تمر هذه الأيام ذكرى استشهاد سيد قطب الحادية والخمسون، فقد تم إعدامه في التاسع والعشرين من أغسطس سنة 1966م، بتهمة السعي لقلب نظام الحكم، وتدبير تفجيرات في منشآت حيوية مصرية كالقناطر الخيرية واغتيال أم كلثوم، وقد عرض مسلسل (الجماعة) في جزئه الثاني هذا العام في رمضان، ثم استضافت قنوات الإعلام الانقلابي بعض مزوري التاريخ المعاصرين للحديث كاللواء فؤاد علام الشهير بـ(ملك التعذيب)، وصب المسلسل كمية اتهامات وافتراءات على الشهيد سيد قطب، يكذبها التاريخ والحقائق، بل إن قصة تنظيم 1965 وما نسبوا إليه من مخططات ضد الدولة المصرية، بني على خيال مريض وافتراءات لصناعة عدو وهمي، وقد كان الهدف منه إيهام عبد الناصر أن المؤامرات تحاك حوله كثيرا، وأنه لا حامي له إلا مخابراته العسكرية، ولن أنقل حقائق من كتب تاريخ الإخوان، بل سأنقل عن أشخاص لا علاقة لهم بالإخوان، ولا يتهم أحد منهم بتحيزه لهم ولا لسيد قطب.
ونبدأ بنقل ما كتب عن تنظيم 65 والذي أعدم بسببه سيد قطب وإخوانه، عن كاتب غير مسلم، وهو الأستاذ موسى صبري الكاتب المصري المسيحي، يقول: (إن كل الثقات يؤكدون أن قضية الإخوان التي أعدم فيها سيد قطب كانت من اختراع شمس بدران وزبانية البوليس الحربي، وأنها مؤامرة وهمية، وأن التعذيب في هذه القضية هو قمة المأساة). انظر: وثائق 15 مايو ص 321 لموسى صبري.
بل أنكر هيكل ما فعله عبد الناصر في سيد قطب والإخوان سنة 1965، فيقول: (إن المعتقلين في هذه القضية وصلوا إلى عدة آلاف، وأن زوار الفجر كانوا يجمعونهم بغير رحمة، وقد تعرض الكثير منهم للتعذيب، وكان عبد الناصر يعرف ذلك، وقد أشرت إلى ما كتبت في الأهرام آنذاك إلى زوار الفجر، وانتقدت أعمالهم، فاستاء عبد الناصر مما كتبته في هذا الشأن، واتصل بي ليذكر أنني كنت قاسيا فيما كتبت، وأن شمس الدين بدران الذي كان يشرف على تحقيقات الإخوان المسلمين وقتها غضب وقدم استقالته). انظر: لمصر لا لعبد الناصر لمحمد حسنين هيكل ص 43.
ويقول رئيس مصر السابق محمد أنور السادات: (هيئ للسلطة الحاكمة في ذلك الوقت أن الإخوان يتآمرون ليقوموا بثورة مضادة، وقد ذهب ضحية هذا التصور الكثيرون ممن يحصون بالألوف، وصدرت ضد الكثيرين منهم أحكام). انظر: البحث عن الذات للرئيس محمد أنور السادات ص179.
ويقول الكاتب سامي جوهر: (قد بدأت قصة تلفيق هذه القضية لسيد قطب والإخوان، في سبتمبر سنة 1965 وقد كانت أجهزة المباحث الجنائية العسكرية التابعة للمشير عامر وعلى رأسها أحد أعوان شمس بدران وهو العقيد حسين خليل ادعت أنها كشفت مؤامرة يدبرها الإخوان المسلمون برئاسة سيد قطب لقلب نظام الحكم بعد القيام بعمليات تخريب وتدمير في مختلف أنحاء البلاد، وتم القبض على الآلاف وزج بهم في السجون، وبدأت عمليات تعذيب بشع لهم ليعترفوا بكل ما يملى عليهم). انظر: الصامتون يتكلمون لسامي جوهر ص77.
وقد تكلم موسى صبري عن سبب تلفيق عبد الحكيم عامر لهذه التهمة الباطلة لسيد قطب والإخوان، فقال: (فعل ذلك عبد الحكيم عامر وجهازه ليوحي لعبد الناصر بمدى اهتمامه ومعاونوه به، وبالتالي يفرض حمايته عليه، ويبرز له أن حياته تساوي حياة الملايين، وأنه أمل العالم العربي كله، وأن التآمر ضده تآمر ضد مستقبل الأمة العربية جمعاء، فإذا عذب بعض المتآمرين حتى الموت فذلك ليس إلا شيئا لا حساب له في سبيل الحفاظ على كيان الأمة العربية، متمثلة في زعيمها عبد الناصر). انظر: وثائق 15 مايو لموسى صبري ص322،321.
ويقول المؤرخ الدكتور أحمد شلبي: (واستطاب عبد الناصر هذا التصرف فقد كان شديد الحفيظة على الإخوان المسلمين وشديد الحب لنفسه". انظر: موسوعة التاريخ الإسلامي للدكتور أحمد شلبي الجزء التاسع ص 688.
هذه نُقول لأطراف محايدة لا تتهم بمجاملة أو محاباة سيد قطب رحمه الله ولا جماعة الإخوان المسلمين، تضع الحقائق التي أراد كتاب العسكر وإعلامه طمسها، ومحاولة تشويه عملاق من عمالقة الفكر الإسلامي المعاصر، رحم الله الشهيد سيد قطب.
Essamt74@hotmail.com