نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا للصحافي باتريك كوكبيرن، يتحدث فيه عن معركة استعادة مدينة
الموصل، التي تخوضها القوات
العراقية ضد
تنظيم الدولة.
ويذهب الكاتب إلى أن الحكومة العراقية أخطأت عندما قررت الهجوم على الموصل قبل أن تقوم بالسيطرة على ملاجئ تنظيم الدولة الآمنة.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن محافظ
كركوك نجم الدين كريم، قوله إن تنظيم الدولة سينجو من خسارته للموصل؛ لأنه يستطيع الحصول على دعم بين النازحين والمشردين السنة، مشيرا إلى أن عدم تمشيط القوات العراقية الملاجئ الأخرى للجهاديين في شمال العراق وغربه يعد خطأ كبيرا؛ لأن المقاتلين يمكنهم الانسحاب إليها.
ويضيف كريم للصحيفة: "كان من الأفضل طرد الجهاديين من ملاجئهم التي يمكنهم الانسحاب إليها قبل الهجوم على الموصل"، لافتا إلى أن مناطق محافظة كركوك لا تزال في أيديهم، تحديدا منطقة الحويجة الواقعة جنوب غرب كركوك.
ويعلق كوكبيرن قائلا إن العراقيين يتساءلون عما إذا كان التأخير حاسما في هزيمة الجهاديين في الموصل، أم أنهم سيعودون إلى حرب العصابات، حيث يرى كريم أن التنظيم لن ينتهي، وسيواصل القتال، لكنه لن يستطيع السيطرة على الأراضي كما في الماضي، مشيرا إلى أن المناطق التي كانت خاضعة له شهدت زيادة في العمليات الانتحارية في الأشهر الماضية.
ويقول كريم للصحيفة إن تنظيم الدولة لا يحتفظ فقط بمناطق آمنة، لكنه يستطيع جذب تعاطف الفئات المحرومة والمشردة من السنة، مشيرا إلى محافظة كركوك التي "يعيش فيها نصف مليون سني، الذين أجبروا على ترك بيوتهم ولم يسمح لهم بالعودة"، وجاء معظمهم من بغداد والمحافظات المحيطة بها، حيث أجبرت مليشيات الحشد الشعبي السنة على مغادرة منازلهم في هذه البيوت.
ويورد التقرير نقلا عن كريم، قوله إن حوالي 200 ألف شخص جاءوا من بلدات وقرى سنية سمح لهم بالعودة، لكن ليس العدد الكبير الذي تم تشريده من بلدات وقرى مختلطة من السنة والشيعة.
ويضيف كريم أن الغالبية العظمى من المشردين تركوا منازلهم بعدما بدأ تنظيم الدولة حملته في عام 2014، التي انتهت بالسيطرة على الموصل، ووصل مقاتلو التنظيم إلى نواحي العاصمة بغداد، حيث خسر الجهاديون منذ ذلك كل المناطق التي سيطروا عليها ويعيش فيها السنة.
ويلفت الكاتب إلى أن أساليب الجهاديين الوحشية أدت الى زيادة الحنق الطائفي بين المجتمعات العراقية، ويعلق كريم على ذلك قائلا: "لن تحدث مصالحة" بين السنة والشيعة، ودونها ستظل التربة خصبة ليجند تنظيم الدولة أتباعا له، مشيرا إلى أن هناك زيادة في التجنيد في المناطق القريبة من الحويجة وتلعفر، حيث يتراجع التنظيم في مناطق أخرى.
ويقول كريم إن رئيس الوزراء حيدر العبادي أصدر أوامر يدعو فيها إلى عودة المهجرين إلى بيوتهم "ولم يحدث شيء"، مشيرا إلى أن الفكرة هي ترك المناطق التي هجر منها السنة "خالية"، أو بعبارة أخرى "مطهرة من السنة".
ويضيف كريم: "الوضع في الموصل تعمه الفوضى"، في إشارة إلى الانقسامات الحادة بين العرب والأكراد، والسنة والشيعة، والأزيديين والشبك، مبينا أنه عندما تتم هزيمة الجهاديين فسيطلب كل طرف حصته من الكعكة، ويقول: "عندما كنت طالبا في الموصل (في الستينيات من القرن الماضي) كانت نسبة الأكراد تصل إلى 40%، إلا أن كلهم غادروها".
وتبين الصحيفة أن "إحدى المشكلات التي تواجه المصالحة الوطنية هي غياب الإعمار، حيث دمرت الحرب مدن وبلدات السنة كلها، وهذه الجهود لم تبدأ لا في الفلوجة أو الرمادي، فالحكومة العراقية ليست فاسدة وعاجزة، لكنها تعاني من نقص الأموال؛ بسبب انخفاض أسعار النفط وكلفة الحرب، ويقول كريم إن (الحكومة ليس لديها مال إلا لدفع الأجور وأجور المتقاعدين، ولم يتبق مال لإعادة الإعمار، ولم نتلق أي مال من بغداد منذ عام 2014)".
ويقول كوكبيرن إن "قرار الهجوم على الموصل قبل تنظيف المناطق الأخرى التي يوجد حضور قوي فيها للتنظيم هو في النهاية قرار أمريكي، وتحدث العسكريون العراقيون عن مدخل متدرج، إلا أن التخطيط للعملية الحالية والجهود الحربية هما من تنظيم الأمريكيين الذين حاولوا إعطاء صورة أنهم يؤدون دورا مساعدا، وخلقت الولايات المتحدة الأجواء السياسية لها من خلال التوسط في مصالحة بين حكومة إقليم كردستان وبغداد".
وينوه التقرير إلى أن الخلافات بين الطرفين تتركز على الأراضي ومناطق النفط، التي تمتد من الحدود السورية إلى الإيرانية، لافتا إلى أن المواجهة بينهما وصلت إلى حد الحرب، لكن قبل صعود تنظيم الدولة.
وتذكر الصحيفة أن هناك مخاوف من عودة الخلافات القديمة مع تراجع خطر تنظيم الدولة، مشيرة إلى رفع العلم الكردي، ولأول مرة، فوق كركوك إلى جانب العلم العراقي، وهي المنطقة التي يتنازع للسيطرة عليها كل من بغداد وأربيل.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن كريم قلل من أهمية ذلك يوم الثلاثاء، وقال إنه من الواضح أن تراجع خطر تنظيم الدولة يكشف عن عراق لا يزال منقسما.