كشفت تقرير أعده فريق الخبراء التابع للجنة العقوبات الدولية على
اليمن، عن ممارسات خطيرة ارتكبتها كل من المملكة العربية السعودية ودولة
الإمارات العربية المتحدة، وقوات الحوثي وصالح في اليمن، في ظل غياب تام لإجراءات كافية للمحاسبة والمساءلة لوقف الانتهاكات.
وذكر التقرير الذي حصلت عليه "
عربي21" من مصادر خاصة، أن جميع الأطراف تستمر النزاع في ارتكاب أعمال تنتهك القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان وقيمها وأعرافها، في ظل غياب تام لإجراءات كافية للمحاسبة والمساءلة من شأنها أن تحول دون ارتكاب المزيد من الانتهاكات.
وأعربت اللجنة عن قلقها من أن الدول الأعضاء في التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية يستترون عمدا بغطاء "كيان" "التحالف" للنأي بأنفسهم ودرء مسؤولية الدولة عنهم إزاء الانتهاكات التي ترتكبها قواتهم أثناء الضربات الجوية، الأمر الذي يساهم في الإفلات من المحاسبة والعقاب على الانتهاكات التي تصاحب الغارات الجوية.
وأكد التقرير أن الحكومة الشرعية وقوات الحوثيين وصالح والإمارات مستمرون في ممارسة إجراءات غير مشروعة من الاعتقال، بما في ذلك الاحتجاز بلا محاكمة والاختفاء القسري، وهي الممارسات التي تعتبر انتهاكا صارخا للقانون الإنساني الدولي وللقانون الدولي لحقوق الإنسان وقيمها وأعرافها.
ولفت إلى أن "استخدام القوات التي تعمل بالوكالة خارج منظومة وهياكل الحكومة يخلق ثغرة يفلت من خلالها مرتكبو الانتهاكات الجسيمة التي يمكن أن ترقى إلى جرائم حرب".
وأوضحت اللجنة في تقريرها أن دول أعضاء في التحالف تستمر في عدم تقديم تقارير حول التحريات التي تجرى في مناطقها، الأمر الذي يقوض مسؤوليات الرصد والمتابعة المناطة باللجنة، كما يقوض إجراءات السلامة والتحوط التي من المفروض أن تتخذ لضمان عدم إساءة استخدام نظام العقوبات لتحقيق أهداف أحادية الجانب، قد يكون منها إعاقة وصول المساعدات الإنسانية.
إقرأ أيضا: الكشف عن سجون سرية باليمن.. الإمارات تعذب وأمريكا تستجوب
وكشفت التقرير عن أن المملكة العربية السعودية والإمارات مسؤلتان عن تمويل الميليشيات المسلحة. كما تمتد هذه المشكلة لتشمل القوات النظامية مثل قوات النخبة الحضرمية وقوات الحزام الأمني، والتي شكلت كلاها برعاية من دولة الإمارات العربية المتحدة، ومازالت مستمرة في تلقي الدعم والتوجيه منها.
وذكر التقرير أن حكومة اليمن تزعم أن تعز قد تحررت، لكن المدينة تظل في واقع الأمر محل نزاع. ولقد أدى الصراع إلى بروز الشيخ أبو العباس، وهو شخص سلفي وطالب سابق في معهد دار الحديث في صعدة، بوصفه قائد عسكري يتصدر القتال ضد الحوثيين في تعز.
وحول شخصية أبو العباس، قال التقرير أنه يرتبط بالقادة السلفيين الذين يتخذون من عدن مقرا لهم، مثل هاني بن بريك، وكذلك بشبكة معهد دار الحديث الأوسع نطاقا. ويتلقى أبو العباس دعما ماليا وماديا مباشرا من دولة الإمارات، وتتمثل إستراتيجيته في تعز في الاشتباك مع الحوثيين كهدف أول، وبموازاة ذلك احتواء النفوذ السياسي والعسكري للتجمع اليمني للإصلاح.
واستدركت اللجنة، قائلة "إلا أن اشتباكه المباشر مع الحوثيين يعني سماحه بانتشار عناصر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب داخل المدينة بهدف تعزيز قدراته القتالية. ولقد طور أبو العباس شبكة علاقات معقدة داخل تعز ويمارس سلطته ونفوذه في كافة المناطق التي تخضع لسيطرته.
وأوضحت أن "لواء أبو العباس" يمتلك قوة شرطية تشرف على تنفيذ ما يصدر عن المحاكم من قرارات وأحكام وتعيين المسؤولين المحليين في كافة المناطق التي تخضع لسيطرته.
طائرات ومبالغ مالية
وعرّج التقرير على الطائرات غير المأهولة التي قالت جماعة الحوثي إنها يتم تصنيعها في صنعاء، بالقول إن "هذه المركبات يجري تجميعا من قطع تأتي من مصدر خارجي وتشحن إلى اليمن. وفي السابع والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر 2016، تم إيقاف شاحنة مسجلة في دبي وذلك عند نقطة تفتيش الميل بالقرب من مأرب".
وبحسب اللجنة، فإن الشاحنة المسجلة في دبي اكتشف أنها تحتوي على قطع لثلاثين عربة جوية غير مأهولة من نوع" قطيف1 ". وأضافت: "تقدمت اللجنة بطلبات تقفي ومتابعة لهذه القطع التي كانت تحمل علامات بهدف التعرف على الجهة الصانعة وعلى الشبكة الموردة للعربة الجوية غير المأهولة من نوع قطيف 1".
إقرأ أيضا: الإمارات بجنوب اليمن.. "استعمار غبي" أم دور مدروس؟ (ملف)
وعلى صعيد آخر، كشف تقرير اللجنة عن وجود أموال قد تكون متاحة ليستلمها خالد علي عبد صالح وشقيقاه صالح علي عبد الله صالح وسكر علي عبد الله صالح نيابة عن أفراد توجد أسماؤهم في القائمة، وذلك من تحويلات واستثمارات تعادل 20.9 مليون دولار أمريكي مصدرها ريدان للاستثمارات المحدودة في دبي.
الحرمان من الحرية
وخلصت اللجنة إلى أن قوات الحوثيين وصالح، وحكومة اليمن، والإمارات العربية المتحدة، تستمر جميعها في ممارسة الاعتقال الذي ينتهك القانون الإنساني الدولي وأعراف حقوق الإنسان.
وذكر اللجنة في تقريرها أن لديها معلومات موثوقة مفادها بأن قوات الإمارات العربية المتحدة أخفت قسريا شخصين في عدن لما يزيد عن ثمانية شهور. لن تصرح اللجنة بأي معلومات مفصلة نزولا عن رغبة العائلات، حيث أن المفاوضات على إطلاق سراحهما ماتزال مستمرة.
وأضافت" "كما تلقت اللجنة معلومات موثقة حول اعتقالات وانتهاكات مشابهة تقوم بها الإمارات العربية المتحدة في المكلا. واللجنة ماضية في تحقيقاتها حول ذلك".
وتتسع دائرة الركون إلى الحصانة من المساءلة والمحاسبة في ممارسة الاعتقال والاحتجاز بينما تنفي حكومة اليمن ودولة الإمارات العربية المتحدة امتلاكهما لسيطرة فعلية على القوت التي ترتكب الانتهاكات. وهذا بدوره يوجد ثغرة حقيقية يفلت من خلالها مرتكبو الانتهاكات من المحاسبة رغم أن ما يرتكبونه قد يرقى إلى جرائم حرب، بحسب التقرير.
وأردفت اللجنة أن تلك الممارسات توجد بيئة في منتهى الخطورة تعمل خلالها المجموعات المسلحة ومن ينتمي إليها من أفراد دون وجود كيان تراتبي خارجي تناط به مهمة المساءلة والمحاسبة حسبما هو مطلوب بموجب القانون الإنساني الدولي لضمان الحيلولة دون ارتكاب هذه الانتهاكات وضمان محاسبة وعقاب الأفراد الذين تسول لهم أنفسهم ارتكابها.
وحذرت من أن انتشار المجموعات المسلحة الممولة من قبل الدول الأعضاء في التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية في أبين وتعز ولحج وعدن والمخا والمكلا يولد تحديات تواجه محاولات السيطرة العملياتية.
وعلى الرغم من أن الحكومة اليمنية يقال بأنها تسيطر من الناحية القانونية على مثل هذه القوات (أخذا بالاعتبار أن التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية لا يملك صلاحيات "إنشاء" قوات شرعية دون إقرار منها)، إلا أن اللجنة غير مقتنعة بأن الحكومة قادرة على ممارسة أي صلاحيات فعلية على الأرض سواء من حيث التوجيه أو التحكم أو الاتصال، وفقا لتقرير اللجنة.
وعلى صعيد المساعدات الإنسانية، قالت اللجنة في تقريرها أنها رصد الإعاقات، بما في ذلك القيود التي يفرضها التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية على سفر وكالات الإغاثة الإنسانية وعلى الصحفيين الاستقصائيين جوا إلى صنعاء.
ووجدت اللجنة، بحسب تقريرها، أن التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية كان قد طلب فرض حظر فعلي على دخول الصحفيين والمنظمات غير الحكومية، وتلاحظ اللجنة أن ذلك يتناقض بشكل صارخ مع تصريح للحكومة اليمنية في الثالث والعشرين من حزيران/يونيو 2017 تؤكد فيه أن بإمكان الصحفيين السفر إلى اليمن دون قيود.
وللاطلاع على نصوص أهم بنود التقرير الأممي السري يمكنكم الضغط على الرابط أدناه:
عربي21 تنشر أهم بنود التقرير السري الأممي عن اليمن