سياسة عربية

الشنقيطي: أزمة الخليج تدفع نحو تشكيل محور جديد بالمنطقة

الشنقيطي: في حال ظهور المحور الجديد ستكون السعودية هي الخاسرة بنهاية المطاف- أرشيفية
تناول أستاذ الأخلاق السياسية وتاريخ الأديان في جامعة حمَد بن خليفة في قطر، محمد مختار الشنقيطي، الأزمة الخليجية الحالية، وأسبابها، مشيرا إلى أن هناك أسبابا ظاهرة وأخرى خفية.

وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن الأسباب الظاهرة هي المتداولة في وسائل الإعلام، أما الخفية فهي سعي الولايات المتحدة وبعض حلفائها في الخليج إلى إرغام قطر على التخلي عن مسارها وقرارها السياسي المستقل.

وقال إن المسار الذي سارت فيه قطر منذ بداية ثورات الربيع العربي هو مسار الانحياز لحركة الشعوب وعدم الدخول في حرب على حركات إسلامية مدنية ديمقراطية تمثل قطاعا عريضا من المجتمعات العربية، وهو ما لم يعجب أصحاب قرارات المقاطعة والحصار.

وذكر أن أمريكا والإمارات وأخيرا السعودية بعد أن أصبحت قريبة جدا من "أبو ظبي" مُصرة على إلزام قطر بالدخول في الحرب الأهلية العربية التي تقودها "أبو ظبي" بدلا من السعي إلى التفاهم بين الحكام والمحكومين، والتفاعل مع مسار الإصلاح السياسي الذي تحتاجه المنطقة.

وقال الشنقيطي: "يُصر هؤلاء على استمرار وإشعال الحرب الأهلية العربية، وخاصة الحرب ضد الحركات الإسلامية الوسطية، وعلى رأسها حركة الإخوان المسلمين، وهذا هو جوهر الصراع الآن".

وأضاف أن "أمريكا تلعب لعبة مزدوجة، كما رأينا في تصريحات ترامب الأخيرة وحديث وزير خارجيته، فبينما يرفع ترامب العصا الغليظة يتحدث وزير خارجيته باللين، وكل هذا إمعانا في الابتزاز، وسعيا لإرغام قطر على التخلي عن قرارها وخيارها، وهو خيار صحيح يخدمها ويخدم شعوب المنطقة، بل ويخدم حتى القوى الدولية ذات المصلحة في المنطقة التي تريد مصالح منطقية ولا تسعى للهيمنة والاستحواذ".
    
ورأى الشنقيطي أن الأطراف المتخاصمة لكل منها أوراق ضغط قوية، وقوة الموقف القطري في انحياز الشعوب لجانبه، فمعه ضمائر الشعوب بما في ذلك ضمائر شعوب الخليج، بالإضافة إلى أنه أصبح لديه حليف إقليمي قوي جدا وهو تركيا.

وتابع بأن "دخول تركيا على الخط سياسيا وعسكريا يقلب المعادلة كلها، وربما هذا ما تحتاجه المنطقة تحديدا، لأن الخلافات الإقليمية التي تُمزق المنطقة الآن ستستمر وتستمر اللعبة الدولية في إذكائها إلى أن يدخل طرف إقليمي مسؤول وقوي ومستعد أن يقف مع قضايا الشعوب ومع الحق في الصراعات الحالية".

وقال إن "نقطة قوة الطرف الآخر (بزعامة السعودية والإمارات) الأساسية تتمثل في تواطؤ الأمريكيين معه في الضغط على قطر، لكن نقطة ضعفهم أيضا أنه من السهل جدا أن يُغير الأمريكيون موقفهم غدا إذا تبين لهم أن الأمور ستخرج من أيديهم، وبالتالي فإنهم سيلزمون السعودية والإمارات بتغيير موقفهما أيضا".

وأشار الشنقيطي إلى أن "مشكلة الطرف السعودي الإماراتي أنه ليس صاحب رؤية استراتيجية ولا قرارا سياسيا مستقلا بقدر ما هو يُنفذ أجندة دولية، ولذلك فإن الأطراف الدولية قد تدرك أن محاولتها مع قطر لم تنجح، وبالتالي فإنه ينبغي تأجيلها أو التخلي عنها نهائيا".

ورجّح "عدم استمرار الأزمة طويلا، فسيكون هناك شيء من التهدئة، لكن للأسف مستوى انعدام الثقة الذي خلفته الأزمة سيبقى في الضمائر لوقت طويل، خاصة أن هذه الأزمة صاحبها الكثير من الفجور في الخصومة والتهريج الإعلامي الذي لا سابق له في الدبلوماسية الخليجية المعروفة تقليديا بالهدوء والرويّة، وبالذات الدبلوماسية السعودية، في حين أن ما رأيناه خلال الأيام الماضية هو خروج تام عن أعراف الدبلوماسية السعودية التي نعرفها".

وقال: "وزير الخارجية السعودية السابق سعود الفيصل قاد الدبلوماسية السعودية لعقود طويلة، لكن لم نسمع أبدا ولم نر الإسفاف والتهريج والصخب الإعلامي في الدبلوماسية السعودية في أيامه كما نراه حاليا في عهد الوزير عادل الجبير، وهذا يدل على أن هناك اختلالا كبيرا وحقيقيا في صناعة القرار السعودي في السياسة الخارجية".

اقرأ أيضا: ما أسباب التوتر مع قطر.. وماذا تريد الرياض وأبوظبي من الدوحة؟

ونوّه إلى أن الأزمة ستلقي بظلالها على المدى البعيد على المعادلات والتحالفات الإقليمية والدولية في المنطقة، مضيفا أن "من المتوقع ظهور محور جديد في المنطقة به قطر وتركيا بشكل أبرز وأوضح وأقوى، وربما يتصالح هذا المحور مع إيران، وبذلك تكون السعودية هي الخاسرة في نهاية المطاف".

وذهب إلى أن "الحرائق تحاصر السعودية من ثلاثة جوانب: شمال الشرق في العراق، وشمال الغرب في سوريا، وجنوبا في اليمن، وأخيرا بدأت السعودية تفقد أهم أصدقائها في الخليج (قطر) بسبب انسياقها مع مغامرات أبو ظبي وإصرارها على استمرار الصراعات الدموية والحروب الأهلية في المنطقة خدمة للثورات المضادة".

وردا على هجوم البعض عليه مؤخرا ممن يؤيدون الإجراءات السعودية الإماراتية، قال: "لا أهتم بهذا الهجوم على الإطلاق، فأنا من المؤمنين بأن الإنسان ينبغي أن يشارك بالفعل الإيجابي وألا يضيع طاقته في المعارك الجانبية، وكانت والدتي -رحمها الله- تقول إنها متبرعة بسمعتها للمسلمين، وتعلمت منها ألا أعبأ بما يقوله الآخرون، فما يهمني هو قول ما يؤمن به ضميري وأن أقف مع ما أراه حقا، ولا أتوقع مطلقا من الظلمة أن يسعدوا بما أقول".