استحوذت القرارات التي اتخذها الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب بمنع مواطني سبع دول عربية واسلامية من الدخول الى اميركا اهتمام الاوساط السياسية والاعلامية والدبلوماسية في بيروت، وقد برزت العديد من القراءات والمواقف حول ابعاد هذه القرارات والدلالات السياسية والمستقبلية لها وحول كيفية مواجهة هذه السياسات العنصرية والتمييزية.
وقد تفاوتت المواقف بين من يعتبر ان هذه القرارات هي "مرحلة مؤقتة في السياسات الاميركية الجديدة، ولا يمكن الاستمرار بها لفترة طويلة نظرا لردود الفعل القاسية دوليا واقليميا واميركيا"، وبين من يعتبر: "انها تؤشرلمرحلة جديدة في السياسات الاميركية والدولية وسيكون لها تداعيات خطيرة في المرحلة المقبلة وستليها قرارات اخرى تؤكد على وجود اتجاهات جديدة في السياسات الاميركية والدولية تجاه العرب والمسلمين، وهذا يتطلب رؤية جديدة مشتركة لمواجهة هذه المرحلة الخطيرة، لان ما يجري لن يطال دولة دون أخرى، ولان المخاطر ستطال الجميع في المرحلة المقبلة".
مرجع سياسي بارز في بيروت يؤكد : ان هذه الساسات الترامبية الجديدة لا يمكن ان تستمر لفترة طويلة لانها تتعارض مع المصالح الاميركية الاستراتيجية في المنطقة وهي ستؤدي لنتائج خطيرة على المستوى الدولي والاقليمي وهي تعبر عن اتجاه جديد في الواقع الاميركي الداخلي لكنها ستساهم في نشر اللااستقرار في العالم وعلى المستوى الاقليمي.
لكن هذا المرجع يعتبر: ان المطلوب اعادة النظر من قبل الدول العربية والاسلامية تجاه ما يجري ، ان على مستوى العلاقات فيما بينها او على صعيد الاوضاع الدولية والاقليمية، لانه اذا استمرت الصراعات فيما بين هذه الدول ولم يكن هناك رؤية عربية – اسلامية مشتركة فاننا سنكون امام المزيد من التطورات المسيئة للعرب والمسلمين.
ويدعو هذا المرجع الى اعادة الحوار بين العرب وايران والاتراك بشكل مشترك والاتفاق على موقف موحد ان لجهة معالجة الازمات القائمة في الدول العربية والاسلامية او على صعيد مواجهة المتغيرات الدولية، لان غياب مثل هذا الموقف وعدم وجود الرؤية المشتركة سيكون له تداعيات خطيرة في المرحلة المقبلة واية حلول او اتفاقيات اوتسويات ستحصل ستكون على حساب العرب والمسلمين، كما حصل بعد الحرب العالمية الاولى ونهاية الخلافة العثمانية وقيام معاهدة سايكس – بيكو والانتداب الفرنسي- الانجليزي على الدول العربية واطلاق وعد بلفور، وكما حصل بعد الحرب العالمية الثانية من خلال قيام الكيان الصهيوني وتقسيم العالم العربي والاسلامي.
واما الامين العام للمؤتمر القومي العربي الدكتور زياد الحافظ فيقول: لم يخيّب الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب امال جمهوره في اتخاذه قرارات بحق المسلمين وذلك كبرهان عن التزامه بوعوده الانتخابية. فالمسلمون بشكل عام والعرب بشكل خاص نفوس رخيصة جدّا يمكن استباحتها طالما كان ردّ المسلمين والعرب غائبا أو عديم الفعّالية. والغياب العربي والإسلامي الرسمي أو عدم فعاليّته قرار سياسي تتخذه نخب راهنت وما زالت تراهن على الولايات المتحدة، وإذا يصل إلى البيت الأبيض من يعمل جاهدا على تلقينهم بالإهانات والضربات. وموقف الرئيس الأميركي يؤكّد ما كنّا أشرنا إليه مرارا أي إذا كانت مواجهة الولايات المتحدة مكلفة فإن مهادنتها أو المراهنة عليها أكثر كلفة إن لم تكن قاتلة.
التمييز ضد المسلمين الوافدين إلى الولايات المتحدة من عدّة دول عربية وإسلامية له دلالات على عنصرية متصاعدة وأصبحت مكشوفة أمام الجميع. والعنصرية جزء من الثقافة عند العديد من النخب الغربية الحاكمة بشكل عام والأميركية بشكل خاص وإن اختلفت سبل التعبير عنها. ثقافة الإقصاء هي الغطاء الثقافي للعنصرية رغم ادّعاءات "الديمقراطية" و "حقوق الانسان". فالديمقراطية هي فقط للرجل الأبيض المسيحي وهذا ما تمثّله قرارات الرئيس الأميركي.
ويضيف الدكتور الحافظ: الملفت للنظر غياب الجامعة العربية. فمواطنو سبع دول إسلامية، منها ستة عربية، منعوا من دخول الولايات المتحدة ومعهم تأشيرات قانونية للدخول ومنهم بطاقات إقامة دائمة. كما أن غياب مؤتمر التعاون الإسلامي وشتّى المنظّمات الإسلامية المموّلة من دول مجلس التعاون الخليجي غائبة كلّيا. فقط الجمهورية الإسلامية في إيران أبدت حرصها على كرامة المسلمين وقرّرت تطبيق المعاملة بالمثل.
والملاحظ غياب المواقف المندّدة عند القوى السياسية العربية والإسلامية، باستثناء البعض منها التي تثابر على الدفاع عن الحق العربي، بينما الأحزاب والقوى السياسية في العالم تحتج على قرارات الرئيس الأميركي. فهل يعني ذلك استقالة جماعية لهذه القوى؟
اذن نحن امام تطورات دولية خطيرة تستهدف العرب والمسلمين وكل ذلك يتطلب قراءة جديدة لهذه التطورات والمخاطر والبحث عن رؤية مشتركة عربية – اسلامية لمواجهة هذه التطورات.