اقتصاد عربي

بدائل كارثية أمام فقراء مصر للتغلب على ارتفاع أسعار الدواء

ارتفاع أسعار الدواء سيؤدي إلى حرمان آلاف المرضى من حقهم في العلاج- أرشيفية
ارتفاع أسعار الدواء سيؤدي إلى حرمان آلاف المرضى من حقهم في العلاج- أرشيفية
دفع قرار الحكومة المصرية برفع أسعار 3010 أصناف دوائية بنسب تترواح بين 30% و50%، آلاف المرضى من الفقراء ومحدودي الدخل إلى التفكير في بدائل للتغلب على ارتفاع أسعار الدواء.

وتوقع صيادلة ومراقبون، أن يؤدي ارتفاع أسعار الدواء إلى حرمان آلاف المرضى من حقهم في العلاج، وانتشار سوق الأدوية المغشوشة، والأدوية منتهية الصلاحية بعد إعادة تدويرها في مصانع "بير السلم"، وهو ما يمثل بديلا كارثيا يهدد حياة المرضى.

وقالوا إن الفقراء يلجؤون إلى الأدوية المغشوشة والمهربة، على الرغم من علمهم بأن هذه الأدوية قد تكون المادة الفعالة بها بسيطة جدا ولكن ليس لديهم طريق آخر للحصول على الدواء في ظل ارتفاع الأسعار.

ووفقا لرئيس شعبة الأدوية بغرفة صناعة الدواء، محيي حافظ، يوجد 3 آلاف مصنع ومخزن "بير سلم" لغش وتصنيع الأدوية بدقة عاليه جدا، حتى أن الصيدلي نفسه قد لا يعرف إن كان الدواء مغشوشا أم لا.

وانتشرت مؤخرا في مصر، ظاهرة بيع الأدوية على الأرصفة وفي محلات البقالة، خاصة في العشوائيات، والمناطق الشعبية، وساعد في ذلك قيام العديد من المرضى في هذه المناطق ببيع الأدوية الفائضة إلى تجار الأرصفة، أو استبدالها بأدوية أخرى.

واعتبر نائب رئيس غرفة صناعة الدواء، أسامة رستم، التجارة في الأدوية المغشوشة "جريمة قتل عمد متكاملة الأركان"، مشيرا إلى أن الدواء المغشوش ليس فقط الدواء غير السليم، بل هو كل دواء يتم بيعه في أي مكان مجهول المصدر حتى لو كان الدواء سليما.

وقال رستم، في تصريحات صحفية، إن التشريعات والقوانين الحالية رحيمة بهؤلاء المجرمين الذين يتاجرون في الأدوية المغشوشة، ولا بد من تشديد العقوبات عليهم.

النصب والشعوذة

وأمام عجز الكثير من المرضى عن توفير الدواء خاصة مع الارتفاعات المتتالية لأسعاره وتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمصريين، يقع عدد كبير من المرضى فريسة سهلة في يد المشعوذين والنصابين باسم الطب البديل وأصحاب الإعلانات المضللة التي تعد المرضى بمفعول سحري للعلاج خلال فترات زمنية قصيرة، باستخدام خلطات غير صحية من الأعشاب التي قد تؤثر على صحة المريض وتسبب له العديد من المضاعفات والآثار الجانبية.

وكشف رئيس جمعية حماية المشاهدين، حسن علي، أن الجمعية رصدت إعلانات مضللة للأدوية التي يتم الترويج لها عبر عشر قنوات فضائية، من بينها خمس قنوات دينية، قائلا: "الكارثة أن ما لا يقل عن 90 في المائة من الأدوية المعروضة على تلك الفضائيات لا تحمل ترخيصا من الأجهزة الصحية المختصة".

وتابع: "أخذنا ثلاث عينات من أحد الأدوية المعلن عنها عبر هذه القنوات، والمتعلقة بعلاج مرض الكبد باعتباره الأكثر انتشارا بين المصريين. وتم تحليل تلك العينات في مختبرات وزارة الصحة، فتبيّن أن هذا الدواء الرائج جدا عبارة عن خليط مطحون من الترمس والحبهان وفول الصويا، ولنا أن نتصور المكاسب إذا علمنا أن حجم الإنفاق الإعلاني في مصر خلال العام الماضي فقط بلغ ملياري دولار".

العلاج الخاطئ بالأعشاب

وأكدت استطلاعات رأي ميدانية، تزايد نسبة إقبال المصريين خاصة من البسطاء ومحدودي الدخل على شراء الأعشاب والعودة لطرق التداوي القديمة، كبديل لارتفاع أسعار الدواء، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار الأعشاب لأكثر من النصف، لكنها تظل في متناول المواطن البسيط إذا ما قورنت بأسعار الدواء.

وقفزت أسعار كل أصناف الأعشاب والتوابل والعطارة بنسبة تتراوح من 40 إلى 60%، بحسب رئيس شعبة العطارة بغرفة القاهرة التجارية، رجب العطار، بسبب قفزات سعر صرف الدولار أمام الجنيه، خاصة وأن مصر تستورد 95% من حجم التوابل والأعشاب المنتشرة في الأسواق المصرية.

وحذر رئيس شعبة العطارين، من الآثار الجانبية للأعشاب الطبية، مطالبا بتصحيح الاعتقاد الخاطئ بأن "كل ما هو طبيعي لا يضر"، وأوصى من يعملون في مجال العطارة والأعشاب بضرورة الوعي بأهمية كل عشب وآثاره الجانبية وكيفية تحضيره وتنظيفه وتعقيمه.

وأشار إلى أن هناك أعشابا تسبب أضرارا كبيرة إذا تم استخدامها بشكلها الأولي مباشرة دون تعقيم، لافتا إلى أن حجم التجارة في الأعشاب الطبية بالقاهرة الكبرى فقط يتجاوز 8 ملايين جنيه سنويا، وأن عدد العطارين المسجلين في الغرفة التجارية بالقاهرة يبلغ 4 آلاف عطار.

غضب الصيادلة

على صعيد متصل، تسبب قرار الحكومة المصرية برفع أسعار الدواء، في إشعار نار الغضب بين صفوف صيادلة مصر، الذين احتشدوا اليوم في جمعية عمومية طارئة، لبحث الأزمة ودراسة نتائج المفاوضات مع الحكومة وشركات الأدوية.

وانتهت اليوم الجمعية العمومية الطارئة لنقابة الصيادلة، بثمانية قرارات تمثلت في تثمين تدخل مؤسسة الرئاسة والحكومة لحل الأزمة القائمة، وتفهمها لمطالب الصيادلة، وتعليق قرار الجمعية العمومية بالإغلاق الجزئي لمدة أسبوعين حتى 1/2/2016، وذلك تقديرا لتدخل رئاسة الجمهورية والحكومة، ورفض قرار التسعير العشوائي الذي أصدرته وزارة الصحة، وتأكيد قرار الجمعية السابقة بعدم المساس بأسعار أدوية الأمراض المزمنة.

كما قررت الجمعية العمومية، رفع دعوى قضائية ضد المتحدث الإعلامي بوزارة الصحة لاتهامه الصيادلة بالتلاعب، وتأكيد التزام الصيادلة بالبيع بسعر واحد لكل صنف وليس سعرين طبقا لقانون التسعير الجبري، وطبقا لما جاء بقرار رئاسة مجلس الوزراء، بجلسة 16/5 بالسماح بطمس الأسعار القديمة للمستحضرات التي زاد سعرها، ورفع دعوى قضائية لإلغاء العمل بتسعيرتين مختلفتين لذات الصنف الدوائي لمخالفته قانون التسعير الجبري.

وطالبت الجمعية العمومية بارتجاع كامل الأدوية منتهية الصلاحية من الصيدليات دون قيد أو شرط أو نسبة محددة لمدة عام.
التعليقات (0)