بعد ساعات قليلة من حادث منطقة الواحات بمحافظة الجيزة "جنوب القاهرة" والتي قتل فيها عدد كبير من عناصر الأمن المصري، خرجت التسريبات الصوتية، والمساجلات الإعلامية بين أذرع نظام الانقلاب في مصر، وبين قيادات عسكرية وسياسية سابقة في الجيش المصري متهمة بعضها البعض.
وتكشف هذه السجالات حجم الإنقسامات داخل مؤسسات الإنقلاب العسكري في التعامل مع الأحداث الأمنية وتداعياتها، مما يشي بوجود حرب خفية بين القوى المختلفة لاستغلال ما يجري لصالحه.
وعلق المرشح الرئاسي الأسبق، والمتواجد حاليا في الإمارات الفريق أحمد شفيق على الحادث، قائلا إنها "عملية عسكرية كاملة الأركان".
وكتب في تغريدة على حسابه الرسمي في موقع "تويتر"، صباح السبت: "ما هذا الذي يحدث لأبنائنا. هم على أعلى مستويات الكفاءة والتدريب، هل ظلمتهم الخيانة أو ضعف التخطيط لهم، أو كل الأسباب مجتمعة. أرجوكم لا تتعجلوا في الانتقام قبل أن تستوعبوا وتفهموا حقيقة ما دار أمس على أرض بلدنا الجريح وفي عمله".
وأضاف: "أرجو أن تدركوا أن ما حدث لم يكن مجرد اغتيال كمين منعزل، ولا هو مهاجمة بنك في مدينة حدودية، أبداً لمن لا يفهم ولمن لا يريد أن يفهم، ما دار كان عملية عسكرية كاملة الأركان، أديرت ظلما ضد أكثر أبنائنا كفاءة ومقدرة وإخلاصا".
تصريحات شفيق تبعها هجوم من الإعلامي محمد الغيطي، قائلا: "يعني إيه يا سيادة الفريق، لا تستعجلوا على الانتقام، هو أنت صعبان عليك الإرهابيين".
وأضاف الغيطي المحسوب على جهاز المخابرات الحربية، في برنامج "صح النوم"، على قناة "ال تي سي"، مساء السبت، أن "سطور شفيق تحمل في ثناياها بعض الخبث، وبيان شفيق لم يكن بريئا، وكان الأفضل ألا يخرج بمثل هذا التصريح".
كما هاجمت الإعلامية أماني الخياط، مقدمة برنامج "بين السطور"، على قناة "أون لايف"، شفيق، وقالت: "هو أنت بتنسى المصطلحات العسكرية، لمصلحة مين تكتب بيان زي ده، وأنت قاعد في بلكونتك وعلى حمام السباحة".
وأضافت: "إنت مين؟.. إنت تاريخك معروف، والناس مبتنساش، وشفيق بيصطاد في الميه العكرة، وليه الناس دي تحاول الضغط على جرحنا في الوقت اللي عايزينه، وولادنا راحوا عشان إحنا نعيش".
النائب محمد أبو حامد، عضو مجلس النواب والقيادي بائتلاف دعم مصر، هاجم شفيق أيضا، ووصف تعليقه بأنه نوع من "التفاهات".
فيما أبدى النائب صلاح حسب الله، المتحدث باسم ائتلاف دعم مصر، اختلافه مع الفريق أحمد شفيق، الذي تساءل حول حادث الواحات بأنه هل ضعف تخطيط، أم خيانة، أم الأمران معا، قائلا: "رغم أنني أكنّ للفريق شفيق كل الاحترام، لكن، حزين من اندفاعه لقول هذا الكلام، باعتباره رجل دولة". وفق صحيفة المصري اليوم.
وأضاف: "الفريق شفيق بعيد عن الوطن، وعما يحدث بداخله، فهو يسمع تلك الأخبار، شأنه شأن أي أجنبي مقيم في الخارج"، متابعا: "كنت أتمنى أن ينتظر تحقيقات النيابة حول ملابسات الحادث قبل إبداء رأيه، لا يليق بشفيق وهو رجل دولة أن يغازل مشاعر المصريين المجروحة تجاه هذا الحادث الأليم".
في المقابل، قالت النائب مارجريت عازر، عضو ائتلاف دعم مصر، إنها تتفق مع الفريق شفيق في مسألة احتمالية وجود خيانة، لكنها تختلف معه تماما في تساؤله عن ضعف التخطيط، وقالت: "القوات مدربة على أعلى مستوى، ولا يمكن أن تضحي وزارة الداخلية بأولادها وتدفع بهم في مواجهة الإرهاب دون وضع خطط دقيقة لدحر الإرهاب، لكن مع كل التقديرات، لا أحد يعلم خطط الإرهابيين، فهم عصابات وليسوا جيوشا منظمة"، وفق المصري اليوم.
بينما قال النائب أيمن أبو العلا، إنه من الأفضل أن يعود شفيق إلى مصر، ويعلق على الأحداث بوضوح، حتى "لا يكرر السيناريو الذي يسير عليه محمد البرادعي"، بينما علق الأمين العام لحزب المصريين الأحرار نصر القفاص على تغريدة شفيق بقوله: "أعتقد أن آخر واحد ممكن يتكلم عن الحادثة الأخيرة هو الفريق شفيق".
من جانبه رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية سابقا، سامي عنان، على الحادث قائلا: في تدوينة له على "الفيسبوك": "حدث جلل أصاب مصر في أرقى وأكفأ قواتها. نَحّوا العواطف جانبا الآن، لغة العقل والرشد هي ما نحتاجها حاليا. ابحثوا عن الأسباب والدوافع وضعوهما في سياقهما الصحيح. شخَّصوا المرض بواقعية وبعقلانية. أدركوا حجم الكارثة التي نمر بها ونعيشها".
وتساءل عنان: "هل أبناؤنا أعز وأكفأ ما نملك ضحية الخيانة، وضعف وسوء التخطيط، وعدم دقة المعلومات"، مضيفا: "احترموا عقولنا تمتلكوا قلوبنا" وأضاف: "مصر تتشح بالسواد؛ حزنا وغما ونكدا على هذه الكارثة المروعة"، مضيفا: "رحم الله الشهداء، وعجل بشفاء المصابين، والعزاء لمصر ولشعب مصر العظيم".
كما غرّد الإعلامي والنائب المصري المقرب من نظام السيسي، مصطفى بكري ما قال إنها "القصة الحقيقية" لحادث الواحات بمحافظة الجيزة ، والتي أودت بحياة 58 فردا من الشرطة المصرية.
وكتب "بكري" عبر صفحته على تويتر سلسلة من التغريدات: "توصل جهاز الأمن الوطني إلى مكان المعسكر بعد أن ألقى القبض على 4 إرهابيين في القليوبية اعترف اثنان منهم بوجود المعسكر وقدموا تفاصيل كاملة".
وقال: "صدرت التعليمات بإعداد مأمورية من الأمن الوطني والقوات الخاصة لتنفيذ المهمة، وتحركت القوات، فجر الجمعة، من معسكر أحمد الكبير على الطريق الصحراوي وتوجهت إلى الكيلو 135، وبعد وصول القوات تركت مجموعة على الطريق الرئيسي الواحات للتأمين، وتحركت القوات داخل الجبال بعمق 15 كم، ورصدت عناصر الإرهاب دخول القوات وكانت لديها إخبارية مسبقة فاستعدت للمواجهة ونصبت كمينا للقوات وضربت القوات بالمدرعات والآربجيه".
وأضاف: "حدث ارتباك للقوات التي فوجئت بالحدث، ولم يكن هناك إسناد جوي أو استطلاع مسبق، ثم جرى اتصال بين القوات المحاصرة وبين القوات التي تؤمن الطريق الرئيسي، فجأة انقطع الاتصال الذي تم عبر هاتف الثريا خاصة أن إرسال المحمول مقطوع في هذه المنطقة التي توجد إلى جوارها حقول للبترول".
تصريحات بكري أعقبها فيديو عرضه الإعلامي أحمد موسى، في برنامجه "على مسؤوليتي"، الذي يذاع على قناة "صدى البلد"، لضابط ناجٍ من عملية الواحات، وروى الضابط من خلال الفيديو، الذي كان عبارة عن مكالمة هاتفية، تفاصيل سرية عن الحادث.
وقال موسى إن "الحد الأدنى لعدد العناصر الإرهابية أمس في طريق الواحات لا يقل عن 200 عنصرا"، مستطردا: "مش 3 أو 4 يعني، إحنا مش بنحارب كتاكيت".
وما لبث موسى بعرض الفيديو حتى صرح وكيل نقابة الإعلاميين، طارق سعدة، أن هناك اتجاها لدى مجلس النقابة باتخاذ قرار بوقف أحمد موسى فورا عن العمل، في الاجتماع الذي سيعقد ظهر اليوم؛ بسبب "التجاوزات والخروقات التي حدثت خلال برنامجه في حلقته الجمعة بشأن حادث الواحات".
وأشار سعدة إلى أن ما بثه برنامج "على مسؤوليتي"، الذي يقدمه أحمد موسى، هو "خرق لأبسط قواعد المهنة الإعلامية"، متابعا: "من سمح لموسى بهذه الهرتلة الإعلامية والتجاوزات التي تشعل نار الفتنة في المجتمع المصري والعربي؟". وفق صحيفة اليوم السابع المصرية.
وأضاف سعدة في تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن ما فعله أحمد موسى "يسير في اتجاه هدم الدولة المصرية لا البناء، وأن ما فعله يؤكد أنه لا يعرف أبسط قواعد ممارسة العمل الإعلامي".
وتابع طارق سعدة: "أحمد موسى أتى إلينا بشخصية وهمية، فأبسط قواعد الإعلام صدق المصدر، والإفصاح عنه، وتحديدا في القضايا التي تهم الأمن القومي، وتحليل ما قدمه موسى يعرضه لعدم ممارسة برامج الهواء، وتظل ثقتنا متينة في جيشنا وشرطتنا، مهما فعل الأغبياء والحمقى".
كما شن الإعلامي عمرو أديب، هجوما على موسى، والتسجيل الذي أرجعه لضابط يروي تفاصيل ما حدث في منطقة الواحات الإرهابية، قائلا: "إزاي نذيع حاجات مفبركة زي دي، والقانون بينظم الحاجات دي، يعني إحنا نقعد يوم كامل ساكتين، وفي الآخر نذيع تسجيل نقول ده للشهداء".
وقال "أديب"، خلال برنامجه "كل يوم"، عبر فضائية "ON E"، مساء السبت: "ليه منزلش فيديو والضباط بيتحايلوا على الإرهابيين عشان ميموتهمش.. كملوا كسروا البلد، أقسم بالله اتعرض عليا 5 فيديوهات وداعش بتموت من يتعاون مع الأمن، بيقسموهم اتنين ومردتش أعرضهم".
ووجهت الإعلامية لميس الحديدي خلال برنامج "هنا العاصمة" المذاع على قناة "سي بي سي" رسالة ضمنية لتسريب موسى قائلة: "عدد الشهداء ارتفع صباح اليوم إلى 54 شهيدا وفي قول آخر 84، وهذا لا يصح، يجب أن يكون لدينا معلومة قاطعة، بقى لنا ساعات بنسمع تسريبات مرعبة مش هنقدر نذيعها.. أولا لأنه كلام غير موثق ثانيا لأني مش هساهم في قتل الروح المعنوية للناس، ونحن لسنا شعبا قاصرا، نحن في خندق واحد يجب أن يعرف المعلومات كاملة وواضحة".
ودعا الإعلامي وائل الإبراشي بالتحقيق في قضية التسريبات الصوتية التي أذيعت في الإعلام عن حادث الواحات، قائلا: "مين الدنيء المنحط إللي سرب مكالمات الشهداء قبل دمهم ما يجف، هذه الأفعال تهين الشهداء ويجب عدم السكوت عليها".
وقال "الإبراشي"، خلال برنامجه "العاشرة مساء"، عبر فضائية "دريم"، إنه تم إرسال هذه التسريبات إليه أثناء الحادث الإرهابي يوم الجمعة".
وأكد "الإبراشي" أن المسرب لا يختلف عن الإرهابي في شيء، وأن مصر قدمت للعالم نموذجا للتوحد في قضية الإرهاب، وأن الإرهاب يزيد الشعب المصري تمسكا وقوة وإصرارا.