كشفت وثائق حصلت عليها صحيفة "صندي تايمز" البريطانية، عن مقترح تقدمت به جمعيات خيرية، يديرها رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، تقوم بموجبه هذه الجمعيات بجمع
معلومات عن المجتمعات المسلمة في
أفريقيا تحت شعار "مكافحة التطرف".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أنه بحسب الخطة، التي طلبها زعيم حزب العمال السابق في أسكتلندا جيم ميرفي، الذي يحصل على 200 ألف جنيه إسترليني في العام لتقديم النصح لبلير، فإن الجمعيات الخيرية ستقوم بجمع معلومات "ذات نوعية عالية"، عن المساجد والمدارس بذريعة "مكافحة التطرف"، لافتا إلى أن الخطة ستستفيد من العلاقات القوية التي أقامها بلير مع الأنظمة الحاكمة في أفريقيا لمواجهة الأيديولوجية الإسلامية.
وتعلق الصحيفة قائلة إن الخطة هي محاولة لجعل بلير في مقدمة الحملة الدولية لمكافحة التطرف، مستدركة بأنها أدت إلى انقسام داخل الطاقم الذي يعمل مع رئيس الوزراء، حيث حذر بعضهم من أنها قد تأتي بنتائج سلبية.
وينقل التقرير عن مصدر مطلع في مبادرة بلير للحكم في أفريقيا، قوله إن "شكل الحكم الذي نقوم بتشجيعه يقوم على فصل الدين عن السياسة، لكن هذه الخطة تحث الحكومات على التجسس بشكل عملي على المؤسسات الدينية"، وقال آخر إن "هذه الخطة خطيرة؛ لأنها تحدد من الحرية الدينية في الأنظمة المعروفة بعدم تفريقها بين المتهمين الحقيقين بقضايا إرهاب، ومن يعتقلون لأنهم يعبرون عن رأيهم، وعندما تعطي الأنظمة الإرهابية السيطرة على المؤسسات الدينية فإنها تبدأ باستغلالها".
ويورد التقرير نقلا عن متحدثة باسم
مؤسسة بلير، قولها إن خطة من هذا النوع كانت موجودة من أجل جمع المعلومات المتوفرة عن المؤسسات الدينية، وليست لجمع معلومات شخصية، مشيرة إلى أن بلير لم يشاهدها أو يناقشها.
وتبين الصحيفة أن وثيقة مكونة من 30 صفحة، جاءت تحت عنوان "الجمع بين مكافحة التطرف والحكم"، اقترحت استهداف نيجيريا والنيجر وبنين ومالي وساحل العاج، مشيرة إلى أن الوثيقة أكدت تركيز كل من "مؤسسة الإيمان"، التي أنشأها بلير، ومبادرة الحكم في أفريقيا على "العنف المتطرف".
وجاء في الوثيقة أن "تجربة مبادرة الحكم في أفريقيا، بمساعدة الحكومات على جمع المعلومات، قد تكون مفيدة في برامج تدريب القيادات، ومثلا، مساعدة الحكومة الحصول على بيانات نوعية عن المساجد وقيادتها والتمويل الذي تحصل عليه"، وجاء فيها أيضا: "نتعامل مع برامج مكافحة العنف المتطرف بصقتها أولوية وطنية، ونحاول البحث عن العروض المقدمة من مؤسسة توني بلير للإيمان لمكافحة العنف المتطرف".
ويفيد التقرير بأنه بناء على الخطة التي اقترحت، فإنها ستقوم بالاستفادة من المراجعة التي اقترحها ميرفي، ودمج مؤسسات توني بلير غير الربحية ومؤسسة توني بلير للإيمان، والبدء ببرامج تعليمية وقيادية واتصالية، والاستفادة من خبرات مبادرة الحكم في أفريقيا، حيث جاء فيها أنه "يمكن استخدام الخبرات في الحكم، مثلا، في هذه البرامج، لمساعدة الحكومات على جمع معلومات عن المساجد والمدارس، وأي ملامح متعلقة بمكافحة العنف المتطرف".
وبحسب الصحيفة، فإنه يعتقد أن ميرفي طلب من صديقه المستشار السابق لحزب العمال بلير ماكدوغال، الذي أدار حملة "نحن أفضل معا" أثناء حملة الاستفتاء على استقلال أسكتلندا عام 2014، بأن يطور المقترح، وتضمين أفكار على عدة مستويات داخل المؤسسة.
ويكشف التقرير عن أن بعض الدول المقترحة لأن تكون شريكة في البرنامج اتهمتها منظمة "هيومان رايتس ووتش" بانتهاكات حقوق الإنسان، مثل ساحل العاج المتهمة "بإساءة معاملة وتعذيب السجناء"، ومالي المتهمة "بانتهاكات ضد أنصار الجماعة الإسلامية المسلحة"، بالإضافة إلى أن "هيومان رايتس ووتش" اتهمت القوات النيجيرية المسلحة بممارسة التعذيب.
وتنوه الصحيفة إلى أن التقارير عن خطط مبادرة الحكم في أفريقيا ستطرح أسئلة حول توجهات توني بلير، حيث أعلن في بداية هذا الشهر عن إنشاء معهد توني بلير، بدمج مؤسسة توني بلير للإيمان ومبادرة الحكم في أفريقيا ومؤسسات أخرى معا.
ويذكر التقرير أن متحدثة باسم بلير نفت جمع المعلومات الشخصية، وقالت: "العملية ليست لجمع المعلومات الشخصية، بل هي لمساعدة الحكومات على جمع المعلومات المتوفرة والمعروفة؛ لمساعدتها على فهم سياق مكافحة التطرف"، وأضافت: "لا يقترح أحد جمع المعلومات عن الأفراد ونقلها إلى الحكومات، لا اليوم ولا مستقبلا".
وتختم "صندي تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول المتحدثة إن بلير لم يشاهد الوثيقة أو يناقشها، مضيفة أن التطرف اليوم هو موضوع متطور، خاصة للدول الأفريقية، "من يشير إلى أنه عن تأثير بلير في الحكومات الأفريقية، فإنه اتهام كيدي".