نشرت صحيفة "فيلت" الألمانية تقريرا؛ تطرقت فيه إلى الخطر الذي يشكله
القراصنة الأمريكيون على الأمن القومي الأمريكي، حيث تنبهت وكالة الأمن القومي الأمريكية إلى أن البرامج التي تعتمدها لقرصنة المواقع الإيرانية والكورية الشمالية؛ تقع في أيدي المجرمين.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن وكالة الأمن القومي الأمريكية تضم ذراعا للحرب الإلكترونية، يعرف باسم مكتب عمليات الوصول المصممة (TAO)، وهو يوظف قرابة 1000 من أفضل القراصنة في العالم، الذين يعملون على اختراق الأنظمة الإلكترونية المحمية بشكل جيد.
وأكدت الصحيفة أن هذا المكتب يعمل على مدار الساعة، ويتدخل عندما تعجز بقية الأقسام عن أداء مهامها، وذلك تحت شعار "بياناتكم بياناتنا". والقراصنة العاملون في هذا المكتب مختصون في تصميم البرامج القادرة على اختراق أنظمة الأعداء، حيث تهدف البرامج بصفة عامة إما إلى تعطيل البرنامج النووي الإيراني أو شل قدرات القواعد الصاروخية الكورية الشمالية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هؤلاء القراصنة نجحوا في كتابة الشيفرات الأكثر تدميرا. وفي الوقت الراهن، أصبحت الأسلحة الرقمية لوكالة الأمن القومي الأمريكية تشكل خطرا على الأعداء وعلى الولايات المتحدة نفسها، وذلك وفق عدد من الخبراء الأمنيين المشهورين الذين أفادوا أن وكالة الأمن القومي الأمريكية فقدت السيطرة على ترسانتها من الأسلحة الرقمية.
وأوردت الصحيفة أن الهجمات الإلكترونية التي تم تنفيذها خلال شهري أيار/ مايو وحزيران/ يونيو الماضيين؛ تمت باستخدام البرامج التي صممها هذا الجهاز الاستخباراتي، وبالتحديد مكتب تصميم عمليات الوصول.
وفي هذا الصدد، صرح ليون بانيتا، المدير العام السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ووزير الدفاع الأسبق أن "جدلا واسعا أثير داخل الولايات المتحدة الأمريكية بشأن مدى خطورة وكالة الأمن القومي الأمريكية على الولايات المتحدة وحلفائها. أعتقد أننا لم نقدر مدى خطورة هذه الوكالة على بلادنا". وأعرب بانيتا عن مخاوفه من عدم قدرة هذه الوكالة الأمنية على حماية برامجها من السرقة.
وفي السياق ذاته، أفاد المدير الأسبق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية؛ أن "الفيروسات المصممة في مخابر الجواسيس انتشرت في جميع أنحاء العالم، حيث ظهرت هذه البرامج في روسيا، وإيران، وكوريا الشمالية، فضلا عن أنها وقعت في أيدي تنظيم الدولة، مما يشكل خطرا جديا على الولايات المتحدة الأمريكية".
وأضافت الصحيفة أن الحكومات الغربية كانت في السابق تخشى من انتشار الأسلحة الكيميائية أو البيولوجية أو النووية بشكل غير منظم. وفي الوقت الراهن، عليها أن تقلق من انتشار الأسلحة الرقمية التي يمكن أن تسبب أضرارا جسيمة لا سيما وأنها قد تؤدي إلى الإضرار بالمستشفيات ومحطات توليد الكهرباء أو الأجهزة الأمنية، مما قد يتسبب في جرح أو وفاة العديد من الأشخاص.
وأوردت الصحيفة أن هجمات إلكترونية استهدفت خلال شهر أيار/ مايو الماضي حوالي 200 ألف منظمة و120 دولة، من بينها بريطانيا، حيث تعطلت الحواسيب في العديد من المستشفيات. وبالإضافة إلى ذلك، لم تكن الولايات المتحدة بمنأى عن هذه الهجمات، حيث تعطلت أنظمة شركة "تي آند تي إكسبريس"، مما أدى إلى تراجع أسهم هذه الشركة، وبالتالي خروجها من سوق التداول خلال فترة وجيزة.
وأضافت الصحيفة أن وزارة الأمن الداخلي الأمريكية حمّلت كوريا الشمالية مسؤولية هذه الهجمة، واتهمتها بالتسلل إلى بيانات وكالة الأمن القومي الأمريكية، والاستحواذ على برمجية واناكراي (WannaCry)، علما أن هذه البرمجية تستغل ثغرة أمنية في نظام التشغيل ويندوز، وتقوم بتشفير جميع البيانات الموجودة على الحاسوب، ثم تطلب فدية مقابل الإفراج عن البيانات المشفرة.
وبينت الصحيفة أن آخر التحقيقات أكدت أن عصابة قراصنة تسمى شادو بروكرز (Shadow Brokers) تسللت إلى بيانات وكالة الأمن القومي الأمريكية، وسطت على البرمجية بقصد بيعها على شبكة الإنترنت. وقد أعلنت هذه العصابة عن عزمها القيام بهجمات أخرى.
وذكرت الصحيفة أن الولايات المتحدة الأمريكية متيقنة من أن خصومها، على غرار إيران وكوريا الشمالية، فضلا عن المجموعات المتطرفة، غير قادرين على القيام بهجمات رقمية كبرى، في حين يبدو أن الصين وروسيا قادرتان على ذلك.
وذكرت الصحيفة أن الحكومة الأمريكية لم تحدد بعد هوية المسؤول عن الهجمات الإلكترونية التي حدثت في شهر حزيران/ يونيو الماضي، لكن يبدو أن هذه الهجمات تمت باستخدام برمجية بتيا (Petya) التي صممت لدى وكالة الأمن القومي الأمريكية، مع العلم أن هذه الهجمات استهدفت خاصة روسيا وأوكرانيا، حيث تعطلت أنظمة الحواسيب في عدد من البنوك والمطارات والمستشفيات، بالإضافة إلى مفاعل تشرنوبل للطاقة النووية الذي تعرض إلى أكبر كارثة نووية.
وقالت الصحيفة إن كلا من ألمانيا وبولندا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة؛ تعرضت لعدد من الهجمات الإلكترونية. وفي هذا الصدد، أفاد المدير العام الأسبق لوكالة
المخابرات الأمريكية، مايكل هايدن، بأن "المخاوف تعمقت في الولايات المتحدة بشأن عدم قدرة جواسيسنا على حماية أسلحتهم من اللصوص".