لم يكد أهالي مناطق الجانب الشرقي من مدينة
الموصل، مركز محافظة نينوى (شمالا)، يتنفسون الصعداء بعيد استعادة مناطقهم من
تنظيم الدولة، حتى بدأوا يعانون من ظاهرة
السطو المسلح وسرقة الممتلكات العامة والخاصة.
وضمن جهودها للقضاء على هذه الأعمال، نشرت الإدارة المحلية في نينوى أرقام هواتف خاصة لتلقي شكاوى المواطنين، الذين يتعرضون للسرقة أو أي انتهاكات أخرى، يقوم بها مسلحون أو مدنيون، مستغلين الفوضى الأمنية، التي أعقبت تحرير تلك المناطق من الموصل، البالغ عدد سكانها قرابة الـ1.5 مليون نسمة.
ولا يوجد إحصاء بعدد السرقات منذ تحرير تلك المناطق، لكن إفادات متضررين تشير إلى أنها كثيرة وفي تزايد.
سرقات متنوعة
الناشط الموصلي أوس عمر هشام، قال إن "مجموعات مختلفة، مسلحة وغير مسلحة، تقوم بسرقة المنشآت الحكومية المهجورة، والمنازل التي غادرها أهلها".
هشام أوضح أن "من يقومون بهذه الأعمال يزعمون أنهم يستعيدون ممتلكاتهم وأغراضهم التي سلبها عناصر من تنظيم الدولة إبان احتلالهم للمنطقة" منذ حزيران/ يونيو 2014.
ومع هذا الحال، وفق الناشط الموصلي، فإن "الأمر في غاية السوء والصعوبة، فلا يمكننا التمييز بين الصادق والسارق؛ لا سيما أن تنظيم الدولة بالفعل نهب عشرات الآلاف من المنازل داخل الموصل وخارجها".
وعن أكثر ما تتم سرقته، أوضح أن "المسروقات تشمل أدوات منزلية، مثل شاشات البلازما وأجهزة التبريد والتكييف والثلاجات والمجمدات، إضافة إلى أنابيب الغاز وغيرها الكثير من الأغراض.. ومن أبرز ما يُسرق أيضا الأسلاك الكهربائية ومولدات الكهرباء لتضمنها كميات من النحاس".
حقوق.. ولكن
السلطة المحلية أقرت بهذه الظاهرة، التي يعاني منها الأهالي في المناطق الشرقية من الموصل، مرجعة السبب إلى ضعف في قدرات الأجهزة الأمنية.
غزوان الداؤوي، عضو مجلس محافظة نينوى، صرح بأن "ضعاف النفوس يرتكبون بالفعل عمليات سرقة ونهب لبعض المنشآت الحكومية والمنازل".
ومضى قائلا: "لا يمكن أن ننسى قيام تنظيم الدولة بنهب عشرات آلاف المنازل في نينوى، ولذلك فإنه من حق المتضررين استعادة ممتلكاتهم، لكن ينبغي أن يتم ذلك وفق إجراءات رسمية وقانونية يكون لحكومة نينوى دور فيها".
وإضافة إلى هؤلاء، قال إن "بعض اللصوص، الذين يسطون على الأملاك العامة والخاصة في المدينة (ذات الأغلبية العربية السنية) يرتدون زيا عسكريا رسميا، ولا يمكن الجزم بأنهم عسكريون فعلا".
أسباب وحلول
وحول أسباب تفشي هذه الظاهرة، قال المسؤول المحلي إن "عدد أفراد شرطة نينوى يبلغ نحو تسعة آلاف شرطي يتوزعون على الأقضية والنواحي، وهو عدد لا يكفي للسيطرة على الأرض المحررة، الشاسعة جدا".
الداؤوي اعتبر أن السبيل لكبح ما يحدث "هو الإسراع بتخريج المتطوعين الجدد في سلك
الشرطة، وإسناد ملف السيطرة الأمنية إليهم، مع إعادة قوات حماية المنشآت (FBS)، المدربة على حماية الممتلكات العامة".
ودعا أهالي الموصل إلى "التعاون مع القوات الأمنية، والإبلاغ عن أي أعمال سرقة، فضلا عن تنظيم أنفسهم لحماية مناطقهم من السرقات وحماية المنشآت الحكومية القريبة من منازلهم، لحين استتباب الأمن".
وردا على سؤال بشأن تفاقم ظاهرة السرقات، أجاب المسؤول المحلي بقوله: "من المستبعد أن تتفشى أو تتحول إلى أعمال شغب وفوضى عارمة".
وبإسناد جوي من التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، استكملت القوات العراقية الأسبوع الماضي استعادة كامل الجانب الشرقي من الموصل من قبضة تنظيم الدولة، ضمن عملية عسكرية مستمرة منذ أكثر من ثلاثة أشهر.
وفي الأثناء، تستعد القوات العراقية لاستئناف العملية العسكرية، خلال الأيام المقبلة، باتجاه الجانب الغربي من المدينة، الذي لا يزال تحت سيطرة التنظيم، ويمثل آخر معقل له في العراق.