لوبوان: انتخابات الجزائر ببين المقاطعة واستمالة الإسلاميين
عربي21- بلال دردور12-May-1709:51 PM
شارك
أعرب وزير الداخلية عن سعادته بحجم الإقبال رغم ضعفه - أ ف ب
نشرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية تقريرا؛ تطرقت فيه إلى الانتخابات التشريعية الجزائرية التي حطمت رقما قياسيا فيما يتعلق بعدد صناديق الاقتراع الفارغة، حيث شهدت هذه الانتخابات عزوف 17 مليون ناخب قرروا عدم الإدلاء بأصواتهم من جملة 25 مليون ناخب مسجل. ومن هذا المنطلق، تحاول إدارة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة استقطاب الأحزاب الإسلامية وكسب ودها.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الجزائريين استغلوا الانتخابات التشريعية التي أجريت مؤخرا لتمرير رسائل ضمنية من خلال مقاطعتهم التصويت، مفادها أنهم يشعرون بالإحباط، فضلا عن الغضب الشديد إزاء سياسة بوتفليقة.
وأكدت الصحيفة أن أشكال مقاطعة الانتخابات التشريعية، التي بلغت نسبتها 61 في المائة، قد تعددت، حيث قرر العديد من الجزائريين الامتناع نهائيا عن التصويت، في حين شارك قرابة مليوني جزائري، من جملة 8.6 مليون شخص أدلوا بأصواتهم، بوضع ورقة بيضاء داخل صندوق الاقتراع. وفي العاصمة الجزائرية، بلغ عدد المسجلين في الانتخابات قرابة 1.9 مليون شخص، لم يتوجه من بينهم سوى 537 ألف إلى مراكز الاقتراع، بينهم 261 ألف ناخب قرروا وضع ورقة بيضاء داخل صناديق الاقتراع.
من جهته، أعرب وزير الداخلية الجزائري، نور الدين بدوي، عن رضاه التام بشأن سير الانتخابات التشريعية على الرغم من ضعف نسبة الإقبال عليها. وأشاد الوزير بالجزائريين الذين أدلوا بأصواتهم، علما أن نسبتهم لا تتجاوز 38.25 في المئة، لكن يبدو أن هذا الرقم مقبول ومحترم بالنسبة للوزير الجزائري.
وأكدت الصحيفة أن امتناع المواطنين عن التصويت؛ من شأنها أن تعمق الهوة بين الشباب الجزائري والمسؤولين السياسيين في البلاد. من جانب آخر، لا يخدم قرار الجزائريين بمقاطعة الانتخابات مصلحة النظام الجزائري الذي يأبى التغيير، خاصة وأنه يعيش بين جارتين قررتا أن تتبعا نهجا مغايرا منذ فترة. فقد وضعت تونس بالفعل قدما على طريق الديمقراطية، في الوقت الذي تعمل فيه المغرب على أن تكون محور القارة السمراء.
وتطرقت الصحيفة إلى الدعوة التي وجهها الوزير الأول الجزائري، عبد المالك سلال، لعبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية، التي تتبنى توجهات الإخوان المسلمين، للمشاركة في تشكيلة الحكومة القادمة.
وفي هذا الإطار، أورد مقري على حسابه الخاص على موقع فيسبوك المنشور التالي: "لقد تلقينا اتصالا منذ يومين من قبل أحد المسؤولين في الدولة، ثم تلقيت اتصالا آخر من قبل الوزير الأول ليؤكد أن دعوته للمشاركة في الحكومة القادمة جاءت تلبية لقرار رئيس الجمهورية". وأشار مقري إلى أن "مجلس الشورى (في الحركة) سينظر في هذه الدعوة للتشاور بشأنها".
وكان مقري، قبل أسبوعين من انطلاق الانتخابات، قد اشترط أمرين أساسيين، حتى يشارك حزبه في تشكيلة الحكومة، وهما أن تضمن الدولة إجراء انتخابات تشريعية نزيهة، وأن حزبه لن يشارك فعليا إلا إذا حقق نجاحا ملموسا في الانتخابات.
ونقلت الصحيفة على لسان القيادي في حركة مجتمع السلم، ناصر حمدوش، أن "أزمة الثقة بيننا وبين الحكومة لا تزال قائمة، وأعتقد أن الحكومة تعي السبب وراء ذلك جيدا. فقد تكررت عمليات التزوير أثناء الانتخابات، فضلا عن أن هناك استهدافا متعمدا لقوائمنا الانتخابية، الأمر الذي يعكس عدم احترام قرارات وخيارات الشعب".
وأوضحت الصحيفة أن حركة مجتمع السلم تعيش على وقع خلاف داخلي بين اتجاهين اثنين في صلبها، حيث يدعو الأول إلى القطع نهائيا مع "سياسة التغلغل التدريجي" والمتمثلة في تقلد بعض أعضاء الحركة لمناصب حكومية. أما الاتجاه الثاني، الذي يضم موالين للوزير والقيادي السابق في الحركة، أبو جرة سلطاني، فيدعو إلى قبول دعوة سلال والمضي قدما في سياسة التغلغل التدريجي "بهدف إرساء المشروع الإسلامي والوطني في قلب النظام الجزائري".
وأفادت الصحيفة أن زعيم حزب "جيل جديد"، جيلالي سفيان، اتهم حركة مجتمع السلم "بالتفاوض مع الحكومة في تجاهل صارخ للمعارضة وذلك حتى تحظى بعدد هام من الأصوات من شأنه أن يمكنها من المشاركة في الحكومة القادمة". ومن هذا المنطلق، خالفت الحركة "الميثاق الأخلاقي" الذي يربط جزء هاما من أحزاب المعارضة فيما بينها، والذي مهد لتأسيس جبهة سياسية معارضة موحدة ضد نظام بوتفليقة عشية إعادة انتخابه من جديد رئيسا للجمهورية سنة 2014.
ونقلت الصحيفة ما تررد عن أن "بوتفليقة يطمح في الحصول على إجماع سياسي واسع من قبل مختلف الأطياف السياسية، حيث يعمل على تعزيز الجبهة الداخلية في الوقت الذي تواجه فيه الجزائر عدة أزمات اقتصادية، فضلا عن حالة عدم الاستقرار التي تشهدها الحدود. وفي الأثناء، يرغب بوتفليقة في إشراك جزء من المعارضة؛ بغية إيجاد حلول لتجاوز هذا الظرف الصعب".
وقالت الصحيفة إن الحياة السياسية في الجزائر خاضعة لإرادة نظام لا يؤمن بوجود "البديل". وتعي أحزاب المعارضة ذلك جيدا. وبالتالي، فهي مطالبة بالرضوخ لرغبات السلطة والمشاركة في تكوين حكومة جديدة، أو ستجد نفسها خارج الحياة السياسية.