كتاب عربي 21

تعقيب على تصريح جيولوجية مصرية حول الثروات الليبية

1300x600
إنها خبيرة مصرية تقيم في الولايات المتحدة ويوحي المقعد الذي تبوأته بأنها عالمة جيولوجية لكنها تورطت في تحريض لا يمكن وصفه إلا بأنه بلطجة صارخة.

الخبيرة تحدثت في مؤتمر علمي وأمام جمع غفير من المفترض أنهم نخبة وخلاصة المجتمع من المتعلمين، لكنهم قابلوا العنجهية والتحريض السافر للاعتداء على حقوق الآخرين بالتصفيق، وكان من بين المصفقين بحرارة وزيرة والتي صاحب تصفيقها استبشار لم تخفيه ملامح وجهها.

الموضوع يتعلق بنهر المياه الجوفية الضخم في جنوب شرق ليبيا والدلتا البترولية الكبيرة في المنطقة ذاتها، ولأن جزء محدودا من البحيرة المائية والبترولية يقع ضمن جغرافية مصر فقد دعت الخبيرة المصرية صراحة إلى سرعة استغلالهما باعتبار أنهما حوض واحد لا فواصل فيه، وبلا قيد أو شرط وأن المسألة مصيرية، "ياهما ياحنا"، ويُفهم من كلامها أنه يمكن أن نسحب أكبر كمية ممكنة من المياه والبترول لصالحنا و "نحط إيدنا عليها"، والحديث موثق بالصوت والصورة على اليوتيوب.

التصفيق الحار على أعلى المستويات يؤكد على مسألة مهمة وهو أن الموضوع له علاقة باتجاه بعض النخبة المصرية المتنفذة في التعامل مع الثروات الطبيعية الليبية ضمن حتى منظومة الحكم ولقد كان المتحدث باسم الخارجية المصرية السابق صريحا بقوله أن مصر لم تستفد من الثروة الليبية لأربعين عاما وحان الوقت ليتغير هذا الوضع.

التوقيت متعلق بالفوضى التي تعيشها ليبيا والتي من أبرز مظاهرها غياب سلطة تنفيذية نافذة تمثل الجميع وتفرض سيادة الدولة، ولهذا الوضع علاقته المباشرة بإشارة للرئيس السيسي في إحدى خطاباته التي قال فيها نحن لم نستغل وضع ليبيا ونضع يدنا على ثرواتها لنعالج أزمتنا الاقتصادية، وكان يمكن أن نقوم بذلك. فإن مجرد إيراد هذه النقطة حتى في معرض النفي إنما يؤكد ما ذهبنا إليه وهو أن الخلل الكبير في المنظومة السياسية ومنظومة السلطة في ليبيا إنما يسيل لعاب البعض ويدفعهم إلى التصريح وليس التلميح ببذل الوسع للاستفادة من الثروة السائبة.

المشاركة المصرية البارزة والكبيرة في الحرب التي دارت في بنغازي لما يزيد عن ثلاث سنوات تقترن بالمصالح المصرية العليا والتي يأتي في مقدمتها الأمن الاستراتيجي والأمن الاقتصادي، ولقد كان التدخل المصري في ليبيا مثار جدل محلي وإقليمي وحتى دولي واعتقد أن أثاره السلبية ستتجلى أكثر في قادم الأيام حيث ربما سيضغط المصريون لتحصيل المنافع الاقتصادية بعد الدور الكبير الذي كان له أثره الواضح في ترجيح كفة الجيش التابع للبرلمان في حرب بنغازي.

الاتجاه المصري المصلحي النفعي والذي بدا من تصريحات بعض نخبهم أنه مجرد من القيم والضوابط يقابله وضع ليبي هش، فالجبهة المسيطرة على المنطقة الشرقية تعتبر مصر حليفا استراتيجيا وتعترف - حتى هذه اللحظة -  لها بالفضل الكبير، وماتزال عبارة قائد الجيش التابع للبرلمان خليفة حفتر حاكمة في هذا الصدد وهو قوله بأنه يؤيد أي قرار مصري تجاه ليبيا ولو أضر بالمصلحة الليبية العامة.

بالنسبة لحكومة الوفاق والمجلس الرئاسي فبرغم أن هناك تواصلا واعترافا مصريا به كممثل للسلطة التنفيذية في البلاد، فمن الواضح أن هناك عدم ارتياح للدور المصري في ليبيا، إلا إن محدودية سلطة المجلس تمنعه من أن يكافئ الاختلال في العلاقة مع القاهرة بما يناسبه.

أيضا حالة النزاع الدائر وعدم الوصول إلى وفاق شامل تعني أن حفتر لا يزال في حاجة للدعم المصري وبالتالي فإن طول أمد الأزمة قد يرتب ظروفا قد تقود إلى وضع كل أو بعض النقاط على الحروف فيما يتعلق بالمنافع والمكاسب التي تتحدث عنها النخبة المصرية في كل مناسبة، وقد يكون من ضمن بدائل استغلال الثروات الليبية اتفاق تقاسم المخزون الاستراتيجي من النفط والمياه، فما خسرته مصر في اتفاق تقاسم مياه نهر النيل يمكن تعويضه باتفاق مشابه مع الطرف المتحكم في برقة وذلك إذا استمر المشهد السياسي على الوضع الراهن من انقسام ووجود سلطتين مستقلتين في الشرق والغرب.