قال رئيس
النظام السوري بشار
الأسد، إنهم يخوضون حربا مع رعاة "الإرهاب"، وليس مع "الإرهابيين" فقط.
الأسد وفي مقابلة مع قناة "أو أن تي" البيلاروسية، نشرتها رئاسة الجمهورية السورية كاملة، مساء الخميس، أيد فكرة مناطق تخفيف التوتر التي اقترحتها روسيا.
وأوضح الأسد أنه "إذا كانت الأجيال السابقة لم تنحن لهتلر فعلى الأجيال الحالية ألا تنحني للنازية الجديدة المتمثلة بالاستعمار الغربي بصورته الأكثر حداثة في عصرنا الحالي".
وزعم الأسد أن "داعش والنصرة لديهما العقيدة الوهابية والإرهابية نفسها، وأردوغان، وهو من الأخوان المسلمين، أيضا لديه العقيدة نفسها، طبعا أيضا مع آل سعود ومع آل ثاني في قطر، كل هذه المجموعات تجمعها العقيدة الوهابية المتطرفة أدوات بيد الولايات المتحدة الأمريكية".
ورغم الشواهد الكثيرة على استيلاء مليشيات النظام على المنازل التي هجّر أهلها، قال الأسد إن "المناطق التي خرج منها سكانها بفعل الأعمال الإرهابية ما زالت فارغة حتى الآن، لم يسكن فيها أحد على الإطلاق، وما زالت الملكيات كما هي بأسماء السكان أو المالكين الأصليين لتلك المناطق".
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:
السؤال الأول:
نهاركم سعيد سيادة الرئيس وشكراً جزيلاً لأنكم وافقتم على إجراء هذا اللقاء مع التلفزيون البيلاروسي، اليوم نلتقي معكم في يوم مميز، عندما يحتفل العالم المتقدم بعيد النصر العظيم، لا بد أنكم تعرفون بأن الجزء الأكبر من هذا النصر هو إنجاز الشعب السوفييتي، إنجاز أولئك الناس الذين يعيشون في جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، مع الأسف كنا نعتقد بأن القرن العشرين هو الأكثر دموية ولكننا نرى الآن في القرن الحادي والعشرين خطراً جديداً على الإنسانية ويتمثل في الإرهاب، وها هو بلدكم سورية وللعام السابع يقارع الإرهاب وحده تقريباً ويحارب هذا الشر المخيف، برأيكم كم يوجد لدى شعبكم من القوة؟ ومتى سنتمكن من الاحتفال بيوم النصر على الطريقة السورية؟
الأسد:
القوة الأساسية هي القوة الوطنية، هي القوة المعنوية التي تأتي من الحالة الوطنية، من الروح الوطنية، من الوعي الوطني الموجود لدى كل مواطن، وهذا هو الشيء الطبيعي في معظم دول العالم، وهو الشيء الأهم الذي يغذي حالة الصمود لدى المواطنين في ظروف صعبة جداً، ليس فقط من الناحية الأمنية والعسكرية، وإنما أيضا من الناحية المعيشية والحياتية بشكل عام، بمعنى أن كل الخدمات تأثرت، وكل الأشخاص في سورية تأثروا، ولكن عندما نتحدث عن أن هذا الخطر هو خطر جديد، أي خطر الإرهاب، فالأهم ما هي العقلية التي تقف وراء الإرهاب؟ وما هي العقلية التي وقفت وراء النازية التي هزمها الشعب السوفييتي، والشعب البيلاروسي كان جزءاً أساسياً من الذين قاتلوا وضحوا في تلك الحرب، الخلفية هي واحدة، الحرب هي واحدة، لماذا أتت النازية؟ ماذا كانت تريد؟ تريد أن تهيمن على العالم، أن تلغي الآخرين، اليوم الحرب التي يخوضها شعبنا ليست فقط مع الإرهابيين، ولكن مع من يرعى الإرهاب، الإرهاب هو فقط أداة تستخدم من قبل تلك الدول الغربية التي تريد أن تطبق العقلية النازية نفسها وهي السيطرة على الكل، تحويل الدول والشعوب إلى عبيد، تحويلهم إلى تابعين، والسيطرة على كل ما لديهم مادياً ومعنوياً، لذلك الإرهاب هو مجرد أداة من الأدوات ومجرد نتيجة من النتائج، الحرب التي خاضها شعبكم في ذلك الوقت هي الحرب نفسها التي يخوضها شعبنا اليوم، الفرق هو أن العناوين مختلفة والأدوات مختلفة، ولكن المضمون هو واحد.
السؤال الثاني:
أود أن تعرفوا بأن الناس في بلدنا يترقبون كلامكم من سورية، لديكم أصدقاء كثر وأنا متأكد أن المحاربين القدماء يعدون الجيش الأكبر وسأستغل الفرصة وأتمنى أن تقوموا بتهنئة المحاربين القدامى من هنا، من دمشق من سورية، أولئك المحاربين الذين اختبروا ويلات الحرب ودافعوا عن بيلاروس، لكل من يشاهدكم اليوم، ما هي الكلمات التي ستتوجهون بها إليهم؟
الأسد:
هذه فرصة طيبة جداً لأنقل التهنئة لأولئك المحاربين القدماء في الجيش البيلاروسي، للشعب البيلاروسي، وللدولة وعلى رأسها الرئيس لوكاشينكو، بالنسبة لنا المحاربون القدماء الذين خاضوا تلك الحرب الشرسة وكانت تضحية الاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت كبيرة جداً تجاوزت الـ 26 مليون شهيد واقتربت حسب ما نعرف من الثلاثين مليوناً، هم كانوا الأساس فيها، اليوم يقدمون نموذجاً للأجيال الجديدة الحاضرة وللأجيال المستقبلية عن معنى الصمود، فمن كان يتوقع أن ينتهي حصار ستالينغراد في ذلك الوقت لولا صمود أولئك الأبطال؟ من كان يتوقع أن يتحول اندحار الجيش السوفييتي في البداية إلى انتصار لاحق؟ ولولا انتصار الاتحاد السوفييتي لما حصل إنزال النورماندي بالنسبة للدول الغربية وهذا ما يحاول الكثيرون التغطية عليه في الغرب، وهو الدور الأهم لشعوب الاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت _ومنها شعبكم_ في دحر النازية، اليوم هؤلاء المحاربون القدماء لهم دور أساسي في تعزيز روح الصمود لأنكم أيضاً اليوم تتعرضون لشيء مشابه لما تتعرض له سورية منذ عقود، فأنتم تحت حصار والرئيس لوكاشينكو تحت محاولات الشيطنة كما هو الآن وضع الرئيس بوتين مؤخراً أيضاً، لأنهم لا ينحنون للغرب، فإذا كانت الأجيال السابقة لم تنحن لهتلر فعلى الأجيال الحالية ألا تنحني للنازية الجديدة المتمثلة بالاستعمار الغربي بصورته الأكثر حداثة في عصرنا الحالي.
السؤال الثالث:
شكراً جزيلاً على هذه التهاني، والآن هل لنا أن ننتقل إلى الأحداث السورية؟ لا أستطيع أن أفهم ما الذي يدفع شعبكم للصمود، خاصة إذا أردنا المقارنة مع ما حدث في العراق وفي ليبيا، بينما للسنة السابعة لا يزال مبتكرو الأيديولوجيات أي من ينظم الثورات المخملية مستمرين بالمحاولة، إذاً ما الذي يدفع شعبكم للصمود؟
الأسد:
عدة أسباب، السبب الأول، أن سورية هي بلد عريق، أنت الآن في دمشق، دمشق وحلب في الشمال هما أقدم مدينتين في التاريخ، ما زالتا مستمرتين بالحياة من دون توقف، ولا أحد يعرف متى بدأت الحياة فيهما، هذا يعني تراكماً تاريخياً عمره آلاف السنوات، لو عدت للمكتوب من التاريخ منذ بدئت الكتابة لرأيت أن سورية دائماً كانت تحت احتلالات مختلفة واستعمار بأشكال مختلفة، وتعرضت للتهديم وتعرضت للغزو، فهذا يعني خبرات تتراكم لدى الشعب السوري في كيفية التعامل مع الحملات الخارجية، فما يحصل الآن لم يكن مفاجئاً للشعب السوري، كل الأكاذيب التي طرحت في البداية كانت واضحة، النقطة الثانية، أن الشعب السوري هو شعب وطني، وهو شعب وطني بمعنى مختلف تماماً عما طرحه الغرب في البدايات، عندما بدأ يحاول التحريض على الحرب في سورية من خلال استخدام مصطلحات طائفية، هو أراد أن يخلق مشكلة بين الشعب السوري الذي لا توجد في تاريخه حالة طائفية منذ مئات السنين أو منذ قرون، عندما قام الغرب بهذه الخطوة “الغبية” كانت النتيجة أن الشعب السوري توحد أكثر مع بعضه البعض حرصاً على الوحدة الوطنية، النقطة الثالثة، إذا كنت تقارن بين ما حصل في سورية وباقي الدول فهناك شيء آخر وهو طبيعة العلاقة بين الدولة والشعب، الغرب
حاول أن يصور أن هذه الحرب هي حرب من أجل الحفاظ على المنصب، بينما الشعب السوري كان واعياً لأن هذه الحرب هي حرب السيطرة على سورية، وبالنسبة لنا وبالنسبة لي شخصياً، أنا كنت دائما قبل الحرب وخلال الحرب واحداً من أبناء الشعب السوري، لم أكن أعيش منفصلاً عنه، لو لمس الشعب السوري شيئاً مختلفاً بأن هذا الرئيس أو هذا المسؤول يقوم بمعارك من أجل مصالحه الشخصية فهو بكل تأكيد لن يقف معه يوماً واحداً، كل هذه الأشياء لم يفهمها الغرب نتيجة قصر نظر مسؤوليه، لذلك حتى هذه اللحظة هم تمكنوا من تحقيق الكثير من التخريب في سورية، لكنهم لم يتمكنوا من تحقيق المخطط الذي رسموه بالبداية، وهو أن يخرج كل الشعب السوري معهم، مع الديمقراطية المزيفة التي يدعونها ومع الحرية المزيفة التي يسوقون لها من أجل أن يحققوا سورية التي تمثل الجنة كما كان يصورها الغرب بعد أن تسقط الدولة الحالية، كل هذه الأمور كانت واضحة بالنسبة للشعب السوري، لذلك فشل الغرب في مخططاته، وهذا يدل على أن الغرب مع كل التقدم الموجود لديه لا يفهم هذه المنطقة بالعمق، هو اعتاد على مجموعة من المسؤولين العملاء الذين ينافقونه من أجل مصالحهم الشخصية، أما الحالة الوطنية الحقيقية المتمثلة بالمفاهيم الاجتماعية العميقة المتراكمة في هذه المنطقة فالمسؤولون الغربيون لا يفهمونها على الإطلاق، لذلك فشلوا.
السؤال الرابع:
هناك أمر قيل عنه الشيء الكثير في الفترة الماضية ولا أستطيع إلا أن أتطرق إليه وهو موضوع الهجوم الكيميائي في إدلب وأيضاً الضربة الصاروخية لمطار الشعيرات، من فعل ذلك؟ ماذا كان ذلك؟ من يقف وراءه؟ وبرأيكم هل ما حدث هو حلقة لسلسلة واحدة؟
الأسد:
طبعاً، هو جزء من الحملة التي تحصل على سورية من أجل شيطنة الدولة السورية، هم في المراحل الأولى من الحرب حاولوا أن يعتمدوا هذه الشيطنة بالنسبة للشعب السوري، أي إقناع الشعب السوري بسوء دولته، تمكنوا من خداع جزء من الشعب السوري لبضعة أشهر، وربما لعام، لكن بعد ذلك لم يتمكنوا، فانتقلوا لمتابعة الشيطنة بالنسبة للرأي العام الغربي لكي يدعمهم في التدخل وفي الحروب، هم بعد أن فشلوا في تسويق سياستهم تجاه “داعش” و”النصرة” من خلال دعمهم لهذين التنظيمين بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر إما عبر تركيا أو السعودية أو قطر أو كما قلت بشكل مباشر من قبل دولهم، أرادوا أن يغسلوا أيديهم من هذا الموضوع ويظهروا أن المشكلة في سورية هي ليست “داعش” و”النصرة”، وإنما هي الدولة التي تقوم بقتل المواطنين الأبرياء عبر استخدام الغازات السامة، وكانت أيضاً غطاء من أجل التدخل العسكري الأميركي في سورية لأن ترامب، كما تعرف، هو في ورطة داخلية، لديه صراعات داخلية داخل إدارته، ولديه صراعات مع القوى واللوبيات الأخرى الموجودة في الساحة الأميركية ومع الإعلام ومع الشركات الكبرى، فأراد أن يقوم من خلال هذه الخطوة بتقديم أوراق اعتماده لهذه المجموعات، وكانت قضية الكيميائي هي أيضا مبرراً له لهذا التدخل، فهي عملية مخططة لها عدة أهداف بالوقت نفسه، ولكن هم رفضوا التحقيقات، رفضوا أن يكون هناك تحقيق، روسيا وإيران تقدمتا بمشروع في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وتم رفض التحقيق لأن هذا التحقيق سيثبت شيئاً وحيد أنهم كانوا يكذبون.
السؤال الخامس:
كيف هي الأمور على الجبهة؟ ضد من يحارب الجيش؟ ضد المعارضة؟ ضد مقاتلي “داعش”؟ أم ضد القوى الخارجية؟
الأسد:
الحقيقة لا نستطيع أن نفصل بين كل هؤلاء، “داعش” و”النصرة” لديهما العقيدة الوهابية نفسها، والعقيدة الإرهابية نفسها، “داعش” و”النصرة” وأردوغان، وهو من الأخوان المسلمين، أيضاً لديهم العقيدة نفسها، طبعاً أيضاً مع آل سعود ومع آل ثاني في قطر، كل هذه المجموعات تجمعها العقيدة الوهابية المتطرفة، كل هؤلاء هم أدوات في يد الولايات المتحدة، وأنا لا أقول في يد الغرب، لأن أوروبا الغربية غير موجودة عملياً على الخارطة السياسية، أوروبا تنفذ ما تريده منها أميركا، ومن دون أي اعتراض، فإذاً كل هؤلاء يعملون تحت القيادة الأميركية، لذلك سواء قلنا، قوى خارجية أو “داعش” و”النصرة” أو غيرهم فالمدير واحد، والممول واحد، وهم جهة واحدة، ولكن تتنوع الأسماء وتتغير التكتيكات.
السؤال السادس:
زملائي الغربيون يتهمونكم كثيراً، يقولون بشار الأسد هو ديكتاتور، أنا أنظر الآن، يجلس قبالتي إنسان مهذب جدا ومتعلم، أستطيع القول حتى بأنكم متواضعون، أود أن أعلمكم بأنني أتواجد في سورية للمرة الخامسة وتنقلت في أرجائها وتحدثت مع الناس البسطاء وهو الشيء الأهم بنظري ولقد رأيت بأنهم يحترمونكم، يثقون بكم، هل لي أن أسألكم بصراحة ألم تتعبوا من كل هذه القذارة الموجهة إليكم؟ هل تستطيعون التضحية ببعض الأمور القيمة من أجل بلدكم ومستقبله؟ أم أنكم تعتبرون بأن ليس لديكم سبب للتراجع في الوقت الحالي؟ وبأنه يتوجب عليكم السير إلى النهاية؟
الأسد:
الحقيقة بالنسبة للتعب، أعتقد أنهم هم تعبوا، أنا لم أتعب، هم الذين تعبوا من كثرة الأكاذيب التي لم تعط نتائج، هذا من جانب، من جانب آخر، هذا شيء إيجابي لأنه بالنسبة للسياسة الغربية عندما يصفون شخصاً سياسياً في دولة أخرى بصفات سيئة هذا معناه أنه وطني لأن معاييرهم للديمقراطية هي على سبيل المثال، آل سعود، أصدقاؤهم
المقربون، لا يتحدثون عنهم بكلمة واحدة، هذا نموذج، وكما تعلم الغرب دعم السعودية مؤخراً لكي تكون في مجلس حقوق المرأة في الأمم المتحدة مثلاً، أو في مجلس حقوق الإنسان، فعندما يتحدث الغرب عني بصفات جيدة فيجب أن أكون عندها في حالة مضطربة ولن أكون مرتاحاً أبداً، لذلك هذه الاتهامات اليوم بالنسبة لي نسمعها منذ سنوات طويلة عن الرئيس لوكاشينكو لأنه وقف في وجه الغرب ولم يقبل أن يكون عميلا، هذا هو الغرب، علينا ألا نعير اهتماما لما يقولونه، المهم هو علاقة كل شخص بالمواطنين في بلده، علاقة المسؤول بالمواطنين في بلده وليس بالإعلام الغربي ولا بالمسؤولين الغربيين، لا يعنيني ما يقولونه لا سلباً ولا إيجاباً، قبل الحرب بسنوات قليلة كانوا يقولون عني كلاماً ايجابياً، أيضاً في ذلك الوقت لم أكن اهتم لأنني لا أثق بهم، أعرفهم تماماً، هم منافقون، هذه هي الحقيقة.
السؤال السابع:
لقد تحدثتم بحكمة بالغة عندما قلتم، إن ثقة شعبكم هي ما تقيمونه عالياً، هل توافقونني بأن المعارضة أيضاً جزء من شعبكم؟ وعندما تحاورونها يمكن عندها التحدث عن مستقبل سورية، كانت هناك لقاءات جنيف وظهرت بعدها لقاءات أستانا، هل هناك فرق بين هذه اللقاءات؟ وبرأيكم ما هي النتائج لكليهما في الدرجة الأولى بما يخص العلاقة مع المعارضة؟
الأسد:
بالنسبة لجنيف، حتى الآن هو مجرد لقاء إعلامي، لا يوجد أي شيء حقيقي في كل لقاءات جنيف السابقة، ولا 0,1 بالمليون، حتى هذا الرقم غير موجود، فهو عبارة عن عملية كانت تهدف بالأساس كي نذهب باتجاه تقديم تنازلات، وأنت سألتني عن التنازلات في سؤال سابق ولم أعطك الجواب، فأضعه بين قوسين، لا، أنا لن أقدم أي تنازل لسبب بسيط، لأنني لا أمتلك الوطن، أي تنازلات على المستوى الوطني لا يملكها الرئيس، هذا بحاجة إلى قرار وطني، بحاجة إلى قرار شعبي، وهذا يكون من خلال الاستفتاء، كل ما يتعلق بالسيادة، بالمصالح الوطنية، بالدستور، بالاستقلالية، هذه الأمور لا يملكها الرئيس كي يتنازل عنها، أنا أتنازل عن أشياء شخصية، وهذه لا تهم الناس ولا تهم الأزمة وليست مطلوبة مني بكل الأحوال، أما بالنسبة لأستانا فالوضع مختلف، في أستانا الحوار كان مع المسلحين الإرهابيين ولكن برعاية روسية، وبمبادرة روسية، طبعاً شاركت بها لاحقاً إيران وتركيا، تركيا هي الضامن للإرهابيين، وروسيا وإيران هما الضامنان للدولة الشرعية السورية، وبدأت تعطي نتائج من خلال أكثر من محاولة لوقف إطلاق النار، آخرها ما سمي مناطق تخفيف التصعيد أو تخفيف الأعمال القتالية.
مداخلة من الصحفي: أربع مناطق؟
الأسد: نعم.
مداخلة من الصحفي: هل من الممكن فهم معناها؟ ما هو المرجو من هذه المناطق بالدرجة الأولى؟
الأسد:
هي مناطق فيها مزيج من مدنيين ومن إرهابيين، الإرهابيون مزيج من “النصرة” و”داعش” وغيرهما من التنظيمات الأخرى وبعض العصابات، الهدف هو حماية المدنيين في هذه المناطق بالدرجة الأولى، الهدف الثاني هو إعطاء الفرصة لكل من يريد من المسلحين إجراء مصالحة مع الدولة كما حصل في مناطق أخرى، ليكون تخفيف الأعمال القتالية في هذه المناطق هو فرصة له ليقوم بتسوية وضعه مع الدولة، تسليم السلاح مقابل العفو، وهي أيضاً فرصة لباقي المجموعات التي تريد أن تطرد الإرهابيين خاصة “داعش” و”النصرة” من هذه المناطق هي أيضاً فرصة لها للقيام بذلك، فهي لها أكثر من جانب، ولكن الجانب الأهم بالنسبة لنا مبدئياً هو تخفيف نزف الدماء في تلك المناطق ريثما تكون هناك خطوات سياسية محلية بيننا وبين المجموعات الموجودة.
السؤال الثامن:
إذاً المذكرة الموقعة في أستانا بخصوص مناطق تخفيف التصعيد يمكن اعتبارها نجاحاً كبيرا حتى هذا اليوم لعملية المفاوضات؟
الأسد:
طبعاً، كمبادرة روسية كمبدأ، هي صحيحة، ونحن دعمناها منذ البداية لأن الفكرة صحيحة، يبقى إذا كانت ستعطي نتيجة أم لا فذلك يعتمد على التطبيق، هل ستستفيد المجموعات الإرهابية من هذه الفرصة؟ هل ستقوم الدول الأخرى، خاصة الغربية، التي تدعي افتراضياً بأنها تدعم هذه المبادرة، هل ستقوم بإرسال المزيد من الدعم اللوجستي من مال وسلاح ومتطوعين لهؤلاء الإرهابيين لكي يعودوا لخرق هذه المناطق؟ وبالتالي إعادة الوضع إلى الصفر، هذا احتمال كبير، وهذا ما حصل سابقاً، المبادرات السابقة فشلت ليست لأنها خاطئة، وإنما فشلت لأن تلك الدول تدخلت من أجل إعادة تصعيد الموقف من الناحية العسكرية، لذلك نتمنى أن تكون هناك فرصة الآن لتلك الدول أن تعرف بأن أي تصعيد سيفشل، لأن القوات السورية ومعها القوات الروسية وبالدعم الإيراني ومعنا حزب الله سنقوم بضرب أي تحرك للإرهابيين عندما يحاولون خرق هذه الاتفاقية.
السؤال التاسع:
بخصوص هذه المناطق الآمنة، والمعابر التي ستسمحون من خلالها للمسلحين أن ينتقلوا إلى مناطق أخرى في سورية، لقد سمعتم لا شك بأن العديد من المنظمات الدولية تحاول اتهامكم بأنكم تخرقون حقوق الإنسان انطلاقاً من المبدأ العرقي، أي أنكم تهجرون الناس، من جهة أخرى هناك من يرى فيما يحدث أنه المرحلة الأولى لتجزئة سورية، ما هو تعليقكم على ذلك؟ بماذا ستردون على من يدلي بهكذا تصريحات؟
الأسد:
هذا نوع من محاولة تحريض البعض من الساذجين في سورية بأن هناك تغييراً ديموغرافياً، هذا كلام غير صحيح ومعظم السوريين يعرفون أن هذا الكلام غير صحيح، وأنت لو قمت الآن بزيارة معظم المناطق التي تمت فيها المصالحات فسترى أن السكان موجودون، إذاً، لماذا نرحل جزءاً ولا نرحل الجزء الآخر، نبقي جزءاً آخر؟ لماذا لا نطلب من الجميع أن يخرجوا من المناطق؟ الحقيقة، الدولة لا تخرج أحداً، عملية المصالحة تترك الخيار لأهالي المنطقة بأن يبقوا إن أرادوا أو أن يذهبوا، وتترك الخيار للمسلحين أن يبقوا أيضاً إن أرادوا تسليم السلاح ويقوموا بتسوية الوضع قانونياً أو أن يذهبوا إن لم يكونوا راغبين، الحقيقة معظم المسلحين الذين يخرجون من تلك المناطق هم الذين يرفضون المصالحة والمدنيون الذين يخرجون معهم هم من أهاليهم، من عائلاتهم، فيخرجون مع بعضهم البعض، أما الدولة فلا تطلب من أحد أن يخرج، ثانياً، الدولة إذا أرادت أن تجري التغيير فلا بد أن تأتي بأشخاص من مناطق أخرى وتضعهم مكان السكان الأصليين، المناطق التي خرج منها سكانها بفعل الأعمال الإرهابية ما زالت فارغة حتى الآن، لم يسكن فيها أحد على الإطلاق، وما زالت الملكيات كما هي بأسماء السكان أو المالكين الأصليين لتلك المناطق، فهذا الكلام غير صحيح وليست له قيمة من الأساس.
السؤال العاشر:
أريد أن أنتقل إلى موضوع اللاجئين، إنها مسألة مؤلمة ومع الأسف عدد اللاجئين كان كبيراً جداً خلال السنوات الست الفائتة، بنظركم، لأي درجة سورية مستعدة لعودتهم؟ كيف ستستطيعون التكيف مع النتائج الاقتصادية لهذه الحرب من قبل الإرهاب العالمي ضدكم؟ هل تعتقدون أن بإمكانكم أن ترفعوا دعوى أو شكوى ومطالبة الدول -وبعضها دول أوروبية- التي قام من يمثلها باجتياح أرضكم المقدسة السورية؟ هل ستطالبونها بالتعويض؟
الأسد:
عودة اللاجئين ضرورية، ونحن دائماً ندعو إلى عودة اللاجئين إلى سورية، فأن نقول ما هو التوقيت؟ كل يوم هو توقيت مناسب لعودة أي مجموعة تريد أن تعود من اللاجئين ولا يوجد أي عوائق في هذا المجال، والدولة تحاول قدر المستطاع أن تؤمن الخدمات الضرورية للذين نزحوا داخل سورية، ليس بالضرورة خارج سورية، هناك جزء كبير انتقل بسبب الإرهاب من مكان لآخر والدولة تقدم الخدمات في هذا المجال، وطبعا هناك دعم من الدول الصديقة في المجال الإنساني، أما بالنسبة للمطالبة بالحقوق فبكل تأكيد الشعب السوري له الحق بتعويضات بمئات المليارات، لكن أنت تعرف أن هذه التعويضات بحاجة الى مرجعية، مرجعية قانونية ومرجعية مؤسساتية، تخيل بأن لديك حقاً ما في بلدك، ولكن لا يوجد لديك -في بيلاروس مثلاً- لا قانون ولا قاض ولا محاكم، فلمن تشتكي؟ عندها ستكون الأمور فوضى، في الوضع الدولي هذه هي الحقيقة، لا توجد مرجعية ولا احترام لقانون دولي ولا مؤسسات نزيهة، توجد مؤسسات تمثل أذرعاً لوزارة الخارجية الأميركية، لا يمكن أن تقوم بإعادة الحقوق لأصحابها، لذلك لا يمكن بشكل واقعي الوصول لنتائج في هذا الإطار، وبشكل عام نحن لسنا بحاجتهم الآن، نستطيع أن نبني بلدنا بإمكانياتنا، سورية بنيت بأيد سورية، لم تبن بأيد أجنبية أساساً عبر تاريخها، لا القديم ولا الحديث، فلدينا القدرات لأن نقوم بإعادة بناء الوطن، الأموال تأتي تدريجيا، عودة اللاجئين تعيد معها الأموال، وتتحرك الأمور، هذا الموضوع غير مقلق بالنسبة لنا، فنحن لسنا بحاجة أموال تلك الدول أو أولئك المسؤولين الذين قاموا بدعم الإرهاب وسفك الدماء السورية خلال هذه الأزمة.
السؤال الحادي عشر:
لا أستطيع إلا أن أتطرق لموضوع دير الزور، هي الآن الهدف الرئيسي للحكومة السورية، لماذا يغلق كل العالم أعينه عما يحدث هناك؟ أربع سنوات الناس تحت حصار “داعش”، هناك مجاعة، هناك دمار وما هو مخيف أكثر هو موت الأطفال، موت الناس البسطاء، بالنظر إلى المساعدة الإنسانية التي تقدمه دولة في العالم، بحسب معلومات أعرف أنها موجودة لديكم، إنهم يدعمون المسلحين، ولكن وخلال هذه السنوات الأربع الماضية لم يقوموا بإرسال رغيف خبز واحد -على الرغم من جميع المساعدات الإنسانية- إلى هناك حيث 200 ألف إنسان يحتاجون إلى الماء والخبز كحاجتهم تماما إلى الهواء.
الأسد:
لأن السياسة العالمية لا تحكمها المبادئ والأخلاق، وإنما تحكمها المصالح حتى لو كانت على حساب الأخلاق، وفي أغلب الأحيان هي على حساب المبادئ والقانون الدولي وغيرها، فاليوم هناك مجموعة من الدول هي دول استعمارية لا تحكمها المبادئ نهائياً، وهناك جزء كبير من الدول تعرف الحقيقة على المستوى الرسمي والشعبي ولكنها لا تجرؤ على أن تقول هذه الحقيقة خوفاً من الغرب، وهناك مجموعة من الدول القليلة تقول الحقيقة كما هي وتأخذ موقفا مبدئياً وأخلاقياً، منها دولتكم بيلاروس، منها روسيا، منها إيران، منها كوريا الديمقراطية، طبعاً هذه الدول لأنها لا تسير مع الغرب هي دول إما تسمى محور الشر أو دولاً غير ديمقراطية، أو كما تحدثت قبل قليل توصف بمواصفات غير جيدة؟ لكن هذه الدول هي الوحيدة، أو من الدول القليلة على مستوى العالم التي تجرؤ على قول الحقيقة، هذا هو السبب في أنك لا تسمع سوى القليل عن مجموعات بمئات الآلاف من الأبرياء محاصرين في مكان ما ولا أحد يتحدث عنهم، بالمقابل عندما يقوم الإرهابيون في حلب باختطاف جزء من المدينة مع شعبها ويقومون بقتل الجزء الآخر بالقذائف بشكل يومي لا أحد يذكر هذا الموضوع، لا يعنيهم هذا الشيء، هم يدافعون عن الإرهابيين، وعندما نقوم بتحرير هذه المدينة من الإرهابيين يصبح هناك خرق لحقوق الإنسان لأن الحقوق والإنسان بالنسبة لهم هو الإرهابي، وكل من هو غير إرهابي غير موجود على الخارطة بالنسبة لهم، لا السياسية ولا الإنسانية.
السؤال الثاني عشر:
أنا أوافقكم تماماً وتأكيداً لهذا، خلال زياراتي لسورية لقد قابلت مفتي سورية والتقيت البطريرك، قابلت كذلك ممثلي طوائف أخرى ورأيت أنهم جميعا يريدون السلام، الوحدة الوطنية، التكاتف، هم جميعا يقفون مع بلدهم، وإذا استرسلنا في هذا الموضوع لماذا لا يؤخذ برأيهم؟ الكثيرون حتى لا يريدون معرفة حقيقة ما يجري في سورية، هل توافقونني الرأي؟
الأسد:
معظم المسؤولين الغربيين يعرفون الحقيقة ولكنهم ذهبوا بأكاذيبهم بشكل كبير إلى مسافة بعيدة جدا مع الرأي العام لديهم وأصبح من الصعب عليهم أن يلتفوا، وأي التفاف يعني أنهم يقولون للرأي العام علناً أننا كنا نكذب عليكم، فلذلك هم دخلوا في نفق ولا يستطيعون العودة إلى الوراء، وهم مضطرون الآن للاستمرار في أكاذيبهم لأنها الخيار الوحيد لهم، أي التفاف أو تغيير للحركة بالنسبة لهم هو انتحار سياسي، ومصالحهم السياسية أهم من المصالح الوطنية وهي أهم من مصالح الشعوب الأخرى ومن حياة الشعوب الأخرى، لذلك هم لن يقولوا سوى الأكاذيب نفسها التي قالوها في البداية، كانوا يقولون انها مسيرات سلمية وثبت أنها غير سلمية، وبعدها قالوا هم معارضة ولكنهم معتدلون، وعندما ثبت أنهم متطرفون كـ “النصرة” و”داعش” قالوا إن سبب وجودهم هو الدولة السورية والرئيس السوري، أي أنهم ما زالوا مصممين على الكذب لكنهم يغيرون الرواية قليلاً، ولكن ليس بشكل جذري، المهم أن مستقبلهم السياسي مرتبط بهذه الكذبة الكبيرة وهم لا يستطيعون التبديل.
السؤال الثالث عشر:
أريد أن أنتقل إلى العلاقات البيلاروسية-السورية، علاقتنا على مدى عشرات السنوات وصلت إلى مستوى جيد جداً، أنتم تعرفون الموقف الرسمي لمينسك الداعم للسلام وللوحدة الوطنية والشعبية في سورية، الموقف الذي ندد دائماً بالإرهاب العالمي الذي يتدخل في أموركم الداخلية، وبتلك الحرب الإعلامية التي تقوم بها مع الأسف الدول الغربية، كيف تقيمون لوكاشينكو من جهتكم؟ علماً بأن بيلاروس أيضاً وقعت تحت العقوبات الاقتصادية مرات متكررة، ووجهت لها انتقادات لا أساس لها، ولكن لوكاشينكو استطاع أن يتعامل مع هذا الأمر، أعطي مثالاً قيماً على كلامي وهو أوكرانيا، أنتم ترون أن مينسك اليوم أصبحت المنصة الوحيدة حيث تحاول جميع الأطراف الاتفاق من أجل أن يحل السلام الذي انتظروه طويلاً في منطقة الدونباس في أوكرانيا، ألا تعتقدون بأن لوكاشينكو هو ذلك الإنسان الذي ربما يستطيع أن يتدخل في مجريات الحل السياسي لبلدكم؟
الأسد:
أي حل لأي مشكلة بحاجة إلى عدة مواصفات، أو لنقل عناصر، لكن أهم عنصر هو المصداقية، وهذا ما يتوافر لديكم، أنتم بلد لديه مصداقية، لأن ما تقوله اليوم السياسة البيلاروسية هو نفس ما كانت تقوله في بداية الأزمة، هي المبادئ نفسها التي استندت إليها في قضايا أخرى، والمبادئ التي تستند إليها هذه السياسة تجاه سورية هي المبادئ نفسها التي تستند إليها تجاه مصالح الشعب البيلاروسي ومصلحة بيلاروس، وهي نفسها التي تستند إليها في الدور الذي تلعبه في أوكرانيا، فإذا هي سياسة مستقرة، لديها رؤية واضحة ومبادئ واضحة لا تخرج عنها، هذا الأمر ضروري للعب دور في أي أزمة، وهذا ما نحتاجه في سورية، لماذا لا تحل الأزمة في سورية سياسياً؟ لأن من افترض بأنه يريد أن يلعب هذا الدور، باستثناء روسيا وإيران، هي دول ليس لها أي مصداقية، يقولون شيئا ويفعلون شيئا آخر، ازدواجية المعايير هي مبدأ أساسي في السياسة الغربية، فإذا بالنسبة لهذا العنصر هو أهم عنصر يمتلكه الرئيس لوكاشينكو والدولة البيلاروسية، يضاف لذلك اننا دولة لها علاقة قوية ومتينة مع بيلاروس، أيام الاتحاد السوفييتي وبعده، وما زالت مستمرة، وبالرغم من كل الضغوط على بلدكم وعلى سورية قبل الحرب استمرت هذه العلاقات من دون أي أخذ بالاعتبار للرغبات الغربية في هذا الموضوع، انطلاقاً من المصالح المشتركة، والرئيس لوكاشينكو في هذا المجال كان وطنياً وكان صادقاً وكان شجاعاً، بكل هذه المواصفات أستطيع أن أقول إن بيلاروس -بكل تأكيد -إلى جانب روسيا-كلاعب رئيسي على الساحة الدولية فيما يخص الحرب على سورية- يمكن لهما أن يلعبا دوراً أساسياً وفعالاً إذا كانت بيلاروس لديها رغبة، فنحن نرحب بشكل كبير بأي دور تلعبه في الحرب الدائرة الآن.
السؤال الرابع عشر:
شكراً لكم على هذه الكلمات، وأريد السؤال عن علاقتنا الاقتصادية، أتفهم بأن الحرب مستمرة منذ سبع سنوات وهناك دمار كبير، ولكن يتوجب إعادة إعمار كل هذا يوما ما، هل تعرفون بأن لدى بيلاروس إمكانية كبيرة؟ وعلى سبيل المثال أتذكر بأن الشاحنة الأولى البيلاروسية من ماركة “ماز” ظهرت على الأرض السورية، وكذلك أتذكر عندما كنتم في بيلاروس في العام 2010 وجلستم وراء مقود حافلة من ماركة “ماز”، بعد أي فترة من الزمن سنرى هذه الحافلات والشاحنات في طرقاتكم؟
الأسد:
في زيارتي الأخيرة إلى بلدكم، قبل الحرب بأشهر قليلة، كانت هناك اتفاقيات واسعة في المجال الاقتصادي بيننا وبينكم، طبعا، أتت الحرب لكي تعرقل كل شيء، لكن مؤخراً وبعد الاجتماعات الأخيرة للجنة المشتركة السورية-البيلاروسية وبعد زيارة رئيس اللجنة من الجانب البيلاروسي، وزير الصناعة إلى سورية منذ أسابيع قليلة، تمت إعادة تفعيل بعض جوانب هذه الاتفاقية وتم الاتفاق على عدد من الصفقات بالاتجاهين، من سورية إلى بيلاروس وبالعكس، وطبعا، أذكر بدقة زيارتي إلى المعمل في ذلك الوقت وكان طموحنا فعلاً أن نبدأ بإنتاج تلك السيارة خلال أقل من عامين، تأخر ذلك بفعل الحرب، ولكن مؤخرا أعدنا تفعيل هذا الموضوع، والآن سيبدأ التصدير خلال الأشهر القادمة، تصدير أول دفعة من قطع تلك السيارات ليبدأ تركيبها في سورية، فإذاً بالرغم من الظروف الصعبة التي نمر بها في سورية، وأيضاً الحصار على بيلاروس تمكنا بفعل الإرادة القوية من إعادة تفعيل هذه العلاقات، طبعاً، هذه بداية، المجالات التي تحدثنا بها قبل الحرب من الممكن بالرغم من الظروف الأمنية في سورية أن نفعل جزءاً كبيراً منها، ليس بالضرورة في كل المجالات، ولكن جزء كبير منها، وهذا ما نسعى إليه الآن، وبدأت العجلة بالدوران مؤخراً.
السؤال الخامس عشر:
أعتقد بأن لدى بيلاروس إمكانية اقتصادية، والمهم أن لدى الشعب السوري ورئيسه الرغبة بإقامة العلاقات والصداقة معنا، وهو أمر أيضاً لا يقل أهمية عن غيره وأعتقد بأن لهذه العلاقات والتعاون مستقبلاً كبيراً، في النهاية أريد القول انني أعرف سورية منذ مدة طويلة، هذه الحرب التي تخوضونها منذ سبع سنوات ساهمت في توحيد مجتمعكم، أتذكر السوريين كأناس مهذبين هادئين ويتميزون عن كل الشعوب العربية بالتسامح والروح الطيبة، وبحفاوتهم، وأنتم لم تفقدوا هذا كله بالرغم من الآلام والدموع التي اضطررتم لتحملها، وسأقول لكم انكم أنتم شخصيا كنتم مثالاً لتوحيد المجتمع، أنا أسافر في أنحاء العالم ولدي أصدقاء سوريون كثر، اليوم ليست هناك عائلة سورية لا تحفظ العلم السوري في منزلها، هذا ما وحد أو دمج المجتمع في بوتقة واحدة، وأريدكم أن تعرفوا بأنني أتمنى من كل قلبي وباسم شعبنا وباسم بيلاروس، أتمنى لدولتكم السلام والازدهار والوحدة من أجل أن تسيروا إلى الأمام، من أجل ألا تعرف الأمهات اللاتي دفن أبناءهن الأسى بعد الآن، وأن يسير كل شيء كما عرفناه في التاريخ من أجل أن تستمر الحياة وأن تبقى سورية كما كانت دوما مهدا للحضارة وأن تبقى مزدهرة هذا ما نتمناه بإخلاص.
الأسد:
أشكركم جداً على هذا الكلام الطيب تجاه سورية، وتجاه الشعب السوري، ونحن في سورية من أهم المزايا لدينا هي الوفاء، الوفاء لكل من وقف معنا في ظرف صعب، وهذا ما قامت به بيلاروس، أتوجه بالشكر لكل مواطن بيلاروسي على ما قام به تجاه سورية، لأن محصلة هذا الدعم هي قرار الرئيس، لا يمكن للرئيس البيلاروسي أن يقوم بدعم سورية إن لم تكن لديه حالة شعبية تدعمه في هذه السياسة أو في هذا التوجه، ونحن نعتبر أن كل دعم وكل كلمة وكل موقف سياسي قامت به الدولة البيلاروسية على كل المستويات يعبر عن حقيقة ما يفكر وما يشعر به الشعب البيلاروسي، ما أتمناه أن يكون هناك انتصار آخر للشعب البيلاوسي بشكل آخر، ليس بالضرورة أن تكون الحرب دائماً حرباً عسكرية، ولكن هو شعب يتعرض لحرب عمرها الآن أكثر من عقدين من الزمن، أتمنى أن يكون هناك انتصار آخر في تلك الحرب وأن يتزامن هذا الانتصار لبلدكم في فك الحصار وفي تثبيت الحالة الوطنية وفرض الاحترام على الآخرين وخاصة على من يريدون الهيمنة على بلدكم، أن يتزامن هذا الانتصار مع انتصار سورية في حربها على الإرهابيين، وأيضاً هي بالنسبة لنا حرب وطنية، مرة أخرى، شكراً لكم ولزيارتكم إلى سورية.
الصحفي:
أود أن تعرفوا بأن هذا رمز لنصرنا، اليوم هو التاسع من أيار، حفظ آباؤنا وأجدادنا الماء هنا، هذا أقدس شيء، أنا طلبت من زملائي هنا أن يملؤوا هذه القارورة من أحد الينابيع المقدسة بالقرب من دمشق واليوم سأقوم رمزياً بصب هذا الماء لكم، القارورة الحافظة من بيلاروس والماء من سورية عبئت من ذلك النبع الذي احتله الإرهابيون ثلاث مرات، كما تعرفون الماء هو رمز الحياة، أتمنى أن يحل السلام المنتظر منذ وقت طويل على أرضكم الخيرة، أرض الجنة، وألا تفقد أي أسرة سورية مجدداً الغذاء والماء، ليحفظكم الرب.
الأسد:
المياه هي نعمة لأنها هبة من الله، ولكن هذه المياه التي شربتها من نبع الفيجة تحديداً يضاف لها بأنها عمدت وخضبت بدماء المقاتلين السوريين، من أجل أن تعود لكل منزل في دمشق، الملايين كانوا محرومين من هذه النعمة لأشهر طويلة بسبب حصار الإرهابيين، فنشربها على أمل ألا تذهب دماء أولئك الابطال جنود الجيش العربي السوري هدراً وإنما لتعيد المياه إلى كل منزل والكهرباء إلى كل منزل والأمان إلى كل منزل في سورية.