا يمكن تحقيقه بدون توجه قوات النظام المدعومة إيرانيا من محوري حميمية والميادين باتجاه البوكمال.


وأشار في هذا السياق إلى ما جاء على لسان المتحدث باسم التحالف من إشارة عن استعداد للهجوم على البوكمال، وكذلك إلى تصريحات القيادي الكردي صالح مسلم، عن عزم قوات سوريا الديمقراطية "قسد" التوجه نحو البوكمال.


وكان مسلم قال إن "قواتنا قريبة جدا من البوكمال، ربما على بعد 20 كلم من الطرف الشمالي الشرقي، وبالتالي هي أقرب من قوات النظام للمدينة".


وأضاف مسلم لوكالة الأنباء الألمانية، الأحد: "إذا كان النظام قادرا على تحريرها فليتفضل، ولكن لا توجد لديه إمكانيات، لا أعرف ما إذا كان حلفاؤه الإيرانيون سيساعدونه أم لا، وكل ما أعرفه هو أن قواتنا إن وصلت إليها ستحررها، وستحرر غيرها من المناطق".


وليس مستحيلا، من وجهة نظر العاني، أن تطلب الولايات المتحدة ضمانات من روسيا بعدم فتح المعبر البري قبل السماح لقوات النظام بالتوجه إلى البوكمال.


وأضاف، رغم فقدان الثقة لكن من الواضح أن الروس والأمريكان قد اتفقوا على استبعاد كل طرف يعيق تطبيق الحل المتفق عليه في دير الزور، أي إيران وأدواتها.


وحول هوية الطرف المرشح للسيطرة على البوكمال، قال العاني: "إن خط تقدم "قسد" في دير الزور هو خط مشابه تماما لذلك الذي أفضى إلى سيطرة التنظيم على البوكمال في العام 2014".


وأوضح أنه "دخل التنظيم على دير الزور من الرقة باتجاه الخط الغربي إلى أن توقفوا في نقطة معينة هناك، ومن ثم تقدم التنظيم من الشدادي إلى دوار المعامل، وسيطروا على بلدة الصوّر، وفيما بعد توجهوا إلى الحدود العراقية حتى سيطروا على البوكمال".


واستدرك قائلا: "هذا هو الخط الذي سلكته قسد تماما".


وبناء على هذه المعطيات، رجح العاني أن تتقدم "قسد" على محور البصيرة كي تقطع الطريق بشكل كامل على النظام تجاه البوكمال.


ومن أبرز المستجدات التي ستترتب على توجه "قسد" نحو البوكمال، هو عبورها نهر الفرات الذي اعتبر بمثابة الخط الفاصل بينها وبين قوات النظام، وهو الأمر الذي لم يسبق لها أن فعلته منذ دخولها معارك دير الزور ضد تنظيم الدولة.


من جانبه ربط الكاتب والمحلل السياسي، سامر الخليوي، مستقبل البوكمال بـ"الإرادة الأمريكية"، موضحا في حديث لـ"عربي21" أنه "إذا أرادت الولايات المتحدة أن تتقدم "قسد" نحو البوكمال فستفعل، ولن تعارض روسيا لأن وصول إيران إلى البوكمال لا يصب في صالحها"، كما قال.


وتبعد قوات سوريا الديمقراطية عن مدينة البوكمال 20 كلم، بينما تبعد قوات النظام المتمركزة في الميادين عنها نحو 65 كلم، لكن الخليوي رأى أنه "بعد المسافة أو قربها عن البوكمال لا يعني شيئا، وإنما من يُتفق عليه أولا من قبل روسيا والولايات المتحدة".


لكن وفي الوقت نفسه، ألمح الخليوي إلى أن تصريحات الولايات المتحدة في سوريا لم تكن دقيقة وخصوصا المتعلقة منها بقوات النظام وحركتها في دير الزور، مبينا أن "الولايات المتحدة قالت بأنها لن تسمح للنظام بالعبور إلى شرق الفرات، لكن النظام تقدم".


وهذا يعني، وفقا للمحلل السياسي، أن تصريحات قيادة التحالف عن استعداد لمعركة البوكمال ليست جدية تماما، وإنما هي رسائل تفاوضية مع روسيا.


وفي ذات السياق، يبدو واضحا للباحث السياسي، نواف الركاد، أن التنسيق على أشده بدأ بين قوات النظام والمليشيات المساندة لها على الجانب السوري، وبين الحشد الشعبي على الجانب العراقي، لجعل التنظيم في ما تبقى من مناطق تحت سيطرته بين فكي كماشي.


لكن الركاد أشار في حديث مع "عربي21"، إلى أن مهمة قوات النظام في السيطرة على البوكمال، لن تكون "مهمة سهلة"، مع التنظيم الذي سيركز على استنزاف الطرف المقابل، وحرب العصابات.