ملفات وتقارير

اضطهاد القوميات العرقية.. هل يؤدي لتفكك داخلي بإيران؟ (ملف)

مظاهرات منددة بالانتهاكات بحق العرب الأحواز في إيران- أرشيفية
مظاهرات منددة بالانتهاكات بحق العرب الأحواز في إيران- أرشيفية
تشكو القوميات العرقية في إيران من انتهاج الدولة "سياسات عنصرية" ضدها، وتجاهل حقوقها الثقافية والسياسية والاجتماعية، ويثير تصاعد التوتر مخاوف من أن تصل الأمور إلى تفكك داخلي، في حال استمر التمييز العرقي والطائفي، وتهميش الأقليات.

وفي حين تسعى إيران إلى تحقيق حلمها التوسعي وتصدير ثورتها كما تروّج في إعلامها، من خلال تورطها بشؤون دول الإقليم عسكريا وسياسيا، إلا أن هذه المشكلة الداخلية التي تتصدرها الأقليات تزداد مع الوقت، وتظهر عدم قدرة طهران على التعاطي مع القوميات الأخرى غير الفارسية، وفق ما أكده معارضون إيرانيون.

وآخر ملامح التوتر بين القوميات العرقية والدولة، هتاف الأقلية التركمانية داخل ملعب في إيران مؤخرا: "الخليج عربي" و"الموت لفارس".


وبحسب ما اطلعت عليه "عربي21"، فإن أبزر القوميات العرقية في إيران تتكون من 5 أقليات غير فارسية، هي: 

- العرب في الأحواز
- الأكراد في كردستان
- التركمان في إقليم تركمان شمال شرق إيران
- الأذريين في إقليم أذربيجان 
- البلوش في بلوشستان 

وتدور تساؤلات حول قدرة هذه الأقليات مجتمعة على التأثير في سياسة الدولة، وخطورة الأمر على وحدة البلاد، إذ تتعالى أصوات مطالبة بين الحين والآخر بإقامة نظام فيدرالي يتناسب مع الواقع الديمغرافي لإيران، لضمان حقوقها.

وهناك تخوفات من الدولة في حال توحدت جميع الأقليات كقوميات متضررة من النظام القائم، فالقوميات العرقية غير الفارسية في إيران تشكل مجتمعة أكثر من نصف عدد السكان، بحسب إحصائيات غير رسمية.

ووفق ما صرح به الكاتب الأحوازي، يوسف عزيزي، فإن الشعوب غير الفارسية تشكل أكثر من 65 في المئة من سكان إيران، في حين أن القومية الفارسية تحظى بنحو 30 في المئة فقط من الشعب الإيراني. 

وقال لـ"عربي21"، إن هناك عدم تكافؤ ومساواة بين القوميات في تقسيم السلطة والثروة في البلاد، فالفرس الذين لا يمثلون حتى غالبية في إيران هم من يحتكرون الحكم، على حساب القوميات الأخرى غير الفارسية.

وتعليقا على الدعوات من القوميات العرقية إلى إقامة نظام فيدرالي، قال عزيزي، إن هذا النظام يتناسب مع الواقع الديمغرافي للدولة، مشيرا إلى أن إيران كانت دولة فيدرالية نوعا ما، قبل تسعين عاما حتى أوائل القرن العشرين، وكانت عربستان تتمتع بحكم ذاتي.

وأضاف أن أذريبجان وكردستان كانتا أيضا تتمتعان بنوع من الحكم الفيدرالي، حتى جاء الملك رضا بهولي، وأنهى هذه "الفدرالية التقليدية"، ليحكمها ملك واحد، وتكون دولة بلغة واحدة، ليؤسس ما يسمى بـ"الأم الدولة".

لكن هذه الدولة فشلت، وفق عزيزي، وفشلت أيضا الأنظمة التي تلتها، لأنه لم يتم التجاوب مع الشعوب غير الفارسية، بحسب قوله.

ولفت إلى أن الفيدرالية التي تطالب بها القوميات العرقية في إيران "فيدرالية حديثة"، كما في سويسرا وكندا، ليس "فيدرالية تقليدية"، كما كانت قبل تسعين عاما، وفق تعبيره.    

وحذّر الكاتب الأحوازي من أن الاستمرار بالتضييق على الأقليات وتهميشها من النظام الإيراني، وعدم منحها حقوقها كاملة، يؤدي إلى أن يكون مصير الدولة كما حصل للاتحاد السوفيتي ويوغسلافيا سابقا.

وبحسب الناشطين، من الأقليات القومية في إيران، فإن أبرز ما تتعرض له القوميات من سياسيات عنصرية في البلاد هي:

- المنع من ارتداء الأزياء المحلية
- الحرمان من تعلم اللغة الأم واستخدامها
- المطالبة بتغيير الأسماء العربية إلى فارسية
- الحرمان من تقلد المناصب العليا في البلاد
- اعتقال الناشطين الحقوقيين
- إعدام كثير من المعتقلين سياسيا أبرزهم من الأقليات
- صعوبة التوظيف 
- صعوبة الحصول على فرص دخول الجامعات الإيرانية

وأفادت مصادر صحفية لـ"عربي21"، الاثنين، بأن نشطاء أذريين خرجوا باعتصام في العاصمة طهران، وذلك بسبب إضراب أذري في السجون الإيرانية عن الطعام، بسبب اعتقاله لمطالبته بتعليم اللغة الأذرية.


من جهته، أشار عزيزي إلى أن العشرات من العرب والأكراد معتقلون لدى النظام الإيراني بسبب نشاطهم الحقوقي، وأن أكثر السجناء في إيران والذين يتم إعداهم هم من القوميات غير الفارسية.
 
وفيما يلي أهم المعلومات عن القوميات الخمس الأبرز في إيران، وفق ما رصدته "عربي21":

العرب الأحواز

في أحدث إشارة إلى شعور العرب من الأحواز بالتهميش، وبالاضطهاد واستهداف ثقافتهم، تحديهم للسلطات الإيرانية، من خلال الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، الذي صادف الأحد، مؤكدين أن لغتهم مهددة بالاندثار بسبب منع السلطات الإيرانية تعليم اللغة العربية، ومعاقبة من أراد المطالبة بالتعليم بهذه اللغة في منطقتهم.


ويقول العرب من الأحواز إنهم يعانون منذ تسعة عقود من "الاحتلال الفارسي"، وفق وصفهم.

وكتب أمين عام "الجبهة الديمقراطية الأحوازية"، صلاح الأحوازي، عبر "تويتر"، إن الدولة الإيرانية تستهدف كل ما هو عربي في الأحواز، وإن "أخطر ما استهدفته، اللغة العربية، التي تمثل ماضي وحاضر ومستقبل وهوية الشعب الأحوازي، عبر سياسة التفريس الممنهجة لضرب الهوية العربية في إقليم الأحواز"، على حد قوله.



وعلق أيضا، رئيس "حركة النضال العربي لتحرير الأحواز"، أحمد مولى المذحجي، بالقول: 




والأحواز منطقة تقع بجانب البصرة من الناحية الجغرافية، بحسب المراجع العربية والمنظمات الأحوازية، تقع شمال غرب إيران، ويحدها من الغرب العراق ومن الجنوب الخليج العربي، وهي الحد الجغرافي الطبيعي الفاصل بينها وبين الهضبة الإيرانية.

ويشكو عرب الأحواز من اتّباع السلطة الإيرانية سياسات تمييزية ضدهم في التوظيف وفي الثقافة، ويعاني عرب الأحواز من صعوبة الحصول على فرص لدخول الجامعات الإيرانية.

وهي عاصمة ومركز محافظة خوزستان، وقبل عشرة أعوام بلغ عدد سكان مدينة الأحواز 1.841.145 نسمة، وهي بذلك أكبر مدينة في خوزستان.

وتشهد إيران ظهور حركات "تحرر" أهوازية، أبرزها:

- الجبهة الديمقراطية الشعبية الأحوازية
- حركة النضال العربي لتحرير الأحواز


التركمان 

يقع إقليم "تركمان صحراء" في شمال شرق إيران، على حدود جمهورية تركمانستان، ويشترك الشعب التركماني في إيران بصلات قبلية وثقافية وتاريخية مع الشعب التركمانستاني.

ولا تتوفر أي إحصائيات رسمية عن عدد التركمان في إيران، مثل سائر القوميات العرقية في البلاد، إلا أن نشطاء يقولون إن تعدادهم يصل إلى ثلاثة ملايين نسمة تقريبا. 

ويعيش التركمان في محافظات "غُلستان" و"خراسان رضوي" و"خراسان شمالي" في إيران.

ويعاني التركمان من التمييز المضاعف الديني والقومي، وعدم المساواة في القوانين، ذلك أن الغالبية الساحقة منهم من المسلمين السنة، ومن أتباع المذهب الحنفي.

وتنتهج الحكومة الإيرانية تعليم اللغة الفارسية للأطفال التركمان في المرحلة التحضرية التي تسبق المرحلة الابتدائية. 

وتثير الخطوة غضب النشطاء التركمان، معتبرين أنها محاولة أخرى لتنفيذ المزيد من عمليات القضاء على الهوية القومية للشعب التركماني، وفق قولهم.

وتتهم السلطات الإيرانية بأنها تحاول تغيير التركيبة السكانية في مناطق التركمان الحدودية، من خلال زيادة عدد غير تركمان.

الأتراك في أذربيجان


تقع محافظة أذربيجان الغربية في شمال غرب إيران، ومركزها مدينة آرومية، وتقع شرق هذه المحافظة بحيرة آرومية.

ويشكل الأتراك الآذريون والأكراد معظم سكان هذه المحافظة.

ويتركز أبناء المكوّن التركي في إيران في المناطق الشمالية والشمالية الغربية على وجه التحديد، حيث يتواجد الأذريون في تبريز، التي تقع في محافظة أذربيجان الغربية.

ويستمر الأتراك الأذريون في احتجاجاتهم داخل المدن الإيرانية، خاصة في العاصمة طهران ومدينة قم، حيث يعيش الآلاف منهم، في محاولة للحصول على حقوقهم، وسط تمييز عرقي، وتجاهل اجتماعي، وتهميش اقتصادي، وفق قولهم.

وكان الحراك التركي الأذري المعترض على التمييز العنصري متسما بالسلمية والمدنية منذ عقد ونيف، رغم الإهانات المتتالية من الإعلام الإيراني بحقهم، خلافا لما يجري في أقاليم بلوشستان وكردستان والأحواز، من حراك مسلح بين فينة وأخرى.

وكان الرئيس الإيراني، حسن روحاني، وعد خلال حملته الانتخابية باعتماد اللغة التركية لغة رسمية في المناطق ذات الأغلبية التركية في إيران، واعتماد التعليم باللغة الأم في المدارس الرسمية، بالإضافة إلى تأسيس أكاديمية للأدب التركي، إلا أنه لم يف بما وعد.

ويشكل الأذريون ثلث العاصمة الإيرانية طهران، كما أنهم يعدون ثاني أكبر قومية في جغرافية إيران بعد الفرس. 

وبحسب الإحصائيات الرسمية الإيرانية، فإن عدد الأذريين بين 16 في المئة إلى 25 في المئة من الإيرانيين، أي ما يعادل بين 12 إلى 16 مليونا، في وقت يقول فيه الأذريون إن عددهم يتجاوز 26 مليونا.

وسبق لهذا المكون في إيران أن تحرك دعما للأحوازيين، وتنديدا بإهانة العرب على التلفزيون الإيراني الرسمي، إثر حادثة تدافع منى 2015، حينها شهدت إيران بثا لخطابات الكراهية، وحشدا للشارع الإيراني ضد السعودية والعرب.

وخرج الأتراك الأذريين في حزيران/ يونيو 2006، احتجاجا على التمييز والاضطهاد القومي، وذلك بعد عام من انتفاضة الشعب العربي الأحوازي، سقط خلال التظاهرات المليونية عشرات القتلى ومئات الجرحى.

ويتواجد في السجون الإيرانية المئات من النشطاء الأتراك الأذريين، بسبب مطالبتهم بحقوقهم.

الأكراد من إقليم كردستان

تحظى العلاقة بين السلطات الإيرانية والأقلية الكردية في البلاد، بأكثر العلاقات توترا بين القوميات الأخرى، فبينهما تاريخ من الاشتباك المسلح بين المسلحين الأكراد والحرس الثوري الإيراني.

وتتهم السلطات الإيرانية بقتل مدنيين وتدمير منازل، وإتلاف المحاصيل الزراعية في بلدات عدة في المحافظات الكردية، مثل كردستان وكرمانشاه وأذربيجان الغربية وإيلام، ردا على المواجهات مع مسلحين أكراد.

وينتشر مسلحون أكراد في مناطق جبلية نائية قرب الحدود مع إقليم كردستان العراقي، ضد "القمع الفارسي المستمر منذ عقود طويلة"، وفق تعبيرهم.

ويتخوف السياسيون الإيرانيون من حزب "بيجاك"، وهو حزب كردي إيراني مقرب من حزب العمال الكردستاني في تركيا. 

فرغم هدوء نشاطاته نسبيا في السنوات الأخيرة، إلا أن الحزب بإمكانه أن يستفيد من حاضنة شعبية واسعة في عدد من محافظات شمال إيران، وفق قولهم.

ويشكل الأكراد الإيرانيون بتنوعاتهم المختلفة بين الأكراد السنة واللر والبختياريين والكلهر واللك، الأغلبية السكانية في سبع محافظات إيرانية وهي أذربيجان الغربية وكردستان وكرمنشاه وإيلام ولرستان وجهارمحال وبختياري وكهكيلويه وبوير أحمد.

وتتفاوت التقديرات لأعداد الأكراد في إيران، ما بين 7 في المئة إلى 9 في المئة، من إجمالي السكان البالغ عددهم 68.688.433، ولكن المصادر الكردية تذهب أبعد من ذلك.

وتخشى طهران من أن أكرادها الصامتين إلى حد الآن، المكتفين في صراعهم معها على بعض المناوشات بين الفينة والأخرى، يمكن أن يندفعوا في أي لحظة، مستفيدين من الصراع الدائر في الشرق الأوسط منذ خمس سنوات، ليخوضوا حربا لإعادة إحياء حلمهم بالاستقلال، وذلك بالدخول على خط هذا الصراع، لتوظيفه في تحقيق مكتسبات كما فعل أكراد سوريا والعراق، ويفعل أكراد تركيا حاليا.

البلوش من بلوشستان

تعد بلوشستان السنية ثالث أكبر المحافظات الإيرانية مساحة، ويعيش فيها قرابة مليون من المسلمين السنة.

ويرى البلوش بأنهم من أكثر الأقليات التي تعرضت للاضطهاد في إيران، وكان إقليمهم بلوشستان تم تقاسمه بين إيران وأفغانستان وباكستان، وعانوا من هدم للمساجد واعتقال وتعذيب في صفوفهم من السلطات الإيرانية عبر تاريخهم.

ويقول البلوش إنه من بين كل 10 آلاف طالب إيراني هناك 5 طلاب فقط من البلوش السنة سمح لهم النظام الإيراني بالتعليم الجامعي.

ونفذت السلطات الإيرانية أحكام الإعدامات ضد نشطاء السنة في الميادين العامة.

وقتل الكثير من العلماء والقادة الدينيون في بلوشستان على يد السلطات الإيرانية، منهم الشيخ حبيب الله حسين عام 1991، والشيخ مولوي يار محمد كهرازي 1997، إمام جمعة مدينة خاش، ومدير مدرسة مخزن العلوم، ومنهم كذلك مولاي عبد الملك مولا زادة.

فنشأت حركات مقاتلة سنية ضد الوجود العسكري الإيراني، الذي يعتبرونه محتلا لأرضهم.
السلطات.

يمتلك هذا الإقليم موقعا استراتيجيا مهما لإشرافه على سواحل بحرية بلغ طولها ألف كيلومتر، وجميعها مطل على مضيق هرمز الاستراتيجي. 

وهي منطقة غنية بالموارد الطبيعية مثل الغاز الطبيعي، النفط، الفحم، النحاس، الكبريت، الفلوريد والذهب.

ويتهم النشطاء الحقوقيون السلطات والحكومة الإيرانية، بانتهاكات لحقوق الإنسان بحق البلوش في البلاد، إلى جانب معاناتهم من عدم المساواة الاقتصادية، وإقليمهم يشهد أعلى معدل وفيات للأمهات والأطفال وأعلى معدل فقر.

مصادر:

(1)
(2)
(3)
التعليقات (0)