مع قرب حلول عيد الأضحى المبارك، يقف أهل قطاع
غزة حائرين في التعامل مع طريقة حفظ كميات
اللحوم الكبيرة التي تصلهم من الأقارب والأصدقاء أو المتبقية من أضاحيهم، وذلك بسبب تفاقم مشكلة
الكهرباء التي يعاني منها القطاع المحاصر.
تجفيف اللحم
وأوضحت أم محمد (51 عاما)، أن حفظ لحوم الأضاحي، "هي مشكلة تشغل بال الجميع، وهي حديث الساعة في البيت الفلسطيني في قطاع غزة، ولا نعرف ماذا علينا أن نفعل في كمية اللحوم التي تصلنا والتي تزيد أحيانا عن 30 كلغم، فالأمر ليس بأيدنا".
وأضافت في حديثها لـ"
عربي21": "الأمر محير لا ندري ماذا علينا أن نفعل، هل أقوم بتوزيعها للجيران والأصدقاء؟، فهم يعانون من ذات المشكلة، وهل أبقيها عندي لأكلها؟، سنأكل منها ويفسد الباقي".
ونوهت أم محمد، التي تعيش مع أفراد عائلتها وزوجها في بيت متواضع بمخيم خان يونس للاجئين، إلى أنها تبحث في الإنترنت عن
الطرق البدائية لحفظ اللحوم بعيدا عن الكهرباء، والتي منها "طريقة التجفيف (اللحم المقدد)، التي لم يسبق لي أن استخدمتها".
وتابعت: "قديما كانت أمهاتنا تقوم بتخزين اللحم عبر تسبيكها (يتم طبخ اللحم بنسبة 50 في المائة مع إضافة كمية من الملح والدهن) وهي طريقة غير ناجعة بشكل كبير، لكن من الممكن أن ألجأ إليها في تخزين كمية صغيرة، خاصة وأن الخيارات محدودة".
ومع انعدام قدرة عائلة أم محمد على شراء مولد صغير للكهرباء من أجل حل مؤقت لهذه المشكلة، طالبت كافة المسؤولين في
الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، بـ"العمل على حل هذه المشكلة ولو مؤقتا لتفادي فساد لحوم الأضاحي التي تنتظرها بعض العائلات الفقيرة"، كما قالت.
الأزمة متشعبة
وحول خطة سلطة الطاقة للحد من مشكلة الكهرباء وخاصة في أيام عيد الأضحى، قال فتحي الشيخ خليل رئيس سلطة الطاقة في قطاع غزة؛ "خطتنا هي العمل بقدر ما هو متاح من إمكانيات ضعيفة جدا جدا، مع الاستغلال الأمثل لكميات الوقود التي يتم استيرادها من مصر في محاولة لتشغيل المحطة بكامل طاقتها".
وأضاف في حديثه لـ"
عربي21"؛ "هذا لا يعني أن يكون هناك جدول ثابت لعدد ساعات التشغيل والفصل"، موضحا أن "مشكلة كهرباء غزة أصبحت معروفة، وقد خرجت من النطاق الفني إلى النطاق السياسي".
وأشار الشيخ خليل، إلى أن "ما قامت به سلطات الاحتلال الإسرائيلي تلبية لطلب السلطة الفلسطينية من تقليص كمية الكهرباء الواردة للقطاع عبر الخطوط الإسرائيلية بمقدار 50 ميغاواط من أصل 120 ميغاواط، أثرت بشكل كبير وزادت من تعقيد الأزمة".
وأوضح أن سبب تفاقم الأزمة في الوقت الحالي الرئيسي، هو "تقليص الاحتلال لكميات الكهرباء، ومنع دخول الوقود من جهة الضفة بدون ضرائب وبصورة منتظمة"، مضيفا: "فور إزالة تلك العوائق بكل تأكيد ستتحسن الكهرباء".
وشدد رئيس سلطة الطاقة بغزة والذي كان ضمن الوفد الفلسطيني الذي زار مصر مؤخرا، على أن "حل أزمة الكهرباء، تبدأ بتراجع السلطة عن كافة إجراءاتها بشأن الكهرباء سابقة الذكر"، منوها أن "أزمة الكهرباء متشعبة؛ وأي مشروع مع مصر أو غيرها يحتاج لوقت كبير جدا".
الظروف متغيرة
وأكد الشيخ خليل، أن سلطة الطاقة "ستعمل ما بوسعها لتحسين جدول الكهرباء بقدر الإمكان؛ مع عدم قدرتنا على تحديد عدد الساعات الوصل والقطع، فالظروف المتغيرة التي يتم فيها استيراد الوقود من مصر لا تمكننا من التصريح بأي معلومات ثابتة حول الواقع اليومي لأزمة الكهرباء".
وأبلغ رئيس السلطة محمود عباس "إسرائيل" مؤخرا بأنه سيقلص نحو 40 في المائة من المبلغ الذي تحوله السلطة لكهرباء القطاع، وهو الأجراء الذي يأتي بهدف ممارسة الضغط على حركة "حماس".
ويعاني قطاع غزة الذي يعيش أكثر من 2 مليون نسمة، منذ 10 سنوات، من أزمة كهرباء متفاقمة، ويحتاج القطاع إلى 500 ميغاواط من الكهرباء يوميا.
ويتوفر حاليا من جميع المصادر نحو 140 ميغاواط، منها؛ نحو 32 ميغاواط من الخطوط المصرية، و70 ميغاواط من الخطوط الإسرائيلية بعد الخصم، والباقي من محطة التوليد الوحيدة بالقطاع، علما بأن أقصى إنتاجية لمحطة غزة في حال عملت بطاقتها القصوى تصل إلى 110 ميغاواط فقط.
وتفاقمت معاناة كافة الشرائح في قطاع غزة بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي للعام الحادي عشر، إضافة لما قامت به السلطة من إجراءات تمس بشكل مباشر حياة الناس؛ من خصم جزء من رواتب الموظفين، والامتناع عن دفع ثمن كهرباء غزة، ووقف رواتب مئات الأسرى المحررين وتقليص عدد التحويلات الطبية.