رصدت دراسة علمية حديثة محاولات طهران منذ رئاسة رونالد ريغان وحتى باراك أوباما، في خلق لوبي
إيراني في الإدارات الأمريكية المتعاقبة.
وخلصت إلى أن اللوبي الإيراني كان أكثر حضورا وقدرة على التأثير في الحكومات الديمقراطية دون الجمهورية، وأن فترة الرئيس أوباما خلافا للإدارات الأمريكية الأخرى، كانت مسرحا متسعا لنشاط الأمريكيين الإيرانيين، فهي من أكثر الإدارات الأمريكية استيعابا لعناصر أمريكية من أصل إيراني بين طواقمها.
وكشفت الدراسة عن الحضور اللافت للأمريكيين الإيرانيين في مراكز الفكر والمواقع الإعلامية الأمريكية، مبينة أن حضورهم ربما لا يأتي عبر آلية منظمة ذات أطر إجرائية محددة وأدوار واضحة لأفرادها، إلا أن ما يجمعهم هو الاتفاق العام حول فكرة إعادة النظر على نحو أكثر قبولا في العلاقات الأمريكية الإيرانية.
وأكدت الدراسة، التي تلقى "
عربي21" نسخة منها، أن طهران استفادت كثيرا من الجالية الإيرانية المُهاجرة إلى أمريكا لأكثر من عقود ثلاثة، في استمالة بعض أفرادها وحثهم على تشكيل قوى ضغط على غرار اللوبي الإسرائيلي، لعل أبرزها بقاءً هو المجلس الأمريكي– الإيراني (AIC) في فترة تسعينيات القرن الماضي، بقيادة هوشنج أمير أحمدي والمجلس الوطني الإيراني- الأمريكي (NIAC)، عام 2002 بقيادة تيرتا بارسي.
وأشارت الدراسة، التي جاءت بعنوان "دور جماعات الضغط الإيرانية في صنع القرار الأمريكي تجاه إيران" للباحث المصري محمد محمود مهدي، إلى أن الأمريكيين الإيرانيين- بخلاف ما هو شائع- لا يتجاوزون النصف مليون فرد في الداخل الأمريكي، وذلك وفقًا لآخر إحصاء عقدي في
الولايات المتحدة الأمريكية.
واستدركت الدراسة، أن الإيرانيين داخل أمريكا كونوا فيما بينهم مجتمعا متميزا لاسّيما من ناحية التعليم وتوليد الثروة، إذ أظهرت الدراسة أنهم من بين أكبر 20 مجموعة مهاجرة في الولايات المتحدة الأمريكية امتلاكا للأعمال التجارية، والمساهمة بشكل كبير في الاقتصاد الأمريكي.
وأبانت أنه رغم تنوع الأمريكيين الإيرانيين من ناحية العرق والدين - بخلاف دولتهم الأم- ما بين مسلم، يهودي، مسيحي، بهائي، زراداشتي، أرميني، أذربيجاني، كردي، فإنهم استطاعوا بناء هوية الشتات، من خلال الابتعاد عن نقاط الاختلاف فيما بينهم والتركيز على عوامل التقارب للحفاظ على تماسكهم، وبذلك كان للمكون القومي دور كبير في تقارب المجتمع الأمريكي الإيراني في الولايات المتحدة ربما يفوق بكثير المكون الديني.
وأوضحت الدراسة، أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما أعقبها من ممارسات تمييزية وربما اضطهاد ضد الأمريكيين الإيرانيين في بعض المواقف، كانت بمثابة نقلة كبرى في تغيير استراتيجية العمل نحو تشكيل مجموعات مؤثرة لتنظيم العمل السياسي للأمريكيين الإيرانيين، بتدشين لجنة (IAPAC)، التي تشكلت لأجل دعم وتعزيز انتخاب الأمريكيين الإيرانيين المرشحين للمناصب العامة والمكاتب المحلية.
وقد استطاع الـ (IAPAC) بحسب الدراسة، جمع ما يزيد على 3.8 ملايين دولار للمرشحين ممن أبدوا تفهمهم للقضايا التي تخص الأمريكيين الإيرانيين، كما دعمت الـ (IAPAC) أيضًا ما مجموعه 28 شخصًا من الأمريكيين الإيرانيين للترشح للمحليات والولايات الفيدرالية، وساعدت في دفع أكثر من 650 ألف دولار في حملاتهم الانتخابية.
فيما تناولت الدراسة بالرصد والتحليل، المعركة الشرسة التي خاضها اللوبي الإيراني ممثلاً في المجلس الوطني الإيراني- الأمريكي(NIAC) ضد اللوبي الإسرائيلي، لأجل تمرير الاتفاق النووي الإيراني داخل أروقة الكونجرس الأمريكي، مبينةً حلفاء وداعمي الطرفين في المعركة، مؤكدةً أن منظمات السلام الأمريكي والبيت الأبيض كانوا من أكثر مؤيدي اللوبي الإيراني في معركة تمرير الاتفاق، وأن الاتفاق ومحاولة تمريره في الكونجرس كان بمثابة الدور الأبرز والأكثر تميزًا وظهورًا لانطلاق قوى الضغط الإيراني في الولايات المتحدة الأمريكية.
واختتمت الدراسة بالتأكيد أن موقف أعضاء المجلس الوطني الإيراني-الأمريكي (NIAC) والأمريكيين الإيرانيين من بلادهم الأصل، هو ذاته موقف اللوبي الإسرائيلي واليهود في الولايات المتحدة الأمريكية تجاه إسرائيل، وأن المستقبل ينبئ بحضور وتأثير أكبر للوبي الإيراني في أمريكا خلال السنوات القادمة.