سياسة عربية

"الأورومتوسطي": غلق المدن بالعراق انتهاك وعقاب جماعي

المرصد الأورومتوسطي قال إن الإجراءات المجحفة بحق المدنيين تعد انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية- الأناضول
فتحت الإجراءات شبه العقابية التي تسلكها مليشيا الحشد الشعبي إلى جانب الجيش العراقي بحق المدنيين في المدن الكبرى، وتحديدا القريبة من الموصل، والمتمثلة بإجراءات الإغلاق الكامل دخولا وخروجا، باب الانتقادات المحلية والدولية التي وصفت عمليات الإغلاق للمدن بـ"السجن الكبير" للأهالي.

وحذر المرصد الأورومتوسطي ومقره جنيف، في بيان صحفي له من "الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون العراقيون سيما النساء والأطفال والمرضى جراء هذه السياسيات التعسفية واللاإنسانية بحقهم".

وقالت الباحثة في المرصد الأورومتوسطي "رمال سائد" إن عددًا من المدن العراقية تتعرض منذ فترة طويلة لانتهاكات مستمرة من قبل القوات الحكومية العراقية والمليشيات المرافقة لها بفعل عمليات الإغلاق والمحاصرة.

وذكرت سائد أن هذه الإجراءات يتم اتخاذها "من دون مراعاة للحاجات الإنسانية للسكان ودون ظروف أمنية قاهرة، بحيث تتعمد تلك القوات إغلاق المحافظات والمدن لأيام عديدة ومنع أي دخول لها سواء من قبل سكانها أم زوارها".

اقرأ أيضا : رسائل مباشرة من خامنئي للعبادي بشأن أمريكا ومليشيا الحشد


ونبه المرصد الأورومتوسطي إلى أن أهالي المدن العراقية المغلقة وجدوا أنفسهم بعد تحررها من سيطرة ما يعرف باسم "تنظيم الدولة"، أمام تضييق حكومي شديد.

وأوضح أن هذا التضييق يتضمن منع دخول السلع والمواد الغذائية لأيام عديدة الأمر الذي يعرض تلك السلع للتلف جراء الشمس الحارقة وسوء التخزين ما يؤثر بشكل سلبي على حياة المدنيين بشكل مباشر، فضلًا عن عدم السماح بتسهيل خروج الحالات الطارئة من المرضى والحالات الإنسانية الأخرى من المدن المغلقة.

وقال المرصد إنه وثق بتاريخ 24 حزيران/ يونيو 2017 إغلاق القوات الحكومية المشتركة مداخل ومخارج الفلوجة ومنع الآلاف من المرضى والموظفين والمسافرين من التنقل لإتمام مهامهم ما تسبب بتعرض حالات كثيرة من المدنيين للإغماء وبعضهم أسعف يدويًا من قبل الأهالي بوضع المغذي الطبي لهم.

ولم يكن هذا الإغلاق الوحيد لمدينة الفلوجة وإنما سبقه عدة إغلاقات طويلة أنهكت المواطنين، ولم تمكنهم من الالتحاق بوظائفهم وأشغالهم اليومية، نتيجةً لانتظارهم عدة أيام للخروج أو الدخول إلى المدينة.

ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أن أهالي ووجهاء مدينة الفلوجة خاطبوا وزير الداخلية قاسم الأعرجي، فتم فتحها بناءً على طلبه لمدة يوم واحد فقط ومن بعدها استمرت معاناة المدنيين لباقي الأيام.

اقرأ أيضا : صور تظهر جثث عشرات المدنيين بالموصل.. من قتلهم؟

وأشار إلى أن القوات الحكومية تتعمد أيضًا إغلاق منافذ مدينة الفلوجة خلال ساعات فتحها المعلنة من طرفها لمدة ثلاث ساعات، فيما يتحدد خروج أهالي المدينة إلى بغداد بـ12 ساعة فقط؛ ومن خلال منفذ واحد وهو "سيطرة الصقور" الذي يقع شرقي مدينة الفلوجة؛ ويبدأ عمل هذا المنفذ من الساعة السابعة صباحًا وحتى الساعة الثامنة مساءً.

وفي محافظة الأنبار يتنقل سكانها بين مناطق سكناهم والمدن القريبة منهم والتي تقع ضمن رقعة جغرافية واحدة بـ"قصاصة" تسلمها لهم الأجهزة الأمنية الحكومية، وتعد "القصاصة" جواز سفر للمدني خلال تنقله داخل محافظته، ويتم الحصول عليها لكل مدينة أو بلدة يحتاج الدخول إليها، وتأتي بعد اجراءات طويلة ومعقدة، وتفتيش يستمر لساعات.

وبين المرصد الأورومتوسطي أن الإجراءات المشددة المذكورة تتشابه في مدن ومحافظات شمال العراق ومناطق شمال بغداد مثل مدينة "تكريت"، و"بيجي" في محافظة صلاح الدين، ومحافظة "ديالى"، وبعض مناطق حزام بغداد ("الطارمية" و"المحمودية" و"جرف الصخر").

وتسيطر المليشيات والقوات الحكومية على هذه المدن والبلدات وتغلق منافذها وتمنع تنقل المدنيين، فيما تتصاعد تلك الممارسات عقب كل تفجير أو اغتيال مسؤول عسكري أو قائد من المليشيات.

اقرأ أيضا : اتهامات لواشنطن بدعم وحدة عراقية ترتكب جرائم ضد السنة


وخلص المرصد الأورومتوسطي إلى أن "هذه الإجراءات المجحفة بحق المدنيين تعد انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية، حيث يلزم القانون الدولي لحقوق الإنسان الحكومات باحترام حق السكان في حرية الحركة والتنقل داخل وخارج المدن، وهو الحق المعترف به في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة (13) وفي الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية بند (12)".

ودعا المرصد الأورومتوسطي الحكومة العراقية إلى العمل على تسهيل حياة المدنيين وتوفير الخدمات الضرورية لهم والسماح بدخول السلع والمواد الغذائية للمدن المغلقة وضمان خروج المرضى لتلقي الرعاية.