قال الكاتب والمحلل السياسي الإسرائيلي تسفي برئيل إن
روسيا في سعيها لتحقيق مصالحها الإقليمية تسعى إلى كبح نفوذ
إيران، رغم المصالح المشتركة لهما في سوريا، ولهذا فهي بحاجة إلى التغلب على عقبتين هما الشرخ في الخليج، والنزاع الداخلي الفلسطيني.
وفي مقال نشرته صحيفة هآرتس العبرية قال برئيل، إن نهاية أسبوع مكتظة مرت على وزير الخارجية الروسي سرجيه لافروف في أيام زيارته الثلاثة للشرق الأوسط، حيث التقى مع الملك السعودي والملك الأردني، وأجرى مكالمات هاتفية مع الرئيس المصري، وحاول رأب الصدع بين دول الخليج وقطر، وتوحيد المواقف حول الأزمة السورية، والتوصل إلى إنهاء النزاع الداخلي الفلسطيني بين فتح وحماس.
ولفت محلل الشؤون العربية في" هآرتس" إلى ما كشفه لافروف في المؤتمر الصحفي مع وزير الخارجية السعودي، من أن روسيا تجري اتصالات مع دول عربية لها علاقات مع حماس من أجل إعادة الطرفين إلى اتفاق المصالحة الذي وقع بينهما والذي يتضمن إقامة حكومة وحدة وطنية.
وفي هذا الصدد أضاف: "بعد يومين أعلنت حماس استعدادها لإلغاء اللجنة الإدارية التي أقامتها في قطاع غزة من أجل التوصل إلى اتفاق على إقامة حكومة وحدة وطنية، وما زال الوقت مبكرا لتنفس الصعداء تمهيدا لتطبيق هذا الإعلان على الأرض"، واصفا التدخل الروسي الجديد في النزاع بـ"الأمر الذي يستحق الاهتمام".
وأكد برئيل أن تدخل روسيا في النزاع الداخلي الفلسطيني وفي النزاع الإسرائيلي الفلسطيني ليس منفصلا عن استراتيجية روسيا في المنطقة، وفي الأساس عن إدارة الأزمة السورية، التي انتقلت بصورة مطلقة إلى أيدي موسكو، "فالأردن والسعودية ومصر، وليس أقل منها تركيا وإسرائيل، أصبحت تعترف بأن الدولة العظمى الوحيدة التي يمكنها صنع المعجزة في سوريا هي روسيا، وكل دولة من هذه الدول تسعى الآن إلى الحصول منها على ضمانات لتأمين مصالحها".
وأشار إلى أن روسيا التي أحدثت ثورة عسكرية في مكانة
النظام السوري وفي مساحة المناطق التي يسيطر عليها، تسعى إلى بناء جدار عربي داعم لجهودها في سوريا، ولذلك هي بحاجة إلى التغلب على عقبتين كبيرتين، الأولى هي الصدع بين دول الخليج ومصر وبين قطر، والثانية هي المواجهة السياسية بين السعودية وإيران.
ولفت إلى أن سبات الولايات المتحدة بخصوص النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، دفع إلى استخدامه لتحقيق مصالحها، قائلا: "هنا ظهرت أهمية حماس، التي لا تعتبر عاملا استراتيجيا يمكنه التأثير على السياسة الإقليمية. ولكن عندما تتحول إلى أداة في المعركة بين السعودية وإيران، فهي تصبح عاملا حيويا يجب تجنيده لصالح الصراع الأكبر".
وحول ذلك تابع برئيل: "حماس زادت تحسين علاقتها بإيران، وبين الفينة والأخرى يتم نشر تصريحات لقيادات من حماس في قطاع غزة، وفي الخارج تفيد بأن العلاقة مع إيران ستتجدد في الوقت القريب".
"لكن هذه التصريحات لا تتساوق مع دبلوماسية حماس التي تهدف إلى تحسين العلاقة مع مصر، وهي تبرهن على الانقسام بين قيادة كتائب القسام التي تسعى إلى استئناف العلاقة مع إيران وبين القيادة السياسة التي تعمل على تحسين العلاقات مع مصر والعالم العربي"، حسب برئيل الذي أوضح أنه بناء على ما سبق؛ تولي روسيا اهتماما للمصالحة الداخلية الفلسطينية، "والتي ستوقف التقارب المجدد لحماس مع إيران، وهذا ما يرضي طموحات السعودية ودولة الإمارات ومصر، الأمر الذي سيجعلها تدعم شرعية الأسد".
وختم برئيل بالقول: "إذا نجحت روسيا في تحقيق هذه المصالحة، فإنها تستطيع أن تسجل لنفسها انتصارا مزدوجا، فمن جهة ستظهر بأنها الدولة الوحيدة التي يمكنها حل النزاعات في المنطقة، استمرارا لنجاحها في سوريا. ومن جهة ثانية ستساهم بشكل كبير في كبح نفوذ إيران. لأنه على الرغم من المصالح المشتركة لروسيا وايران في بقاء الأسد، إلا أن روسيا غير متحمسة لنفوذ إيران في المنطقة".