مقابلات

نائب ليبي لـ"عربي21": البرلمان معطّل.. ومخالفات للوائح

شدد أبو بكر سعيد على الحوار لإعادة الاستقرار للبلاد بعيدا عن الاستقواء بالغير
شدد أبو بكر سعيد على الحوار لإعادة الاستقرار للبلاد بعيدا عن الاستقواء بالغير
أكد عضو مجلس النواب الليبي في طبرق، أبو بكر سعيد، أن المجلس يعاني من أزمة ثقة وتعنت من قبل رئاسته التي تتخذ عدة قرارات بمخالفة اللائحة الداخلية، ما جعل البرلمان مؤخرا يعمل "كمؤسسة إدارية معطلة".

وقال في مقابلة خاصة مع "عربي21" إن البرلمان وافق على الاتفاق السياسي (الصخيرات)، ما جعله يعد اتفاقا شرعيا ونافذا، لكنه فشل في منح حكومة الوفاق الثقة بسبب "تعنت قلة قليلة منعت الجلسات وسيطرت على قاعة المجلس ومنعت انعقاده".

وأوضح سعيد أن نقاط الخلاف في الاتفاق السياسي تتركز في أربعة أمور: تشكيلة المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، ونص المادة الثامنة، وتبعية القائد الأعلى للجيش، وتركيبة المجلس الأعلى الدولة، مطالبا كل أطراف الصراع الليبي بالتوقف عن "الاستقواء بالغير" ضد خصومه السياسيين، في إشارة إلى روسيا وإيطاليا.

وفي ما يلي نص الحوار:

* بداية.. ما الأزمة التي يعاني منها مجلس النواب مؤخرا؟

- أزمة البرلمان الليبي حاليا واضحة للعيان، فهي أزمة ثقة بين أعضاء مجلس النواب وهيئة الرئاسة، زاد ذلك بعد أن تغوَّلت رئاسة المجلس، وأصبحت تُمارس مهامها بأسلوب منعزل عن باقي أعضاء المجلس؛ فمعظم القرارات تصدر بالمخالفة للائحة الداخلية ولا ترجع فيها للقاعدة البرلمانية.

* ولماذا تعنت البرلمان في الموافقة على الاتفاق السياسي ومنح حكومة الوفاق الثقة؟

- عبارة "تعنت البرلمان" غير دقيقة، فالبرلمان مجتمعا صوّت بالأغلبية على الاتفاق السياسي بالمصادقة عليه في جلسة مكتملة النصاب في 25 يناير 2016م، باستثناء المادة الثامنة من الأحكام الإضافية، فبالتالي أصبح الاتفاق السياسي نافذا وشرعيا، والذي صدر بشأنه على أثر ذلك عدة قرارات دولية تدعمه وتؤيده، أهمها قرار مجلس الأمن الدولي 2259.

أما موضوع حكومة الوفاق، فجلسات البرلمان عُطلت لشهور عدة، ما تسبب في إفشال كل المحاولات لتمرير الحكومة ومنحها الثقة، والسبب الرئيسي كان تعنّت قلة رافضة لها وممانعة لعقد جلسة برلمانية للنظر في تشكيلتها والتصويت عليها وفق النظم الديمقراطية، حتى وصل الأمر لقفل القاعات وتغيير جدول الأعمال عدة مرات، ومنع عقد الجلسات لشهور. وجلسة 22 آب/ أغسطس 2016 م التي رُفض فيها منح الثقة للتشكيلة الثانية، للحكومة، صاحبها خروقات فانونية كان في مقدور أي محام مبتدئ أن يكسب الطعن فيها لو رفعت قضيتها أمام الدائرة الدستورية. ومع ذلك، رغبة في الوصول لحل الأزمة من أغلب أعضاء المجلس، تم التغاضي عن هذه الخروقات، واتُفق على المضي قدما في تشكيل حكومة وحدة وطنية أخرى، تضم الأطراف كافة دُون إقصاء، إلا أن ذلك تعثر أيضا للأسف.

* وهل فعلا البرلمان مختطف من مجموعة لها ثقل عسكري في الشرق الليبي، وخاصة تيار مناصر لحفتر؟

- كما تعلم، مجلس النواب في ليبيا هو السلطة التشريعية الوحيدة بالبلاد، أعضاؤه يمثلون الدوائر الانتخابية الثلاثة عشر كافة، والقرارات فيه تصدر بالتصويت الديمقراطي، إلا أن ما حدث خلال الشهور الماضية في البرلمان الليبي، يُعتبر استثناء مقارنة بباقي برلمانات العالم. ولنتحدث بصراحة أكبر، البرلمان في ليبيا مؤخرا أصبح يعمل كمؤسسة إدارية معطلة، الأداء فيه ضعيف أو شبه معدوم بسبب تعطيل ومنع الجلسات، واتخاذ قرارات مصيرية وإصدار تصريحات رسمية من قبل رئاسة المجلس لا تمثل أغلبية الأعضاء، ودون الرجوع إليهم داخل قبة البرلمان.

* وما تعليقك على ظاهرة وجود أغلب الأعضاء في مصر وتونس.. لماذا الهروب من طبرق؟

- أعتقد أن أعضاء مجلس النواب موجودون داخل البلاد، وقلة منهم خارجها لأسباب شخصية. طبيعة عمل السلطة التشريعية وجدولة مواعيد الجلسات، تدفع معظم أعضاء المجلس لمغادرة مدينة طبرق، المقر المؤقت للمجلس، فور انتهاء الجلسات الأسبوعية يومي الاثنين والثلاثاء، والسفر لمدنهم التي يمثلونها عقب ذلك.

* وبرأيك.. ما أبرز نقاط الخلاف في الاتفاق السياسي؟

- أبرز نقاط الخلاف تم تضمينها في بيان القاهرة، وهي أربعة شواغل رئيسية: تركيبة المجلس الرئاسي، المادة الثامنة، تبعية القائد الأعلى للجيش، تركيبة مجلس الدولة.

* وهل المادة الثامنة الخاصة بمنصب القائد العام، هي الإشكالية الأكبر لأنها ستبعد خليفة حفتر عن المشهد؟

- لا، ليست العائق الوحيد لقبول الاتفاق السياسي، وقد تم الاتفاق على حذفها من نص الاتفاق السياسي عند المصادقة عليه في كانون الثاني/ يناير من العام الماضي. والاتفاق لا يركز أو يتكلم عن شخصيات بعينها، إنما يركز على بناء الدولة بما فيها من مؤسسات مدنية وعسكرية وأمنية.

* البعض يتهم حفتر بأنه أحد أطراف الأزمة المتعنتين، وأنه يفرض رأيه على البرلمان.. ما تعليقك؟

- السيد خليفة حفتر مكلّف من البرلمان بمهمة القائد العام للجيش الليبي، وشخصيا ليس لدي أي دليل على ما تقول بشأن تدخله أو فرضه قرارات على البرلمان، وأعتقد أن ليبيا بحاجة لمشاركة الجميع؛ لأن سياسة الإقصاء والتهميش لن تبني وطنا.

* وكيف ترى مستقبل حفتر في ليبيا؟

- بخصوص مستقبل حفتر، بل ومستقبلنا جميعا، العلم عند الله وحده، ومن الصعب التخمين بأمور كهذه.

* شهدت القاهرة عدة اجتماعات لحل الأزمة الليبية، ومنها "إعلان القاهرة".. ما أهمية هذه التحركات من وجهة نظرك؟

- شخصيا كنت مشاركا في اللقاء الذي عقد في العاصمة المصرية القاهرة يومي 12 و13 كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي، بحضور 40 شخصية سياسية، الذي صدر في نهايته بيان القاهرة. واللقاء كان مهما، ووضع النقاط على الحروف، وشخّص الأزمة تشخيصا دقيقا لمعالجتها من قبل أطراف الحوار وفق ما نص عليه الاتفاق نفسه. وحدّد البيان الصادر ثوابت رئيسية غير مسموح بالخروج عليها أو خرقها من أي طرف كان، أهمها: وحدة التراب الليبي وحرمة الدم، ووحدة الجيش إلى جانب شرطة وطنية لحماية الوطن، والحفاظ على مؤسسات الدولة الليبية ووحدتها واحترام سيادة القانون وضمان الفصل بين السلطات وضمان تحقيق العدالة، ورفض وإدانة التدخل الأجنبي، والمحافظة على مدنية الدولة والمسار الديمقراطي والتداول السلمي على السلطة.

* رئيس الأركان المصري محمود حجازي قال إنه التقى بجميع الأطراف.. لكن الاجتماعات غاب عنها فصيل مهم من الغرب الليبي.. ما تعليقك؟

- بالرغم من أنني لم أعرف من هو الفصيل الذي تقصده، إلا أنني أعتقد أن الدعوات من قبل مصر وجهت للأطراف كافة، وهذا ما سمعته شخصيا من السلطات المصرية عدة مرات، والدليل على ذلك قيام وفد رسمي من قبل مجلس الدولة بزيارة مصر الأسبوع الماضي ولقاء المسؤولين عن الملف الليبي.

* هناك تصعيد من قبل القوات في الشرق الليبي ضد العاصمة طرابلس.. هل تتوقع صداما بين الشرق والغرب؟

- التصعيد العسكري ليس بجديد ومستمر من أطراف الصراع كافة، وما لم نصل إلى توافق يرضي شرائح المجتمع كافة، من الصعب تحقيق الاستقرار أو وقف هذا التصعيد. وبالمقابل، أتحفظ على مصطلح الصدام بين الشرق والغرب؛ لأن هذا ليس موجودا إلا على قنوات إعلام "الفتنة" التي تسعى جاهدة لزرع الشقاق بين أبناء الشعب الليبي الواحد. فالمؤسسة العسكرية، مثلا، بالرغم من انقسامها بين الشرق والغرب للأسف، إلا أن المنتسبين في كلا الجهتين تجدهم من كل مناطق ليبيا. أي بمعنى قد تجد أعدادا كبيرة من أبناء المنطقة الغربية والجنوبية منتسبين للقوات الموجودة بشرق البلاد، وبالمقابل تجد أيضا أبناء الشرق والجنوب موجودين ومنتسبين بالقوات الموجودة في غرب البلاد، وكلهم قدموا تضحيات عظيمة في محاربة الإرهاب في سرت وبنغازي.

* وما تعليقك على التوقعات بتدخل روسي في ليبيا لمناصرة قوات حفتر، وإقامة قاعدة روسية عسكرية بحرية في بنغازي؟

- التدخل الأجنبي العسكري والسياسي مرفوض رفضا تاما من أي طرف كان، باعتباره يمس السيادة الوطنية، وعلى الجميع أن يتوقف عن الاستقواء بالغير ضد خصومه السياسيين، وبدلا من إقحام الآخرين في الصراع الداخلي، يجب التوجه لوحدة الصف وتوحيد مؤسسات الدولة، خاصة العسكرية والأمنية منها، لتعود ليبيا لسابق عهدها وتبقى دولة مستقلة ذات سيادة.

* وكذلك بالنسبة للغرب الليبي وعلاقته الأخيرة بإيطاليا وفتح سفارتها في طرابلس.. ما تعليقك؟

- التقارب مع دول العالم سياسيا وفتح آفاق التعاون في المجالات كافة، هو أمر طبيعي ومطلوب، ومن ذلك التعاون السياسي، وتشجيع الدول الصديقة والشقيقة على فتح سفاراتها بالعاصمة الليبية طرابلس أو قنصلياتها في باقي المناطق؛ لأن ذلك يدفع ويساهم في استقرار البلاد ويرفع المعاناة عن مواطنيها الذين يعانون بصورة بالغة لأجل الحصول على خدماتهم، خاصة تأشيرات الدخول لدول العالم. فقفل السفارات أجبر الليبيين على السفر لدول الجوار لتقديم طلباتهم للحصول على تأشيرة سفر.

* وبرأيك.. ما المخرج الآمن من الأزمة الليبية الراهنة؟

- لا مناص من الحوار والمصالحة الوطنية الشاملة، ومن يقول عكس ذلك لم يقرأ كتب التاريخ ولم يدرس تجارب الآخرين. فلم تشهد أي دولة استقرارا بعد انذلاع ثورة أو حرب أهلية فيها؛ إلا بعد مصالحة وطنية، والشواهد في ذلك كثيرة، كجنوب إفريقيا ولبنان والجزائر ورواندا وكولومبيا وغيرها من الدول، فالحروب والقتال لا يبني الأوطان، ولا ينعم فيها أهلها بالأمن والاستقرار.
التعليقات (0)