اعتقلت الشرطة
الجزائرية، الخميس، ستة أشخاص بمنزل بمحافظة المسيلة، جنوب البلاد، عندما كانوا بصدد ممارسة طقوس شيعية دون ترخيص، وفق ما أعلنته السلطات.
ويأتي ذلك بعد أربعة أيام من اعتقال أربعة أشخاص في شرق البلاد بالتهمة ذاتها.
وأوردت مصالح الشرطة في مقاطعة سيدي عامر، بمحافظة المسيلة، الخميس، أن قوات منها "اعتقلت ستة أشخاص بالمقاطعة، كانوا يمارسون التعبد على الطريقة الشيعية ويحضرون لأداء صلاة الجمعة على طريقتهم داخل منزل". وأفاد بيان الشرطة أن "القبض على هؤلاء الأشخاص، جاء بعد تلقي معلومات مفادها أن أشخاصا من الطائفة الشيعية يعتزمون أداء صلاة الجمعة، داخل منزل".
ويحظر قانون ممارسة الشعائر الدينية، الذي صادق عليه البرلمان الجزائري، عام 2006 "إنشاء أماكن للعبادة دون رخصة من السلطات المختصة".
وداهمت قوات من الشرطة المنزل محل الشبهة، وألقت القبض على المشتبهين بخرق القانون، بمن فيهم صاحب المنزل الذي كان يؤمهم، وذلك بعد حصول الشرطة على إذن تفتيش من الجهات القضائية، كما تم حجز مجموعة من كتب ومطويات شيعية.
وقال مسؤول أمني رفيع المستوى، في تصريح لـ"
عربي21": "علمنا من خلال التحقيق مع المجموعة أنهم لا يؤدون صلاة الجمعة بالمساجد، بل بالمنزل الذين ضبطوا بداخله"، مضيفا: "المشتبهون اعترفوا بأن ارتباطهم بالشيعة كان من خلال إحدى القنوات الفضائية الأجنبية ومواقع التواصل الاجتماعي".
ويواجه الأشخاص المعتقلون تهما بتكوين "جماعة دينية متطرفة" و"إنشاء مكان للعبادة دون ترخيص" و"نسخ وتداول وتعليم فكر أجنبي متطرف"، بانتظار إحالتهم للمحاكمة.
وتلاحق مصالح الشرطة بالجزائر، مجموعات دينية تمارس التعبد على الطريقة الشيعية، في عديد محافظات البلاد منذ شهور.
وصرح وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري، محمد عيسى، مرات عديدة؛ أن بلاده لا تتسامح مع ظاهرة
التشيع التي تنامت بشكل واضح وسط الشباب بالجزائر.
وكانت مصالح الشرطة اعتقلت، الأحد الماضي، أربعة أشخاص بينهم فتاة، بمحافظة عنابة، شرق الجزائر، وهم يمارسون شعائر دينية "غير مرخص بها" بحسب مصالح الأمن التي اعتقلت الأشخاص الأربعة بعد مداهمة منزل بحي "بالاس دارم" وسط مدينة عنابة.
واعترف الموقوفون، أثناء التحقيق معهم، بأنهم مرتبطون بشبكات أخرى على مستوى الجزائر، كما اعترفوا بأنهم "يتلقون تعليمات من قيادات شيعية دولية، وأنهم يقومون بجمع الأموال وصبها بحسابات في باكستان والهند لبناء مساجد هناك"، بحسب ما أفاد به المصدر الأمني ذاته لـ"
عربي21".
"تمدد الخطر الشيعي"
من جانبه، حذّر بوعبد الله غلام، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر، من "تمدد الخطر الشيعي بالجزائر"، ودعا إلى "محاربة المد الشيعي وحماية المرجعية الدينية بالجزائر على منهاج السلف الصالح"، وفق قوله.
وقال بوعبد الله لـ"
عربي21": "ظاهرة التشيع أصبحت تمثل خطرا على الوحدة الوطنية بالجزائر، وعلى الجميع التكاثف من أجل محاربتها"، مشيرا إلى أن "أعشاش الخطر الشيعي معروفة لدى السلطات الجزائرية"، على حد قوله.
وسألت "
عربي21" بوعبد الله حول ما إذا كان "ضعف الخطاب الديني السني" بالجزائر قد فتح المجال للتشيع، فشدد على أن "الخطاب الديني يحتاج إلى أن يعي هذا الخطر، لكن يجب ألا يقابَل بطريقة فظة، وإنما بالتربية والتكوين، بداية من المدرسة والمسجد والمدرسة القرآنية، وقبل ذلك الأسرة".
وتزامن اعتقال الأشخاص الستة؛ مع إشراف وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري؛ على افتتاح ملتقى وطني بالعاصمة حول "دور الزوايا في تعزيز الوحدة الوطنية"، الخميس، حيث دعا محمد عيسى شيوخ الزوايا إلى العمل على "إفشال المحاولات التي تحاك ضد الجزائر، وعدم السقوط في لعبة التقسيم الطائفي".
وقال عيسى إن "مرجعية الأمة الجزائرية هي التي حررت البلاد من الاستعمار الفرنسي، ووحدت الكلمة عندما افترق الآخرون، ولم يكن للجزائر مذهب آخر عبر التاريخ غير مذهب أهل السنة والجماعة".
وفي 20 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قال عيسى للإذاعة الجزائرية إن "أتباع الطائفة الشيعية حاولوا مرارا فتح مقرات لهم بالجزائر وتحديدا بمحافظة البليدة، غرب العاصمة"، مضيفا: "وزارتنا مسؤولة كطرف مدني عن هذه التجاوزات لذلك قررت مقاضاة أتباع هذه الطائفة".
وبسبب قانون ممارسة الشعائر الدينية، وجهت المنظمات الدولية للدفاع عن حرية المعتقد، انتقادات للحكومة الجزائرية. كما انتقد تقرير للخارجية الأمريكية الخاص بعام 2015، والذي أصدرته شهر آب/ أغسطس من العام الحالي، ما أسماه "تضييق الحكومة الجزائرية على الأقليات الدينية".
لكن الجزائر ردت على التقرير الأمريكي، على لسان وزير الشؤون الدينية يوم 13 آب/ أغسطس، حيث قال عيسى إن "الشأن الديني، شأن جزائري خالص ولا نحتاج لأي جهة تملي علينا دروسا".
ونبه عيسى إلى أن "انفتاح الجزائر على الآخر لا يعني تفسخها وانحلالها عن دينها"، مشيرا إلى أن "السلبيات التي ذكرها التقرير الأمريكي راجعة لكون الثقافة الأمريكية لم تفهم الثقافة الجزائرية بشكل جيد، فأرضنا أرض إسلام وأرض السنة والوسطية وحوار الحضارات"، وفق قوله.