أثار قرار النائب العام في
مصر؛ بإحالة أربعة من الرؤساء السابقين لمجلس إدارة مؤسسة "
الأهرام"، أكبر الصحف القومية في مصر، إلى محكمة الجنايات، لاتهامهم بإهدار المال العام بقضية "قضايا الأهرام"، تساؤلات حول أسباب إحالتهم وحدهم، واستبعاد 18 آخرين في القضية.
وضمت قائمة المحالين للمحاكمة كلا من إبراهيم نافع، ومرسي عطالله، وصلاح الغمري، وعبد المنعم سعيد. أما المستبعدون وعددهم 18 شخصا، فأبرزهم الرئيس المخلوع حسني
مبارك، ونجلاه جمال وعلاء، ووزير إعلامه صفوت الشريف ورئيس وزرائه أحمد نظيف، ورئيس مجلس الشعب أحمد فتحي سرور، ووزير الداخلية حبيب العادلي، والوزير مفيد شهاب، و10 آخرين.
واستغرقت القضية ست سنوات منذ بدء التحقيق فيها، وانتهت باستبعاد 278 متهما من أصل 300 بعد ردّهم قيمة الهدايا التي حصلوا عليها. وفي أيار/ مايو 2016، استأنفت النيابة القرار السابق بشأن 22 متهما فقط، وتم قبوله وإعادة التحقيق بها، إلى أن قرر النائب العام إحالة أشخاص فقط للجنايات.
رسائل السيسي
في هذا السياق، قال الكاتب الصحفي، قطب العربي، لـ"
عربي21": "بداية هذه القضية تم تحريكها منذ عهد الرئيس مرسي في سلسلة من القضايا والإجراءات في إطار محاربة
الفساد في المؤسسات الصحفية القومية، وكنت وقتها أمينا عاما مساعدا للمجلس الأعلى للصحافة".
وأضاف: "بدأت النيابة تحقيقاتها في القضية، ولكنها توقفت عقب وقوع انقلاب الثالث من تموز/ يوليو 2013، وقام عدد من المتهمين برد الهدايا غير المشروعة التي تلقوها من الأهرام بطريقة غير مشروعة، أو رد جزء منها، ومن هؤلاء جمال وعلاء مبارك ووزير الداخلية، ورئيس ديوان مبارك زكريا عزمي".
لكنه استدرك قائلا: "إن فتح القضية مجددا يثير علامات استفهام حول نية النظام، والاحتمال الأكبر هو توجيه رسالة أن النظام لا صديق له مهما تقرب البعض إليه، وربما لأن هذه الشخصيات الأربع المتهمة لا قيمة لها للنظام وفِي الوقت نفسه يحاول من خلال تقديمها للجنايات لتبييض وجهه"، على حد وصفه.
وتابع: "لكن الغريب أن أحد المتهمين، وهو عبد المنعم سعيد، هو عضو في مجلس مكافحة الإرهاب الذي يرأسه السيسي، والذي أعلن عنه مؤخرا، وليس معروفا إن كان سيستمر في موقعه أم تتم الإطاحة به".
السيسي ابن نظام مبارك
أما الكاتب الصحفي، سليمان الحكيم، فاستبعد أن يتم الزج بهؤلاء المتهمين في السجن، قائلا: "حسب قانون المصالحة الشهير، الذي بمقتضاه تم التصالح مع رجل الأعمال، وصديق مبارك، حسين سالم، والوزير الأسبق رشيد محمد رشيد، وغيرهما، فإن هؤلاء ستسقط عنهم التهم بمجرد رد الهدايا التي تلقوها، فالنظام يشجع على الفساد تحت عنوان (أسرق وأدفع لاحقا)"، على حد تعبيره.
وأضاف لـ"
عربي21": "ما تم التصالح عليه مع رموز نظام مبارك؛ هو أقل بكثير من الحقائق، فما يقر به حسين سالم وغيره، ورؤساء مجالس الأهرام، هو الذي يُعْتَمَد في عمليات السداد، فأين الحقيقة؟".
وانتقد "غلق جميع القضايا التي على رموز نظام مبارك، بدعوى قانون التصالح، الذي يشجع الفساد ولا يقومه"، مؤكدا أن "نظام السيسي ليس امتدادا لنظام مبارك، إنما هو متصل به، فالسيسي نفسه من رجال مبارك، ولم يتم اختياره كرئيس للمخابرات الحربية إلا إذا كان مرضيا عنه بناء على التحريات التي أجريت عليه"، وفق قوله.
ما وراء الكواليس
وذهب المحلل السياسي، سيد أمين، إلى أن "القضية تأخذ أبعادا سياسية مختلفة لا تتعلق بمكافحة الفساد كما يتم الترويج له".
وقال لـ"
عربي21": "أتوقع ظهور الكثير من القضايا التي كانت مغلقة، أو أُغلقت بعد استبعاد العناصر المؤيدة للسيسي، والهدف منها ضرب رجال مبارك الذين لا يؤيدون بقاء أو نهج السيسي في الحكم"، وفق تقديره.
وأضاف: "إنها تأتي أيضا في إطار الصراع ما بين السيسي وأحمد شفيق آخر رئيس وزراء مبارك، والمرشح للمنافسة في الانتخابات المقبلة"، موضحا أن "هذه القضية مرتبطة بصراع قديم بين رجال المخابرات، وأمن الدولة إبان عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، ومن تم استبعادهم من القضية هم ليسوا رموز نظام مبارك بقدر ما هم رموز نظام مخابرات السيسي"، كما قال.